القدس العربي: الموريتانيون منشغلون باعتقال السناتور غده أكبر معارضي الرئيس

اثنين, 08/14/2017 - 10:51

ينشغل المشهد السياسي الموريتاني حاليا باستمرار اعتقال السناتور محمد ولد غده أكبر معارضي الرئيس ولد عبد العزيز، والمنسق المعتمد بين المعارضة الموريتانية والمليونير الموريتاني المعارض محمد بوعماتو المقيم في المملكة المغربية.
وحسب مصادر أمنية فإن التحقيق مع السناتور غده متواصل حول عدة أمور بينها المعلومات التي التقطت من جواله وبصوته، وسربت لوسائل الإعلام بخصوص مبالغ مالية تلقاها من المليونير بوعماتو وصرفها في نشاطات المعارضة؛ ومن بين هذه الأمور كذلك، ملابسات تسجيل نشره السناتور مؤخرا لمقطع فيديو تضمن شهادة صوتية للرقيب محمد ولد محمد امبارك تنفي الرواية الرسمية (بالغة الحساسية)، لحادثة تعرض الرئيس محمد ولد عبد العزيز لطلق ناري يوم 13 أكتوبر / تشرين الأول 2013.
وتعتبر هذه الأمور حساسة كلها وبخاصة التسجيلات الصوتية التي كشفت عن قيام المليونير بوعماتو بتمويل النشاط المعارض في موريتانيا، وهو ما قد يؤثر سلبا في العلاقات الموريتانية المغربية لدلالته على أن المغرب يقوم بعمل غير ودي اتجاه النظام الموريتاني عبر إيوائه معارضا قويا من العيار الثقيل.
وسارعت ثماني تشكيلات سياسية موريتانية منضوية في تنسيقية المعارضة الديمقراطية في بيان وزعته أمس «لتحميل نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز «مسؤولية سلامة الشيخ المختطف»، مؤكدة على ضرورة استعادته لحريته عاجلا «. ودعت التنسيقية « القوى الوطنية والديمقراطية كافة للوقوف في وجه مسار التعسف والاستبداد الذي بدأ النظام يتجه إليه»، حسب تعبيرها.
ووقع هذا البيان كل من المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة (أكبر تجمع حزبي ونقابي معارض)، وتكتل القوى الديمقراطية بزعامة أحمد ولد داداه، وحزب الصواب وحزب الوطن (البعثيون)، وحزب التناوب الديموقراطي، ومبادرة الحركة الانعتاقية، وحركة « محال تغيير الدستور، والقوى التقدمية للتغيير».
وأكدت التنسيقية «أن النظام بدأ مرة أخرى، يكشف عن عدم مبالاته بالقوانين والأعراف، بعد اختطاف الشيخ محمد ولد غده من طرف مجموعة من الشرطة في زي مدني من دون أمر توقيف، ضاربة عرض الحائط بحصانته البرلمانية وطبعا من دون توجيه تهمة إليه».
«إن التراجع في مساحة الحريات، تضيف المعارضة، وخرق القانون اللذين أصبحا السمة البارزة لما أطلق عليه عتاة متزلفي النظام «الجمهورية الثالثة»، لينذر بدخول البلاد مرحلة جديدة من الفوضى وانعدام الأمن والعبث بأبسط حقوق وحريات الناس».
أما أحمد سالم بوحبيني نقيب المحامين الموريتانيين ومحامي السناتور المعتقل فقد ندد في بيان وزعه أمس «بالطريقة الوحشية التي تم من خلالها اعتقال موكله وإخفائه في ظروف تعيد إلى الأذهان الممارسات البوليسية المقيتة».
وطالب المحامي «بإطلاق سراح موكله فورا من دون شروط، والسماح له بلقائه والاتصال به ومعرفة ظروف وملابسات اعتقاله».
وأكد في بيانه «أنه سيقف ضد التعسف والطغيان، كما وقف ضدها من قبل مدعومين من طرف المنظمات الدولية الصديقة لتأمين سلامة المواطنين». وقال: «تابعنا كما تابع الموريتانيون باهتمام، اعتقال السناتور محمد ولد أحمد ولد غده من منزله من قبل عناصر من الشرطة يلبسون زيا مدنيا واقتياده إلى جهة مجهولة من دون السماح لذويه أو محاميه بالاتصال به أو على الأقل معرفة الجهة التي تم اختطافه إليها في خطوة تعزز قناعة الموريتانيين بالمنزلق الخطير الذي يقودهم إليه النظام الحالي وتفننه في انتهاج الأساليب القمعية ضد معارضيه والزج بهم في السجون، وتضييق الخناق عليهم ومصادرة حرياتهم المكفولة دستوريا وإفشاء أسرارهم وغير ذلك من الممارسات القمعية التي ظن الجميع أنها ولت إلى غير رجعة قبل أن يعيد بعثها النظام الحالي وحكومته الفاشلة العاجزة عن حل هموم المواطنين ومشاكلهم المتفاقمة يوميا من عطش وجوع وبطالة».
وأضاف: «إنني إذ أندد اليوم بهذا الاختطاف القسري الذي تعرض له ولد غده فإنني أحمل السلطات مسؤولية أي أذى يلحقه من جراء هذا الاعتقال المخالف للدستور والقانون ولجميع شرائع الأمم، كما أهيب بجميع الحقوقيين الوطنيين والدوليين إلى مؤازرتنا في نضالنا من أجل إرساء دولة القانون والحريات والمساواة، والوقوف في وجه استبداد السلطة الحاكمة وسعيها الحثيث من أجل تكميم أفواه معارضيها وتصفيتهم في محاولة يائسة منها لاستنساخ نظام ديكتاتوري شمولي يرفضه جميع الموريتانيين المستعدين اليوم أكثر من أي وقت مضى للتضحية في سبيل الحفاظ على المكتسبات الديمقراطية والقطيعة مع هذه الممارسات التي تفشت في الآونة الأخيرة».
وتحدث المحامي بوحبيني عن اعتقال مجموعة من أصحاب الرأي «مثل ما حدث مؤخرا، حسب قوله، لمناضل تكتل القوى الديموقراطية في نواذيبو وغير ذلك مما يضيق المقام عن حصره».
ووجه النقيب السابق في بيانه رسالة للسلطة الحاكمة مفادها «أن الشعب الموريتاني لن يفرط في المكتسبات الديمقراطية التي ناضل من أجلها سنين طويلة، وأن من الأفضل لها أن تكف عن هذه الممارسات التعسفية وأن تطلق سجناء الرأي وعلى رأسهم السناتور ولد غده، وأن تأخذ العبرة مما حدث للحكومات التي كرست الاستبداد، ووقفت في طريق الديمقراطية فكان الزوال نهايتها».
وكان السناتور قد احتج في تدوينة أخيرة له على «منعه من حقه الدستوري والطبيعي في السفر (الخميس قبل الماضي)، لحرمانه من إجراء فحوصات لمشاكل ضيق التنفس التي سببها استهدافه بالغاز مباشرة من الشرطة».
وأضاف: «ليس ذلك فقط بل تمت مصادرة بطاقة تعريفي من دون وصل، ورفضت فرقة الدرك تسليمي وصلا عن رخصة السياقة المسحوبة مني وبقيت بدون أي وثائق، ولم يبق لولد عبد العزيز إلا شطبي من سجلات الحالة المدنية».
وقال: «ينضاف لذلك رفض وكيل النيابة بمدينة روصو تسليمي هواتفي التي اغتصبت مني، رغم تقديمي للأوامر القضائية الخاصة بردها إلي، وقد قام ولد عبد العزيز (الرئيس) بتسريب محتوياتها». وزاد: «كل هذا لا يخيفني ولن يسكتني عن فضح الفساد وتعقب أموال الشعب التي تم الاستيلاء عليها، وعما تم جمعه أيضا عبر استغلال النفوذ، وأتعهد للموريتانيين برد كل الأموال المنهوبة ولو بعد حين».
وكانت الشرطة قد منعت صباح الخميس قبل الماضي السناتور ولد غده من السفر إلى السنغال عبر روصو، وصادرت بطاقة تعريفه، وأرجعته إلى العاصمة نواكشوط.
ويأتي اعتقال السناتور غده أياما بعد نشره لمقطع فيديو تضمن شهادة صوتية للرقيب محمد ولد محمد امبارك تنفي الرواية الرسمية لحادثة تعرض الرئيس محمد ولد عبد العزيز لطلق ناري يوم 13 أكتوبر 2013.
كما يأتي اعتقاله بعد نجاحه في إقناع غالبية أعضاء مجلس الشيوخ الموريتاني بالتصويت ضد التعديلات الدستورية التي مررتها الحكومة السبت قبل الماضي في استفتاء شعبي، مع تمكنه من تمويل نشاطات المعارضة الموريتانية بالتنسيق مع المليونير محمد بوعماتو.