بيرام: الشجرة.. والثمرة / محمد عبد الله محمدو

أحد, 01/04/2015 - 12:45
بيرام ولد الداه ولد اعبيدي

تتواصل محاكمة بيرام ولد الداه ولد اعبيدي بروصو ولا يتوقع لها أن تنتهي قبل منتصف يناير 2015 وقد تنتهي بحكم يدخل القضية مسارات أخرى.. الاستحالة الخوض في موضوع بين يدي القضاء من الناحية القانونية سندلي بدلونا في مستنقع كدرته الدلاء من زوايا أخرى، فبرام ثمرة غير طبيعية لشجرة تكاد تحجب غابة الغبن الاجتماعي في موريتانيا الذي لا لون له ولا فئة لأنه طال الجميع خلال خمسينية الاستقلال الوطني، وبيرام بصورة أخص هو ثمرة لطموح شخصي ولنهم جامح للأضواء والشهرة والمال اذكته آلية وصول الآخرين الشرعية وغير الشرعية إلي هذه المقامات، فبالنسبة له في قرارة نفسه كل الغاية تبرر الوسيلة.

وفي اعتقادي أن هذا النوع من الظواهر وهو موجود على كل المستويات في مجتمعنا يتطلب مواجهة تربوية وقائية وعلاجية سياسية واقتصادية وأمنية تشاركية لاتقصي أحدا تعالج الاختلالات من جذورها وتفتح جسور اللحمة المبتورة بين المشيطنين والمقدسين فكلهم مخطئ وكلهم على ضلالة واخشي أن يكتوي كلهم أو معظمهم بنار الدنيا وعذاب الأخرة، فالحقيقة الاجتماعية ليست حكرا على هؤلاء او أولئك إنها فينا وحولنا وأمامنا جميعا نصل إليها بانفتاح وديمقراطية وبروح مواطنة يفترض أن تكون مفعمة بالمسؤولية.

أعود إلي موضوع الشجرة والثمرة فالشجرة هي الحرمان الاجتماعي المدمر والغبن الهائل الذي أحدثته الاصلاحات الهيكلية الاقتصادية  حين تخلت الدولة عن كل شيء لقطاع خاص طفيلي لا يجيد إلا السمسرة والاحتكار وتركت الشعب يواجه أوضاعا في غاية الصعوبة، أما الثمرة أو الثمار الفاسدة فهي تظهر كل حين وتذبل لتتعفن، لكنها هذه المرة مزعجة ومخترقة من الخارج ومن الداخل.

لقد فشل الموريتانيون حتي الساعة رغم ذكائهم الفطري في إيجاد حكامات تشاركية لإدارة انتقال السلطة بصورة سلمية مدنية وتوزيع الثروة بصورة عادلة مما جعل شجرة الفقر والحرمان تحجب غابة آمال الموريتانيين وتكاد تسد الأفق.. وهذا لعمري منبت كل الثمار الفاسدة التي لم يكن برام اولها ولن يكون آخرها.

دعونا ياسادة ياكرام نقوم بمراجعات جذرية ومؤلمة لواقعنا الاجتماعي والسياسي والاقتصادي ولكل مرجعياتنا المتغيرة فنغير ما بأنفسنا أولا ونصلح ذات بيننا ونتداعى إلي مواطنة سواء بيننا جميعا.. دعونا لا نقتصر على المعالجات الأمنية والقضائية الآنية بل نسندها بمعالجات جذرية أخرى تغربل وتميز كل أوجه الحياة الوطنية على كل الأصعدة.. دعونا نتجاوز الخوف ونتجاوز الهواجس.. نتجاوز الشيطنة والعذيطة السياسية ونصغي للغة العقل والإنصاف فخطوبنا أجل وأعظم من هرطقات برام وولد امخيطير ومن علي شاكلتهم ومن دونهم من المرجفين في المدن والأرياف..!! دعونا لا نلدغ من جحر لدغ منه أشقاء لنا في المشرق والمغرب فأرداهم في أوضاع مميتة ومخيفة..!! دعونا نستخدم الوقت بدل الضايع لتلافي ما يمكن تداركه فما يزال هنالك أمل للعبور الآمن نحو موريتانيا أخرى تتسع للجميع وتبني بسواعد الجميع وبعقولهم وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.

     محمد عبد الله محمدو 

[email protected]