استضافة نواكشوط للقمة العربية.. قرار شجاع من الرئيس

ثلاثاء, 06/21/2016 - 14:59
عبد الرزاق سيدي محمد

يبدأ العد التنازلي لاستضافة نواكشوط للقمة العربية المقبلة الـمزمع تنظيمها في 25 من الشهر المقبل، ولأول مرة في تاريخ الجمهورية الإسلامية الموريتانية، يأتي هذا بعد زوبعة كبيرة داخليا وخارجيا، شككت ولا تزال في قدرة "موريتانيا" على تنظيمها لقمة "الأمــل".

موريتانيا باشرت منذ عدة أسابيع بحملة دبلوماسية واسعة النطاق تحضيرا للقمة، وهي الحملة التي حققت رغم أنها ما تزال في مراحلها المبكرة نتائج إيجابية تنبئ عن انعقاد قمة تاريخية بدأت ملامح مدخلاتها ومخرجاتها تتحدد.

موريتانيا نجحت قبل سنوات في تنظيم مؤتمرات واجتماعات، وتنظيم قمم سياسية هامة إقليمية ومغاربية وأمنية ودينية، وبرهنت للعالم أنها أصبحت رقما صعبا لا يستهان به في المنطقتين العربية والإفريقية بصفة خاصة وفي العالم بشكل عام.

وعادة ما يشيد المشاركون في تلك القمم والمؤتمرات والاجتماعات بحسن التنظيم والأداء والتفاعل، كما يشيدون بالتغطية الإعلامية...

ويتطلب نجاح القمة المقبلة إحكام الأمن، وحسن ضيافة الوفود المشاركين بتوفير انسيابية المواصلات، وبسكن لائق يليق بمقام ضيوف أرض المنارة والرباط (شنقيط).

وعن الاستضافة أقتبس في هذا "المقام" من تصريحات رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز من مدينة النعمة في الثالث من مايو المنصرم، حيث قال "إن موريتانيا قررت استضافة القمة العربية لأول مرة في تاريخها، وأنه أبلغ القادة العرب بضرورة تنظيم قمة نواكشوط ولو تحت الخيام..".

وتحدث الرئيس ولد عبد العزيز "عن المكاسب الدبلوماسية التي حققتها موريتانيا بما فيها رئاسة الاتحاد الإفريقي، والحضور الدولي البارز على المشهدين الإقليمي والعالمي، وأن موريتانيا عززت حضورها بعد أن كانت غائبة ومغيبة..".

إن قرار استضافة القمة العربية العادية الـ27 قرار شجاع وجريئ اتخذه رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز، وتحدي جديد لرئيس الجمهورية بعد نجاحه في الرئاسة الدورية للاتحاد الإفريقي ونجاحه في قيادة البلد إلي بر الأمان..

ومثل القرار بقبول استضافة موريتانيا للقمة العربية النجاح الأول، ومثل التجاوب الداخلي المنقطع النظير معه لكل أوساط الشعب الموريتاني المرحب بانعقاد القمة رافعة لاحتضان حدث عربي رائد أصبح شأنا وطنيا وقوميا مجمعا عليه، كما مثلت المواقف العربية الأخوية الداعمة للقمة وترحيب معظم القادة العرب بالمشاركة فيها نجاحا كبيرا خلق ديناميكية هائلة لتفعيل العمل العربي المشترك والارتقاء به نحو بر أمان جديد ..

الكل مدعو اليوم إلى المشاركة بفاعلية في التحضير المحكم للقمة، خصوصا الفرقاء السياسيين في الموالاة والمعارضة، لأن المهم هنا هو نجاح القمة ونجاحها هو نجاح لموريتانيا أولا وأخيرا...

ومن المنتظر أن تسفر قمة نواكشوط العربية عن اعتماد استراتيجية إعلامية عربية لمواجهة الإرهاب والغلو والتطرف وكل مظاهر الفكر المأزوم داخليا وخارجيا، وأن تؤسس قمة نواكشوط لفتح مسارات تكامل أمني مع القارة السمراء التي تواجه دولها نفس المخاطر وتسعى لرفع نفس التحديات، فالعرب يعتبرون موريتانيا طريقهم إلى إفريقيا والأفارقة يعتبرونها نافذتهم على العالم العربي.

كما من المتوقع أيضا أن تحين مبادرات السلام العربية والدولية ومستجدات الصراع العربي الاسرائيلي وتخرج بآليات جديدة تضمن الحق العربي وتصون كرامة الشعب الفلسطيني المكافح وتكرس حقه في دولته وفي مقدساته التي لا تنازل عنها.

ومهما يكن من أمر فإن موريتانيا كانت دائما رائدة في توطيد اللحمة العربية الإفريقية في الأوقات الصعبة ودورها كان فاعلا سنة 1973 في تحفيز وتأطير مقاطعة الدول الافريقية لإسرائيل تضامنا مع القضية العربية وهي اليوم -بعد القرار الشجاع من الرئيس باستضافة موريتانيا للقمة العربية المقبلة- مؤهلة لأن تشكل رأس قاطرة التعاون والتكامل العربي الإفريقي في مواجهة الإرهاب والغلو والتطرف.