رابطة علماء موريتانيا تصدر بيانا حول طاعة ولي الأمر والترخيص للمؤسسات

جمعة, 10/05/2018 - 06:48

توضيح حول موقف العلماء من الحكام والحرية ووحدة الأمة

توضيح

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

فإن ما يثار في هذه الأيام يحتاج إلى توضيح لبعض النقاط التالية:

أولا: الحرية: ولها ضوابط شرعية لا يجوز لها أن تخرج عليها، فمع المخالف في الديانة لا يسب إلهه: (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ) ومع المقدسات: (وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) ومع كل المسلمين: (إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا) و (كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه) وعليه فما يقوله غير المسلمين لحكامهم لا يجوز للمسلمين أن يقولوه لحاكم إسلامي يحكم دولة إسلامية، وأما الحاكم المسلم فعرضه محفوظ وطاعته واجبة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ) ولحديث عبادة ابن الصامت: (وأن لا ننازع الأمر أهله).

فلا تصل الحرية في الشريعة إلى الخروج عليه بقول أو بفعل: (إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان).

وإن عدم المنازعة لا يقتضي مناصرة العلماء، فلا تقع مناصرتهم إلا إذا وجدت مبرراتها، وإن السلطة العمومية الحاكمة في بلدنا موريتانيا، وعلى رأسهارئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز، الذي وجدنا فيه من المواقف الإسلامية والعمل الجاد والإنجازات البناءة الملموسة التي لا ينكرها إلا مكابر أو معارض، ما يقتضي المناصرة والمعية والوقوف معه.

ثانيا: الموقف من المؤسسات: وفيما يخص المؤسسات ومنحها الترخيص أو سحبه فهذه مسائل إدارية إجرائية داخلة في حيز المباح، والسلطة هي التي تقدر المصلحة في الإعطاء أو الأخذ، فمنح الترخيص في الأصل ليس بواجب وسحبه ليس بحرام.

ونذكر من يتكلم باسم الإسلام، ويحرك العواطف غير المفقهة، ويقول هذا حرام نذكره بقول الله تعالى: (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ). كما يعترف العلماء والأئمة بالجميل لسلطاتنا، التي حققت الأمور الكبرى، ومنحت الحرية لمختلف المدارس الإسلامية، ولم تقم بسجن أي عالم أو إمام، والتي قدمت خدمات للدين، وأكدت أن الإجراءات المتبعة في المؤسستين الماضيتين، أمور خصوصية معزولة، ليست توجها رسميا ضد العلم أو التدين، كما يروج له البعض.

ثالثا: وحدة الأمة: وأما وحدة الأمة فكانت من النعم المتجذرة التي تعتبر من خصوصيات وثوابت البلاد، ولا تتحقق إلا بوحدة المعتقد والتشريع والمذهب، وتحصن بالتزكية التربوية المهذبة للنفوس، والمعالجة لأمراض القلوب، (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا).

وبوحدة الأمة ينتشر الأمن والرخاء وتحفظ الكليات الستة. الدين والأنفس والعقول والأموال والأعراض والأنساب (وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ(.

رابعا: موقف العلماء من الحكام: وأما الوقوف مع الحكام فهو الأصل إذ الأصل مسايرتهم وعقد بيعتهم، والنصح لهم والدعاء لهم، حفاظا على وحدة الأمة، وحماية لكيانها وأمنها واستقرارها: (خِيَارُ أَئمَّتكُمْ الذينَ تُحِبُّونهُم ويُحبُّونكُم) [رواه مسلم]، وأما الخروج على الحكام والتشهير بهم، فليس من النصح ولا يسمح به الشرع، لحديث: (من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية ولكن يأخذ بيده فيخلوا به فإن قبل منه فذاك، وإلا قد أدى الذي عليه). [أخرجه ابن أبي عاصم في السنة]، وأما نصح الحاكم علانية فلا يفيد إلا تجاسر العوام على الحكام، وما يسبب من فتن ومشاكل أشد من القتل: (والفتنة أشد من القتل) ولقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ خلَعَ يَداً منْ طَاعَةٍ لَقِى الله يوْم القيامَةِ ولاَ حُجَّةَ لَهُ) [رواه مسلم].

نسأل الله سبحانه وتعالى لرئيس البلاد محمد ولد عبد العزيز وحكومته الأمن والتوفيق والسداد والقبول، وأن يحفظهم الله ويحفظ بهم البلاد والعباد.

حمدا بن التاه