محمد محمود أبو المعالي يعلق على الوثيقة المسربة

أربعاء, 03/02/2016 - 12:13
محمد محمود أبو المعالي

طالعت الوثيقة التي نشرت وقيل إنها تتحدث عن مشروع اتفاق هدنة بين موريتانيا وتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، تعود لعام 2010، وضبطت ضمن الوثائق التي صودرت من المنزل الذي قتل فيه زعيم القاعدة أسامة بن لادن في مايو عام 2011، وأعتقد بحكم اطلاعي على بعض المعلومات المتعلقة بحالة العلاقة بين موريتانيا والجماعات المسلحة في المنطقة خصوصا تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، ومواقف هذا الأخير من موريتانيا، أن الوثيقة قد لا تعدو كونها مجرد مشروع مقترح لدى قيادة التنظيم طلبت فيه رأي قيادتها المركزية في تنظيم "القاعدة ببلاد خراسان"، بل لا اعتقد أنها وصلت درجة اقتناع قيادة التنظيم بها أصلا.
فبالتأكيد تعيش موريتانيا والقاعدة حاليا مرحلة هدنة، وإن كانت غير معلنة، أو غير مكتوبة، أو لم يتم الاتفاق عليها في مفاوضات مباشرة، وتقوم هذه الهدنة على سياسة المتاركة، أي أن يترك كل طرف الطرف الآخر وشأنه، فالقاعدة كفت نشاطاتها العسكرية عن موريتانيا وأوقفت استهداف موريتانيا منذ عام 2012، وموريتانيا أحجمت عن التدخل في شمال مالي ضد القاعدة وحلفائها منذ ذلك التاريخ ورفضت المشاركة في الحرب الفرنسية الإفريقية التي تقودها باريس ضد الجماعات الجهادية في مالي.
لكن المؤشرات والمعطيات والمعلومات تنفي بالقطع وجود هدنة بالطريقة المنصوص عليها في الوثيقة المنشورة، وشواهد التاريخ القريب تنفي ذلك، إذ تعود الوثيقة إلى سنة 2010، وقد أعقبتها أحداث دامية في المواجهة بين القاعدة وموريتانيا، حيث أرسلت القاعدة في بداية عام 2011 سيارتان مفخختان إلى العاصمة نواكشوط انفجرت إحداهما قرب الرياض جنوب العاصمة، وتم توقيف الثانية في بوادي ولاية ترارزة، كما هاجم الجيش الموريتاني معاقل مقاتلي تنظيم القاعدة في غابة وقادو شمال مالي في يونيو عام 2011، واشتبك معهم في معركة ضارية، وفي بداية شهر يوليو عام 2011 هاجمت القاعدة مدينة باسكنو برتل عسكري ضم قربة 25 سيارة وعشرات المقاتلين، كما اختطف عناصر تنظيم القاعد بعد ذلك دركيا موريتانيا من مدينة عدل بكرو في دجمبر عام 2011. 
غير أن دخول تنظيم القاعدة بداية عام 2012 في تحالف مع أنصار الدين للسيطرة على كبريات المدن الأزوادية، دفعه إلى وقف أنشطته خارج منطقة أزواد والتركيز على الواقع الجديد المتمثل في تسيير شؤون المدن بشكل يومي ومحاولة تعويض دور السلطات التي تركت المنطقة، ليبدأ الفرنسيون والأفارقة الحشد للحرب التي ستنطلق بعد ذلك مطلع عام 2013، دون مشاركة موريتانيا فيها، الأمر الذي قابله تنظيم القاعدة بوقف أنشطته المسلحة ضد موريتانيا.

نقلا عن صحفة محمد محمود أبو المعالي على الفيسبوك