رسالة إلى وزير التعليم العالي !

سبت, 04/01/2017 - 08:07
عابـدين ولد بدّي

لاتكادُ الشمسُ تطلعُ يوما منذ أن تمّت توصيتكم على هذا القطاع إلاّ وأشرقتْ على طلابٍ معتصمينَ ينادونَ من وراءِ حجراتِ وزارتكم بحقوقٍ سلبتموها منهم لعلّ آذانا صاغيةً تصغي إلى مطلبٍ يتيـم فـتُلبيهِ ولكنُ لاحياةَ لمن تُـنادي ،،
على مرّ التاريخِ الحديث شكّل الطلابُ - وأنتمُ تَعُون جيداً ما أقولُ - النواة الحقيقية لأي مظاهرة أو حركة احتجاجية أو حتى ثورة حتى في بعض الأحايين والنماذجُ هنا كثيرة نستحضرُ منها على سبيل المثال لا الحصر ماحدثَ في فرنسا إبّانَ مايعرفُ بالعام الثوري 1968 فضلاً عن مجموعة الثورات الشهيرة التي عرفتها الجمهورية الصينية الشعبية حينَ احتّـل الطلابُ ساحة تيانانمـن 1989 .
سيادة الوزير لا ينطلي على أحدٍ الدور الذي تلعبونه منذُ تقلدكم للمنصب في ترسيخِ سياسة القوة والسلطة والنأي عن مبدأي التحاور والتشاور وإني هنا إذا لأستسمحكمُ لأسردُ جملة من النماذج الحية من الاستهداف الصريح والواضح للطلاب على المستويين الداخلي والخارجي :
أولاً : في العام الأخير اعتمدتم فجأة دُونَ مراعاة للقوانين التعليمية تنقيطاً جديدا حُرِم على إثره مـئاتُ الطلاب من حقهم في المنحة، وحينَ رفضوا القرار وقرروا الاعتصام أمرتم فوراً بقمعهم والأبعد من ذلك، ذهبتم إلى الشطبِ على أسماء بعض الطلاب من اللائحة المستفيدة من المنحة .
ثانيا : حينَ قرر الطلاب على المستوى المحلي الدخول في إضراب إبانَ ما يعرف بأزمة النقل الشهيرة كان ردكم مشبعاً بالسذاجة والتّهور سارعتم إلى قمعِ وضرب الطلاب لكنكم ربما فوجئتم بالإصرار القوي الذي أظهرهُ الطلاب فارتأيتم اللجوء - كما اعتادَنا منكم - إلى الغازات المسيلة للدموع والتفرقة بالقوة وما ذلك عليكم بعزيز .
ثالثا : سيدي الوزير في سابقة خطـيرة من نوعها ستبقى محفورة في الذاكرة طويلاً قتلتم أحلاماً في مهدهِا لمّا تزالُ بعد أن أصدرتم قراراً بالفصل التعسفي لعشرات الطلاب من المدرسة المتعددة التقنيات بدون مبررات مستساغة وحينَ عـبّروا عن رفضهم لقراركم واعتصموا كانتْ دائما أنصافَ الحلول بالنسبة لكم جاهزة : اللجوء إلى القمعِ والتفـرقة بالقوة .
رابعاً: السيد الوزير يعيشُ الْيَوْمَ طلابنا في كل من الجزائر وتـونس ظروفاً أشدّ قسوة من الحجارة يبيتونَ في العراء رغم قساوة الطبيعة وشدة الجوع منذُ أن أعلنوا الدخول في اعتصام مفتوح حتى تتم الاستجابة لمطالبهم المشروعة لم يكن الردُ مغايرا تحركٌ متوقع لآلية القمع ولكن هذه المرة بوحشية أكبر وهمجية أشد، يبقى هذا فقط غيضٌ من فيض و تبقى الطوابع السائدة في عهدكم هي الحرمان والقهر والقمعُ والجور .
معالي الوزير لايدارُ التعليم كما تدارُ سوكوجيم ولا يسيّر التعليم كما تُسيِرُ المالية فمَا هكَذَا تُأكل الكتفُ قالت العربُ قديماً، لَقَدْ تجرعّ الطلاب في عهدكم من الويلات في ظرف وجيز مالم تتجرعهُ أجيالٌ عديدة في عهودٍ مختلفة وتحتَ وطأة أنظمة أشدّ استبدادا .
إنّ تماديكم سيادة الوزير وإصراركم على المضي قدماً في مسلسل الإهانات المتكررة والمتعمدة للطلاب لَنْ يثنيـنا عن الإحتجاج للمطالبة بأبسطِ حقوقنا وسنظلُ مرابطينَ في كل بقعة من هذا المنكب حتى ننتزعَ حقوقنا أو يكتبَ الله لنا الموتَ فَوْقَ أرصفة السفارات جوعاً وبرداً.