.jpg)
على اية حال اعاد رواية قصة طويلة على مسمعي:
انا لست مثل ....... انه نمر وذو مزاج ناري لا استخدم طرفا لا انسانية لدي اساليبي الخاصة واضاف اريد ان اخبرك شيئا عن تاريخ امريكا وعن قصة حربهم المناهضة للارهاب.
كان......... مباشرا في كلامه وتنويريا بدأ بالتاريخ الأمريكي والبيوريتانيين التطهريون الذين عاقبوا حتى الابرياء بالغرق وانتهى بالحرب على الارهاب ثم قال:
لا يوجد معتقل واحد بريء في هذه الحملة فاما ان تتعاون معنا وبالتالي سنعاملك افضل معاملة او سنرسلك الى كوبا.
ماذا كوبا انا لا اتكلم الاسبانية وانتم تكرهون كوبا استفسرت.
نعم ولكن لدينا مقاطعة أمريكية في غوانتانامو.
اخبرني عن تيدي وروزفلت وامور اخرى من هذا القبيل استنتجت أنهم سيبعدونني اكثر فاكثر عن البيت فانتابني شعور بالكراهية حيال ذلك.
لماذا سترسلونني الى كوبا.
لدينا خيارات اخرى مصر والجزائر مثلا ولكننا نرسل اسوأ الناس فقط الى هذين المكانين اكره ارسال الناس الى هناك لأن جميع المعتقلين يمرون بتجارب تعذيب مؤلم.
ارسلوني الى مصر اذا.
هل انت متأكد بانك لا تريد الذهاب الى كوبا في كوبا يتعاملون بانسانية مع السجناء ولديهم امامان والمعسكر تديره وزارة العدل وليس الجيش.
ولكني لم ارتكب جرائم بحق بلدكم.
انا اسف ولكن حسبك ان تفكر بالامر كما لو انك مصاب بالسرطان.
هل سيتم ارسالي الى المحكمة.
ليس في المستقبل القريب ربما بعد ثلاث سنوات أو حتى اكثر وذلك عندما ينسى شعبنا هجمات الحادي عشر من سبتمبر.
ثم مضى ........ يتحدث عن حياته الخاصة ولكني لا ارغب في تدوينها هنا.
خضت جلستين اخريين مع .......... بعد ذلك سألني بعض الاسئلة وحاول خداعي وذلك بذكر اشياء مثل قال انه يعرفك متحدثا بلسان اشخاص لم اسمع بهم قط.
اخذوا عنوان بريدي الالكتروني وكلمة السر سألني ايضا عن ................ الذي كان حاضرا في باغرام ليستجوبني ولكنهم رفضوا ذلك بحجة ان قانون ............. يمنعهم من استجواب الغرباء خارج البلد.
كان يسعى طوال الوقت الى اقناعي بالتعاون معه حتى يكون بمقدوره حمايتي من السفر الى كوبا بصراحة فضلت الذهاب الى كوبا اكثر من البقاء في باغرام قلت له:
ليحدث ما يحدث لا اعتقد انني قادر على تغيير شيء اجبت ....... الى حد ما.
لا تفهموني خطأ لقد كان محققا جديرا بالازدراء ولكنه كان يحدثني على الاقل وفقا لمستواي الثقافي طلبت من .......... ان يضعني في الزنزانة مع بقية السجناء كاشفا له عن جروحي التي سببتها الاسلاك الشائكة وافق......... على طلبي. في باغرام يستطيع المحققون ان يفعلوا بك ما يشاؤون انهم السلطة العليا والشرطة العسكرية هي في خدمتهم واحيانا كان يقدم لي .............. مشروبا وانا من جهتي كنت اقدر ذلك وخاصة مع الوجبات الغذائية الجاهزة الباردة التي كنت آخذها وكان يقدم لي الخبر مع كل وجبة.
لقد اوصلت بريدي الالكتروني سرا الى المعتقلين الآخرين.
ذات ليلة قدمني ......... الى محققين عسكريين سألاني عن مؤامرة الالفية كانا يتحدثان بلغة عربية ركيكة وكانا عدوانيين تجاهي منعاني من الجلوس وهدداني بكل الاشياء ولكن ........ كان يكرههما واخبرني في ..............:
اذا اردت التعاون تعامل معي فان هؤلاء الرجال الذين ينتمون الى المخابرات العسكرية مي لا يعتبرون شيئا.
شعرت انني في مزايدة علنية في مزاد أي وكالة تقوم بالدفع اكثر.
كنا نخرق القوانين دائما فمن بين مجموع السجناء كنا نتحدث نحن مع جيراننا وجيراني كانوا ثلاثة:
أحدهم كان مراهقا افغانيا تم اختطافه وهو في طريقه الى الامارات العربية المتحدة.
كان يعمل هناك لذا فقد كان يتحدث العربية بلغة خليجية. كان مسليا جدا وقد اضحكني حتى انني نسيت كيف مرت علي الاشهر التسعة بصحبته كان يقضي العطل مع اسرته في افغانستان ثم يذهب الى ايران ومن هناك يذهب بسفينة الى الامارات ولكن السفينة اختطفت من قبل الولايات المتحدة الامريكية واعتقل من كان على متنها من المسافرين وهو من بينهم.
وجاري الثاني كان شابا موريتانيا في الحادية والعشرين من عمره ولد في نيجيريا وانتقل الى المملكة العربية السعودية لم يعش قط في موريتانيا ولم يكن يتكلم اللهجة الموريتانية وان لم يعرفك على نفسه فستعتقد انه سعودي.
وجاري الثالث كان فلسطينيا من الاردن واسمه ............. اعتقل وعذب على يد زعيم قبائلي افغاني وبقي في اسرهم مدة سبعة اشهر لقد اراد مختطفوه المال من عائلة ............. والا سيتم تسليمه الى الامريكان مع ان الخيار الاخير كان الاقل احتمالا لان الولايات المتحدة الامريكية كانت تدفع مبلغ خمسة آلاف دولار فقط مقابل كل رأس ما لم يكن رأسا كبيرا. رتبت العصابة كل شيء مع عائلة ........ بخصوص الفدية ولكن .......... تمكن من الهرب من اسره في كابول هرب الى جلال آباد حيث وقع بسهولة في الفخ هناك كمجاهد عربي وتم القبض عليه وسلم للامريكيين اخبرت ......... بانني كنت في الاردن ويبدو انه كان مطلعا على اجهزة الامن الاردنية فقد كان يعرف جميع المحققين الذين حققوا معي لان .............. بنفسه قد قضة خمسين يوما في السجن الذي كنت فيه.
عندما كنا نتكلم كنا نغطي رؤوسنا حتى يظننا الحراس نياما وهكذا نتحدث حتى التعب أخبرني جيراني باننا في باغرام بافغانستان ولكني اخبرتهم بدوري بانهم سيرحلوننا الى كوبا ولكنهم لم يصدقوني.
في ........... اغسطس 2002 حوالي الساعة العاشرة صباحا ظهرت وحدة عسكرية من مكان ما بعض منهم كانوا يحملون البنادق في ايديهم.
كانت عناصر الشرطة العسكرية المسلحة توجه بنادقها نحونا من الطابق العلوي والآخرون كانوا يصرخون:
انهضوا انهضوا.
اصبت بالذعر ومع ذلك توقعت ان يتم ترحيلنا في وقت ما من ذلك اليوم لم ار عرضا كهذا من قبل.
نهضنا واقفين واصل الحراس اعطاء الأوامر:
ممنوع الكلام... لا تتحركوا... سأقتلكم... انا جاد.
اجتاحتني الكراهية عندما طلب ............ من فلسطين ان يستخدم المرحاض وقوبل طلبه بالرفض من قبل الحراس.
لا تتحرك.
كنت اريد ان اقول له: الا تستطيع ان تنتظر قليلا؟ ولكن مشكلة ............. انه كان مصابا بالزحار (الديزنطاريا) ولم يستطع تحمل ذلك لقد تعرض ......... للتعذيب على يد الزعيم القبائلي للحلف الشمالي اخبرني .......... انه سيستخدم المرحاض على اية حال وقد فعل ذلك متجاهلا الحراس الصارخين توقعت في اية ثانية اطلاق رصاصة تجاهه ولكن ذلك لم يحدث كان المرحاض داخل زنزانتنا المشتركة كان ايضا برميلا مفتوحا وكان السجناء المعاقبون ينظفونه يوميا فقد كان مقرفا وتفوح منه رائحة كريهة واخزة وباعتباري من بلد في العالم الثالث فقد شاهدت الكثير من المراحيض غير النظيفة ولكنها لا تقارن البتة بمراحيض باغرام.
بدأت ارتعش من الخوف اقترب احد عناصر الشرطة العسكرية من زنزانتنا وبدأ ينادي الاسماء أو بالاحرى الارقام ارقام الذين سيتم نقلهم نودي على كل الاسماء في زنزانتي حيث كان العرب ماركة سيئة.
لم يصدقني الاخوة حين اخبرتهم بنبأ تسفيرهم الى كوبا اما الآن فقد تأكد لي الامر على نحو لا يدعو للشك فنظرنا الى بعضنا البعض وابتسمنا اقترب العديد من الحراس من البوابة ومعهم حزمة من السلاسل والاكياس ومواد اخرى شرعوا بمناداتنا واحدا تلو الآخر طالبين من كل معتقل الاقتراب من لابوابة حيث يوضع في السلسلة.
صرخ أحد الحراس ............. تقدمت نحو البوابة مثل نعجة تقاد الى جزارها عند البوابة صرخ الجندي:
استدر لايدان الى الخلف ففعلت ما طلب مني.
عندما مررت يدي من الشراقة فتحة باب الزنزانة خلف ظهري امسك احد الحراس بابهامي واحنى رسغي:
الى اين ايها الممحون ساكسر يدك.
وراح حارس آخر يضع يدي وقدمي في سلسلتين منفصلتين ثم غطى رأسي بكيس لئلا ارى شيئا كانت البوابة مفتوحة دفعني احدهم بخشونة فاصطدمت بظهر معتقل آخر كان في الصف رغم اني تألمت جسديا ولكني شعرت بعزاء نفسي عندما لامست دفء آدمي يعاني ما اعانيه.
ارتفع مستوى العزاء أكثر عندما رمي .......... مصطدما بظهري لم يكن يعرف العديد من السجناء ما الذي يريده منهم الحراس وهذا ما كان يفاقم من المهم.
كنت محظوظا بالكيس الذي كان في راسي لانه منعني من رؤية الاشياء السيئة التي كانت تحدث من حولي ودفعني الى التفكير باحلام اليقظة التي راودتني على نحو افضل وبزروف افضل الحمد لله فلدي القدرة على تجاهل محيطي وان احلم في اليقظة بالاشياء التي اتمناها لنفسي.
كان من المفترض أن نكون ملاصقين لبعضنا بعضا كان التنفس صعبا كنا اربعة وثلاثين معتقلا جميعهم كانوا عربا عدا معتقلا واحدا كان افغانيا وآخر كان من جظر المالديف.
عندما وضعونا في الصف ربطونا بحبل من الجزء الأعلى من اذرعنا كانت عقدة الحبل محكمة الى درجة توقف معها دوران الدم فتخدر ذراعي بالكامل.
امرونا بالنهوض ومن ثم جرونا الى مكان اخر لتكملة الاجراءات.
كرهت ذلك لأن ............. ظل يدوس على سلسلتي حتى جرحتني جرحا بليغا بذلت قصارى جهدي حتى لا ادوس على الرجل الذي كان يمشي امامي. الحمد لله ان المسافة كانت قصيرة. كان المكان الذي قصدناه في المبنى ذاته حيث اجلسونا على مقاعد طويلة جنبا الى جنب شعرت ان المقاعد تشكل دائرة.
بدأت الحفلة باكساء المسافرين بالملابس. حصلت على سماعتي الاذنين اللتين منعتاني من سماع الاصوات لقد سببا لي صداعا مؤلما كان الجهاز ضيقا للغاية مما سبب نزفا في الجزء الاعلى من اذني لمدة يومين وكانت يداي مربوطتين بخاصرتي من الامام ثم بسلسلة تمتد حتى قدمي لقد ربطوا رسغي بقطعة من البلاستيك القاسي طولها ست بوصات بعد ذلك الزموني بارتداء قفازات سميكة كان الامر مزعجا حاولت ايجاد طريقة احرر بها اصابعي ولكن الحراس ضربوني على يدي لمنعي من تحريكهما. زادنا الوضع ارهاقا وبدأ الناس يتأفقون تذمرا كان احد الحراس ينزع احدى سدادتي اذني بين الفينة والأخرى ليهمس لي بعبارة ثبطة للهمة: تعرف انك لم ترتكب أي خطأ ولكن امك واباك ارتكبا ذنبا عندما انجباك ذرية لهما. ستستمتع الآن بالركوب الى الفردوس الكاريبي يا ساقط. مل ارد على أي من هذه الاقوال الاستفزازية متظاهرا بعدم فهمي ما يقوله اخبرني معتقلون اخرون انهم تعرضوا ايضا للاهانة نفسها ولكنهم كانوا محظوظين اكثر مني لعدم فهمهم الانكليزية كليا.
تبدد قلقي عندما حصلت على حذاء للتنس من صنع الصين ولكنهم وضعوا نظارات شمسية بشعة على عيني كنوع من عصابة للعينين حيث تم ربطها فوق الاذنين وحول الرأس كانت شبيهة بالنظارات المخصصة للسباحة واذا ما اردت ان تتعرف على طبيعة الالم قم بوضع نظارات قديمة حول رأسك واربطها باحكام وابق في تلك الوضعية مدة ساعتين لا يخامرني ادنى شك بأنك ستزيلها تصور الآن أن تلك النظارات مربوطة حول رأسك ولأكثر من اربعين ساعة وللتأكد من ارتدائي ما قدموه لي من اشياء وضعوا رقعة لاصقة بذلك خلف اذني.
في لحظة ما من فترة الاجراءات المتبعة لترحيلنا اجروا لنا فحصا لتجاويف الجسم لنصبح مضحكة للحراس وتعليقاتهم كرهت ذاك اليوم الذي تعلمت فيه مفرداتي التعيسة في اللغة الانكليزية في مثل هذه المواقف ستكون حالك افضل لو لم تفهم الانكليزية لم يتحدث الكثير من المعتقلين عن ذلك الفحص الذي اخضعنا له وكانوا يبدون استياءهم وغضبهم عندما تبدأ بالحديث عنه شخصيا لم اكن اخجل من ذلك.
اعتقد ان الذين قاموا بهذا الفحص بدون وجود دواع مستحقة لذلك يجب أن يخجلوا من انفسهم.
ازددت مرضا وتعبا واحباطا وجوعا وقرفا وما شابه من الصفات في القاموس ولم اكن الوحيد في ذلك اعطونا قيودا بلاستيكية لليد تحمل ارقاما عليها وكان رقمي هو 760 والتالي من بعدي .................. بامكانكم القول ان مجموعتي كانت ارقامها التسلسلية تبدأ من الرقم 700.
استخدم المرحاض مرتين ولكني حاولت الا استخدمه ذهبت اليه اخيرا في فترة ما بعد الظهيرة ربما كانت الساعة حوالي الثانية بعد الظهر.
هل تحب الموسيقى سألني أحد الحراس الذي رافقني الى هناك عندما بقينا وحدنا.
نعم احب الموسيقى.
أي نوع من الموسيقى؟
الموسيقى الجيدة!
روك أند رول الكنتري؟
في الواقع لم تكن هذه الانواع من الموسيقى مألوفة لي اعتدت الاستماع الى الاذاعة الالمانية بانواعها المختلفة من الموسيقى الغربية ولكني لم اكن استطيع تمييز الانواع عن بعضها بعضا.
استمع الى كل انواع الموسيقى الجيدة.
وكانت نتيجة تجاذب اطراف الحديث الطيب هذا هي انه ازال العصابة عن عيني فاستطعت ان اقوم بمهمتي في الحمام بعناية اصبحت الامور صعبة للغاية بعد ان لفوا اجسادنا بالسلاسل اعادني الحارس الى مكاني ووضعني برفق على المقعد لانتظر مع الآخرين مدة ساعتين حتى صدور قرار بحقنا كنا قد جردنا من حق اداء فروض الصلاة في الساعات الثماني والاربعين القادمة.
بدأنا الانتقال الى المطار في حوالي الرابعة مساء كنت حينئذ حيا ميتا لم تكن قدماي قادرتين على حملي بعد فاضطر الحراس لجري طوال المسافة الممتدة بين باغرام وغوانتانامو.
حملونا في شاحنة من اجل نقلنا الى المطار استغرقت المسافة الى هناك بين خمس وعشر دقائق كنت سعيدا مع كل حركة جديدة علني استغل الفرصة لاغير وضعية جسمي لان ظهري كان يقتلني الما. حشرنا في الشاحنة كتفا الى كتف ووركا الى ورك ولسوء الحظ وضعوني في مواجهة مؤخرة الشاحنة كرهت ذلك لانه يسبب لي الدوار كانت الشاحنة مجهزة بمقاعد قاسية فجلس المعتقلون فيه ظهرا الى ظهر اما الحراس فقد جلسوا في آخر المقعد وهم يصرخون:
ممنوع الكلام
لا اعرف كم عدد الاشخاص الذين كانوا في الشاحنة ولكن كل ما اعرفه هو ان شخصا جلس على يميني وآخر على يساري والثالث قبالة ظهري انه لامر مواس للنفس نوعا ما ان يمنحك اصدقاؤك المعتقلين دائما شعورا جميلا بالدفء.
بدا وصولنا الى المطار واضحا بسبب ضجيج محرك الطائرة الذي كان يخترق سدادة الأذن تحركت الشاحنة من الخلف حتى لامست الطائرة عندها صرخ الحراس بلغة لم استطع تمييزها وبدأت اسمع ارتطام الجساد البشرية بارضية الطائرة امسك حارسان بمعتقل ورموه نحو حراس آخرين كانوا على متن الطائرة صائحين:
ادرجوه.
ورد الحراس المستقبلين مؤكدين استلامهم الطرد وحينما جاء دوري امسك بي حارسان من اليدين والقدمين ورمياني الى الفريق المتلقي لا اعرف اذا ما كنت قد وقعت على الارضية ام ان الحراس تلقفوني كنت قد بدأت افقد الاحساس بالاشياء لذا كان كلا الامرين سيان.
سحبني فريق آخر في الطائرة وثبتوني على مقعد صغير مستقيم كان الحزام الذي ربطوني به محكما الى درجة اني لم استطع التنفس الا بصعوبة وكان هواء المكيف يسعفني مباشرة.
وبينما كان احد عناصر الشرطة العسكرية يربط قدمي بقفل على الارضية كان يصيح:
لا تتكلموا... لا تتحركوا...
لم اكن اعرف كيف اقول بالانكليزية مشدود ناديت الشرطي:
الحراس.
لم يأت لمساعدتي. كدت اختنق. كان هناك قناع على أنفي وفمي فضلا عن الكيس الذي كان يغطي رأسي ووجهي ناهيكم عن الحزام المشدود حول معدتي كان التنفس مستحيلا واصلت مناديا الشرطي:
يا شرطي... يا سيد... لا استطيع التنفس... يا شرطي... يا سيد... من فضلك. ولكن ما من مجيب بدا كما لو ان ندائي ورجائي ضاعا في صحراء مترامية الاطراف.
وبعد دقيقتين سقط ............ بجانبي على اليمين لم اتأكد ما اذا كان هو ولكنه اخبرني فيما بعد بانه احس بوجودي الى جانبه وكلما كان الحراس يسوون نظاراتي على عيني كنت اتمكن من رؤية الاشياء قليلا رأيت قمرة الطائرة التي كانت امام ورأيت بزات الحراس المرافقين العسكرية الخضر ورأيت ايضا شبح اصدقائي المعتقلين على ميمنتي وميسرتي.
ناديت مرة اخرى:
يا سيد من فضلك حزامي يوجعني.
وعندما توقفت صيحات الحراس ادركت ان المعتقلين قد اصبحوا على متن الطائرة كررت ندائي:
يا سيد من فضلك... الحزام.
استجاب احد الحراس اخيرا لاستغاثتي ولكنه لم يساعدني انما راح يشد الحزام اكثر على بطني.
بات الان تحمل الالم فوق طاقتي شعرت انني اموت لم اقو على طلب المساعدة بصوت اعلى يا سيد لا استطيع التنفس.... جاء احد الجنود وارخى الحزام قليلا لكنه لم يصل الى حد الراحة الا انه كان افضل من لا شيء على اية حال.
انه لا يزال مشدودا لقد تعلمت الكلمة عندما سألني هل هو مشدود هذا كل ما يمكنك الحصول عليه عندها تخليت عن طلب الراحة للتخلص من شد الحزام ولكني قلت لا استطيع التنفس واشرت الى انفي ظهر احد الجنود وازال القناع عن انفي اخذت نفسا عميقا فشعرت بالراحة في الحال يا لشقائي عاد الجندي ووضع القناع على انفي وفمي يا سيد لا استطيع التنفس.. يا شرطي..يا شرطي... جاءني الشخص نفسه ولكنه بدلا من ازالة القناع عن انفي اخرج السدادة من اذني وقال انس الموضوع وسرعان ما اعاد السدادة الى مكانها كان الامر صعبا ولكنها كانت الطريقة الوحيدة لتفادي الاختناق كان الرعب يحوم من حولي بالكاد كنت احصل على قليل من الهواء والطريقة الوحيدة للبقاء على قيد الحياة كانت باقناع الدماغ بالمقدار الضئيل الذي يحصل عليه من الهواء.
كانت الطائرة في الجو عندما صرخ احد الحراس في اذني سأعطيك الآن بعض الدواء انت مريض جعلني ابتلع حفنة من الحبوب ثم اعطاني تفاحة وشطيرة من زبدة الفول السوداني وكانت هذه وجبتنا الولى منذ ان بدأت اجراءات الترحيل.
لقد كرهت زبدة الفول السوداني منذ ذلك الحين لم تكن لدي شهي لتناول أي شيء ولكني تظاهرت بتناول الشطيرة حتى اتفادى اذى الحراس حاولت دائما تفادي الاحتكاك مع هؤلاء الحراس القساة اخذت لقمة من الشطيرة واحتفظت بالبقية في يدي حتى لم ير الحراس النفاية اما التفاحة فكان اكلها شيئا من قبيل الخدعة طالما ان يدي في القفازات وكانتا مربوطتين الى خاصرتي ضغطت على التفاحة بين يدي واحنيت رأسي نحو خاصرتي كبهلوان لاخذ قضمة من التفاحة انتهت التفاحة بزلة واحدة وحاولت ان انام ولكن باءت محاولاتي كلها بالفشل لشدة تعبي وارهاقي.
ثم ان المقعد كان مرفوعا كقوس وقاسيا كحجر.
هبطت الطائرة بنا بعد رحلة دامت خمس ساعات تقريبا وبدأوا بنقل هياكلنا الى طائرة اخرى ربما كانت اكبر حجما كان الوضع في الجو مستقرا كنت سعيدا بكل جديد أي جديد مهما كان املا بتحسين وضعي ولكني كنت مخطئا لم تكن الطائرة الجديدة افضل كنت اعرف ان كوبا بعيدة جدا ولكن لم تكن تقديراتي بانها بذلك البعد ونحن على متن الطائرة الامريكية الفائقة السرعة.
في لحظة ما فكرت بان الحكومة الامريكية تريد ان تفجر الطائرة فوق المحيط الاطلسي ومن ثم تعلن بانها كانت حادثة بما ان جميع المعتقلين قد تم استجوابهم مرات عديدة ولم يكن تفكيري بهذه الخطة سو جزء يسير من مخاوفي هل حقا يخيفني الم الموت الخفيف وانا مفعم بالامل برحمة الله بعد الموت لابد ان العيش تحت رحمة الله افضل بما لا يقاس من العيش تحت رحمة الولايات المتحدة.
يبدو أن الطائرة كانت متجهة نحو مملكة بعيدة جدا كنت اشعر بانخفاض وزني مع كل دقيقة تمر ثم تخدر جسمي اتذكر انني طلبت الذهاب الى الحمام فجرني الحراس الى ذاك المكان ودفعوني الى داخل غرفة صغيرة وانزلوا سروالي لم استطع قضاء حاجتي بسبب حضور شخص اخر معي ولكني تمكنت بعد جهد كبير من الضغط ان اخرج بعض الماء اردت ان اصل فحسب لا يهمني الى اين فاي مكان آخر سيكون افضل من هذه الطائرة.
لا اعرف المدة التي استغرقتها الطائرة حتى هبطت اخيرا في كوبا تحركوا توقفوا لم اقو على المشي لان قدمي لم تكونا قادرتين على حملي لاحظت انني فقدت احدى فردتي حذائي في مكان ما صرخ الحراس بعد ان فتشوا داخل الطائرة تفتيشا كاملا تحركوا لا تتكلموا الرأس الى الاسفل اخطوا فهمت فقط لا تتكلموا ولكن الحراس كانوا يجرجرونني على اية حال وفي داخل الشاحنة صرخ الحراس اجلسوا صالوا ارجلكم لم افهم الجزء الاخير من الكلام ولكنهم وضعوا قدمي في الوضعية التي ارادوها. الرأس الى الاسفل نادى احدهم دافعا برأسي كفروج نحو مؤخرة معتقل اخر كان هناك صوت انثوي يصرخ على امتداد الطريق الى المعسكر ممنوع الكلام وصوت ذكوري لا تتكلموا ومترجم عربي .............. ابقوا رؤوسكم منخفضة الى الاسفل انزعجت كليا من الطريقة الامريكية في الكلام بقيت طويلا على تلك الحال حتى التقيت امريكيين جيدين كنت افكر كيف انهم يعطون الاوامر بطريقتين مختلفتين لا تتكلموا وممنوع الكلام... كان ذلك مثيرا.
كانت السلسلة في تلك الفترة تقطع الدم عن قدمي تنملت قدماي كنت اسمع بكاء وانين المعتقلين الآخرين كان الضرب هو نظام الرحلة لم استثني ظل الحراس بضرب رأسي ويضغط عليه ويضغط رقبتي باتجاه الجزء القصي لمعتقل آخر ولكني لم المه بقدر ما لمت ذاك المعتقل المسكين المتألم الذي كان يبكي ويظل يتحرك لذا كنت ارفع رأسي على الدوام.
واخيرا وصلنا بعد ساعة الى الارض الموعودة وبالرغم من كل الالم الذي عاينته كنت سعيدا الان لان الرحلة اصبحت جزءا من الماضي يقول الحديث النبوي السفر قطعة من العذاب لاشك أن هذه الرحلة كانت قطعة من العذاب وكان قلقي في هذه اللحظة هو كيف سأقف اذا ما طلب مني ذلك كنت مشلولا تماما.
امسك بي حارسان وصرخا انهض حاولت النهوض ولكني فشلت لذا جراني ورمياني خارج الشاحنة.
غمرتني شمس كوبا الدافئة بجمال ورشاقة مما خلق لدي شعورا جميلا بدأت الرحلة .............. في الساعة العاشرة صباحا ووصلنا كوبا في الساعة الثانية عشرة او الواحدة بعد منتصف الليل تقريبا. ................... وهذا يعني اننا قضينا اكثر من ثلاث عشرة ساعة في طائرة باردة جدا كنت اكثر حظا من الاخ ............... الذي تجمد كليا حدث ان طلب من الحراس ان ينخفض درجة برودة المكيف في الطائرة. لكن الحارس لم يكتف بعدم تلبية طلبه بل راح ينقعه بالماء طوال مسافة الطريق الى كوبا اضطر الاطباء ان يضعوه في غرفة دافئة جدا من اجل ان يعود الى وضعه الطبيعي.
اخبرنا: عندما اشعلوا النار قلت لنفسي ها انهم قد بدأوا التعذيب ضحكت عندما روى قصته في الـ................ ي صباح اليوم التالي.
استطيع القول انهم استبدلوا طاقم الحرس بطاقم افضل. اعتاد القديم ان يقول الماء اما الطاقم الجديد فكان يقول.... الطاقم القديم كان يقول انهض في حين يقول الطاقم الجديد ........ وكانت اصوات الطاقم القديم عالية اكثر من اللازم.
واستطيع القول ايضا ان المعتقلين قد بلغوا الحد النهائي لالامهم ولم اكن اسمع انينهم كان هناك افغاني بجانبي يبكي صوت عال ويستغيث طالبا المساعدة ................ كان يتحدث بالعربية يا سيد كيف تستطيع ان تفعل هذا بي ارجوك خلصني من المي ايها المحترم ولكن احدا لم يكلف نفسه بالقاء مجرد نظرة عليه كان الرجل مريضا منذ ان كنا في باغرام وجدته في الزنزانة المجاورة لزنزانتنا كان يتقيأ طوال الوقت شعرت بالحزن الشديد عليه لكنني ضحكت في الوقت ذاته هل ل كان تصدق هذا نعم لقد ضحكت بغباء ضحكت ليس عليه وانما على الموقف في البداية خاطبهم بالعربية حيث لم يفهمه أي من الحراس وفيما بعد ناداهم بالرجال المحترمين التسمية التي ليس لهم فيها أي نصيب.
لقد استمتعت في البداية باشعة الشمس ولكن حرارتها ارتفعت بمرور الوقت بدأت اتعرق مع شعور بالارهاق الشديد من وضعية التركيع التي اضطررت البقاء فيها حوالي ست ساعات كان احد الحراس ينادي بين فينة واخرى: تريدون الماء تحتاجون الماء لا اتذكر اني طلبت الماء ولكني على الارجح طلبته كان عصابة العينين لا تزال ملتصقة بي ولكن ابتهاجي هو ان اكون في سجن تأديبي مع اناس اخرين يمكن التواصل اجتماعيا معهم في مكان لا يوجد فيه تحقيق او تعذيب.
نسيت المي في غمرة هذا الابتهاج وربما ايضا لانني لا اعرف كم سيطول هذا الاحتجاز ولهذا لم افتح فمي باي شكوى اوتذمر في حين كان الكثير من الاخوة من حولي يتذمرون وحتى يبكون اعتقد انني وصلت الى حد الالم النهائي منذ وقت طويل قبل الآن.
كنت شبه ميت في الوقت الذي تمت فيه الاجرءات المتعلقة بفحصنا كانت الاولوية للاشخاص الذين تأذوا كثيرا على متن الطائرة مثل ................. واخيرا سحبني حارسان من المرافقة الى عيادة الطبيب هناك جردوني من الملابس فاصبحت عاريا تماما ومن ثم دفعوني الى تحت الدوش المفتوح اخذت الدوش بالقيود وعلى مرأى من الكل اخوتي والاطباء والجنود.
ان الاخوة الذين سبقوني كانوا لا يزالون عراة تماما كان الامر كريها ومع ان الدوش كان مهدئا فانني لم استمتع به نشفني الحراس ثم اخذوني الى الخطوة التالية خضع جميع المعتقلين للفحص الطبي حيث اخذوا المعلومات عن الوصف البيولوجي لكل شخص اطوالهم واوزانهم واثار الندب على اجسادهم وجربوا التحقيق الاول داخل العيادة.
كان المشهد كخط لانتاج السيارات سرت على خطى الذي سبقني وهو على خطى الذي سبقه وهلم جرا، سألني الممرض الشاب:
هل لديك اية امراض معروفة؟
نعم العصب الوركي وهبوط غير سوي في ضغط الدم.
أي شيء آخر؟
هذا كل شيء.
اين اعتقلوك؟
لم افهم اجبت كرر الطبيب سؤال الممرض ولكني لم افهم ايضا. كان يتكلم بسرعة كبيرة.
عندئذ قال الطبيب لا بأس اومأ لي احد الحراس بوضع احدى يديه على الاخرى عندها فهمت سؤال الطبيب.
اعتقلوني في بلدي.
ومن أي بلد انت؟
موريتانيا.
اجبت على سؤاله في الوقت الذي كان الحراس يسحبونني الى الخطوة التالية من المفترض ان لا يحقق الاطباء مع المعتقلين ولكنهم يفعلون ذلك على اية حال استمتعت بالحديث مع الجميع بغض النظر النظر اذا ما كانوا يخترقون القوانين ام لا.
كان الجو باردا داخل المستشفى الذي كان مكتظا بالناس منيت نفسي بالعزاء عندما رأيت المعتقلين الآخرين الذي يعانون كما اعاني وخاصة عندما البسونا بذلات برتقالية اللون كان المحققون متنكرين بين الاطباء لجمع المعلومات.
سألني مدني عجوز من بقايا استخبارات الحرب البادرة هل تتكلم الروسية؟ لقد حقق معي هذا الشخص مرتين فيما بعد واخبرني انه كان يعمل ذات يوم مع......... وهو زعيم مجاهدي في افغانستان اثناء الحرب مع السوفيت اعتاد كما يتطلب الواجب ان يسلم المعتقلين الروس الى الولايات المتحدة واخبرني قائلا: أنا من حقق معهم هم الآن مواطنون امريكون ومن بينهم افضل اصدقائي ادعى أنه مسؤول عن قسم في قوى المهام الخاصة في غوانتانامو كان المحققون من امثاله ينسلون بين المعتقلين ويسعون للتحدث ببراءة معهم ولكنهم في الواقع عكس ذلك فهم قساة للغاية في تعاملهم مع الآخرين وبكلمة واحدة افظاظ.
قادني المرافق الى غرفة مليئة بالمعتقلين والمحققين الذين كانوا على راس عمليهم.
ما اسمك؟ من اين انت؟ هل انت متزوج؟
نعم
ما اسم زوجتك؟
لقد نسيت اسم زوجتي واسماء العديد من افراد اسرتي ايضا بسبب الحالة المتواصلة لنقص النشاط المقرون بالكآبة على مدى الاشهر الماضية عرفت انهم لن يشتروا هذه البضاعة لذا قلت:
زينبو وهو مجرد اسم خطر على بالي في تلك اللحظة.
ما هي اللغات التي تتحدث بها؟
العربية والفرنسية والالمانية.
حينئذ سألني المحقق ذي البزة الذي كان يساعد ............... في الكتابة على الكمبيوتر المحمول اللابتوب:
هل تتكلم الالمانية؟
فسألته بدوري:
............... هل هذا انت يا......
صعق ................ عندما ذكرت اسمه.
من الذي اخبرك عني؟
............. في باغرام.
شرحت له ان .............. في باغرام اخبرني عن ............. في حال احتجت الى مترجم الماني في غوانتانامو حينها قال:
سنواصل الحديث بالانكليزية ولكن بلغة سهلة جدا.
لقد تجنبني ................ طوال المدة التي قضاها في غوانتانامو.
كنت استمع الى التحقيق مع معتقل تونسي.
هل تدربت في افغانستان؟
كلا
ليكن لديك العلم اننا ان كذبت علينا سنحصل على المعلومات من تونس.
انا لا اكذب.
استؤنف الفحص الطبي اخذ مني مجند البحرية في الاسعافات الاولية ........ الف انبوب وانبوب من الدم شعرت انني سيغمى علي او سأموت اظهر الفحص وجود ضغط في الدم لدي كان ضغطي 110 على 50 وهذا يعني انه كان منخفضا للغاية اعطاني الطبيب على الفور بعض الاقراص الحمراء لرفع ضغط الدم التقطوا لنا الصور بعدها كرهت ذلك كثيرا لأنهم لم يقيموا أي وزن او احترام لخصوصيتي كنت كليا تحت رحمة شخص لا اثق به وربما كان قاسي القلب ايضا.
لو لم نكن في ظرف كهذا لابتسم الكثير من السجناء للكاميرا ولكني شخصيا لم ابتسم ولا اعتق ان أي معتقل آخر ابتسم ايضا في ذلك اليوم الخامس من شهر اغسطس عام 2002.
...... يتواصل
نقلا عن يومية الامل الجديد
.gif)