الرئيس معاوية ولد الطايع سيظل رمزا وطنيا

أربعاء, 03/09/2016 - 11:21
الرئيس معاوية ولد الطايع

كدت أفكر البارحة بمناسبة ذكرى عيد المرأة الموريتانية 8 مارس، في الكتابة اليوم عن هذه الذكرى وظلالها أو بعض دلالاتها، لكن كلام العمدة السيدة فاطمة بنت عبد المالك الملقبة "أقنفيده" أبعدني نسبيا عن الكتابة في هذا الموضوع، وإن لم يقنعني ذلك البتة  بالامتناع عن الإشادة بما لدى المرأة الموريتانية من مكاسب، ومثل أخلاقية، وخصوصا عند الأمهات والزوجات والأخوات وعمومهن بإختصار، لكن طيش العبارة البارحة التي نطقت بها السيدة العمدة "أقنيفيده" أزعجني إلى حد ما، قالت: "هم أشخاص لا نقول رجال أو نساء.

وباختصار قالت "أقنيفيده": "نحن هنا نقود الرجال".

 يا "أقنيفيده" الإناث... الإناث لا يفتخرن بقيادة الرجال مهما حصل ذلك، وبأي مستوى، وخصوصا في الوقت الراهن، في فترة مازالت مفعمة لله الحمد والمنة بروائح الرجال ومعاني الرجولة، وأقول ردا عليك، دون حاجة للمبالغة في طيشك أو على الأصح زلة لسانك، أنت صنو من أدعياء التفوق من النساء أكره أسلوبه هذا بصراحة.

صفقت لمعاوية وصفقت لاعل ودخلت ذات اليمين وذات اليسار، ومهما قيل عن إيجابياتك وإنجازاتك المحدودة، -وإن كانت موجودة فعلا- إلا أنها مشوبة بالتنوع والتلون السياسي والنفعية الذاتية، ربما على غرار أغلبية النساء والرجال في هذا البلد المريض، وليس طبعا وحيدا في هذا المرض العضال المقزز، الشطط والنفاق.

نعم تفوق النساء في حدود الإسلام، ويقتضي ذلك طبعا إحترامهن لأنفسهن وتقديرهن لرجالهن عموما.

الطائشة "أقنيفيده"، الإناث الإناث لا تفتخر في بلاد العرب صراحة بقيادة الرجال أو أشباه الرجال حتى، وحتى لو حصل ذلك فعلا، وبئس عيد المرأة إن كان يخلد على هذا المنحى الصدامي الإستفزازي، ونعم للذكرى وعيد المرأة عموما، إن كان ذلك في السياق المعروف المتداول عند بعضهن من المعتدلات الحكيمات، إن سلم الإطلاق ولو نسبيا، ممن يطمحن للريادة والعطاء والإسهام، ولكن في حدود احترام الذات وجهة القوامة عند الشرع الإسلامي الرجال.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا أربع".

وقال الله تعالى:  "الرجال قوامون على النساء"

إن التسرع للخروج من عباءة الأخلاق والقيم، بحجة المشاركة والرقي والمساواة المستحيلة في كل شيء بين الرجال والنساء، لا خير فيها البتة، كما أن الخروج من تحت عباءة الرجل مطلقا، قد لا تكون من الحزم إطلاقا، واسألي  يا "أقنيفيده"، من تجرأ من النساء في الداخل أو الخارج على ذلك، فعندها تحس المرأة بالوحشة والفشل والشقاء باختصار. فلا خير في حياة رحل خرجت منها "حواء" جزئيا أو كليا، ولا خير على الأرجح في حياة أنثى بلا رجل... رجل.

هذا الصباح اتصلت علي الوالدة، مخبرة إياي بأنها في الطريق بإذن الله إلى نواكشوط لأنها تقصد زيارة رحم لها، مريضة ورمزيا وقدريا نسيت حقيبتها اليدوية، ربما لعجلتها إلى الخير.

الوالدة من أعرق أهلي  من نفس منبعنا العائلي، فخذ "أهل الطيب"، لكن  جدثها لأم من عشيرة " أولاد أمبارك"، وثمة قربى ووشائج من جهتها مع "أولاد اللب"، هذا كله ربما صب في مزاجي حماسا وتحيزا للقريب المظلوم بوجه خاص والمظلوم عموما.

ومن هنا جاء موضوع معاوية، ومعاوية بالنسبة لزيد أو عمرو من رجال الأعمال و"الصفاكه" عموما، حتى لو كانوا من إخوته الأشقاء عملة، وربح مادي فترة نفوذه وحكمه. وأما بعد ذلك فتنكروا له، وتعرفت عليه خصوصا عند الإنقلاب والتحامل.

هذه الجيفة المادية المشار إليها نسب أغلبهم، ومشغلهم ومقصدهم الأساسي "اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا"، ونصرة الرحم المستهدف ولو كان رئيسا أو مرؤوسا ودون تمييز، دون أن أمجد باطله، أقول هذا الجانب وهذا المشغل من الحمية للرحم في الحق وللمظلوم عموما، هو هو ديدني، الذي أدندن حوله وأحاكيه وأحوم حوله.

وإذا كانت النفوس كبارا *** تعبت في مرادها الأجسام

الحمد لله أن لي جدات من عرب آدرار، فجدي الثالث محمد سيدنه الملقب  "اباهنين" ولد اعبيدن الصالح الشهير، حرمه جدتي إذا، بنت الدفيه ولد كلاي، دون أن أحرم من فخر أولاد أمبارك بالحق وشجاعتهم النادرة الأصيلة المتوازنة أحيانا، وكذلك عزم "إديشلي" وإصرارهم على الهدف الإنتقامي عند الظلم.

أما عيد المرأة فهو فرصة فحسب، للتذكير  ببعض المعطيات من هنا وهناك، دون أن أنسى القول لمعاوية سلام صادق، ومعاوية أبدا رمزا وزعيما وطنيا نوعيا، رغم مآخذ التجربة وإن بدت مزعجة أحيانا، في أخطر هفواتها ولكل جواد كبوة، وما أشنع الكبوة حين تكون التطبيع مع العدو الصهيوني أو حين تتعلق بملف الإرث الإنساني لدى بعض زنوج موريتانيا أو التضييق على الإسلاميين، وإن كانت الايجابيات في المقابل، مهما ضخم البعض السلبيات ولكل حكم إكراهاته وجوانبه السلبية باختصار، إلا أني أقول بصراحة وشجاعة وبعيدا عن العاطفة وبمحض القناعة الإيجابيات قد لا يسهل عدها، أعني إيجابيات حقبة معاوية ولد سيد أحمد ولد الطايع في الحكم، وإن لم يصنعها وحده، فالنظام مهما كانت تجربته أوسع وليس من الإنصاف أن تحسب له الإيجابيات وحده ولا أن تحسب عليه السلبيات وحده، لمن أراد الاعتراف بالسلبي والإيجابي في تجربة حكم عمومي بصورة متوازنة.

وللتذكير الشخص عندما يحكم لا يحكم وحده وبمحض إرادته، بعيدا عن إكراهات المتنفذين والمؤثرين على هذا الحكم على نطاق واسع داخليا وخارجيا، وذلك ما يشير إليه العقلاء والحذاق بإكراهات الحكم، وهي عبارة مختصرة، لكنها بليغة وعميقة الدلالة.

نجدد التحية لكافة نساء موريتانيا دون تمييز، بمناسبة ذكرى عيدهن المجيد، ولأننا رضعنا صدق العاطفة و"اتحمجي" من أمهاتنا بوجه خاص، نحيي المرأة بوجه أخص في موريتانيا، لأنها ناضلت كثيرا، تجسيدا للعواطف النبيلة المسالمة المشروعة، وبرورا ووفاءا للأسرة أحيانا، رغم انتشار الطلاق المبكر المتكاثر في هذا البلد الفوضوي، وإن كان لدينا أو غيرنا مآخذ وملاحظات على النساء عموما، إلا أنهن بعواطفهن وصبرهن على أبنائهن ربين الأجيال والأجيال في ظروف قاسية وبوسائل محدودة إلى أبعد المستويات وأقسى الأحوال في حالات كثيرة، بل ومتكاثرة على الأصح.

وأقول لأننا تعلمنا الوفاء و"أتحمجي"، بل رضعناه لبنا سائغا خالصا، منة وفضلا من الله، وتعودنا وتربينا وأدمنا على الوفاء ولا نقبل المبيت على الضيم، وبمناسبة أو بدون مناسبة وبرورا لصلة الصداقة والرحم بين زينب بنت عمار والدة معاوية ولد سيد أحمد ولد الطايع مباشرة، أقول الصلة بين هذه وجدتي لأم سلمى بنت عبد الله السالم، أبعث تحياتي لرحمي وأخي ورئيسي معاوية ولد سيد أحمد ولد الطايع، كما أصرح رفضا للسلوكيات الرديئة، خسئتم أنتم أيها الإنتهازيون الظرفيون، لقد كتبنا عهد تقريبكم وتزلفكم لمعاوية، كتبت وقتها تقييما ونصحا له على خلاف النغمة السائدة، يوم كان حاكما وكدتم تعبدوه وتؤلهوه، واليوم يتحامل عليه كثير منكم سرا وعلنا أحيانا، ولم يبقى له إلا الرحم الصحيح وليس رحم  أغلب "تيفايت لكصر" من أقاربه، فأولئك غالبا للأسف البالغ أصحاب "المزن" فحسب، والعياذ بالله تعالى.

بقي له فحسب قلة من أهله وغير أهله أحيانا وإن قلوا، إذا "كطرت دم ولا ميت صاحب" كما يقال في المثل الحساني.

بقلم: عبد الفتاح ولد اعبيدن المدير الناشر ورئيس تحرير صحيفة "الأقصى"