انشقاق القمر… فعلًا؟!
في عدد من مقالاته ومحاضراته وفي عدة لقاءات تليفزيونية روى د. زغلول النجار هذه القصة
“أثناء محاضرة له في كلية الطب بجامعة كارديف، قام شخص بريطاني يدعى داوود موسى، يرأس الحزب الإسلامي البريطاني، وقال إنه أسلم بسبب آية انشقاق القمر. إذ أنه في محاولة منه للتعرف على دين الإسلام، فتح المصحف على سورة القمر وقرأ: “اقتربت الساعة وانشق القمر”. فاستنكر ما قرأ وقال إن هذه تخاريف.
بعدها بفترة، كان يشاهد لقاءً تلفزيونيًّا على قناة (BBC) يتحاور فيه المذيع مع عدد من أساتذة علوم الفضاء. انتقد المذيع صرف مليارات الدولارات على اكتشاف الفضاء، فقال أحدهم: “إن هذه الرحلة جعلتنا نصل لحقيقة لو صرفنا أضعاف هذا المبلغ ما صدقنا أحد من العلماء، وهو أن هناك شقوق طويلة تقسم سطح القمر من القطب إلى القطب، وهذه الشقوق لا يمكن أن تتكون إلا من خلال شد جانبي، ما يجعلنا أمام حقيقة أن القمر قد انشق من قبل ثم التحم”.
انتهت القصة.
استنادًا إلى هذه القصة، يؤكد د. زغلول النجار أن آية انشقاق القمر هي دليل على الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، فقد ورد في السنة أن الله قد شق القمر معجزةً لنبيه الكريم، وظل هكذا لساعات ثم التحم، ومادام العلم قد أثبت مؤخرًا أن القمر قد انشق من قبل، فهذا إذن إعجاز علمي “مذهل”!
في أغسطس ٢٠٠٩، نشر موقع وكالة ناسا للفضاء إجابته عن سؤال جاءه من أحد زوار الموقع: هل هناك بالفعل أدلة علمية على حدوث انشقاق للقمر؟
لكن يبدو أن الوكالة لم تفهم جيدًا ما هو المقصود من السؤال، واعتقدوا أنه يسأل عن كيفية نشأة القمر وانفصاله عن الأرض قبل بداية الحياة، فقاموا بشرح سريع جدًا للفرضية العلمية الخاصة بنشأة الأرض والقمر.
لكن الإجابة لم تكن كافية قطعًا، ويبدو أن الأسئلة الخاصة بهذا الشأن قد ازدادت كثيرًا. وهكذا في يونيو ٢٠١٠ نشرت وكالة ناسا إجابة عن سؤال آخر يسأل بصورة أكثر وضوحًا: هل ثبت بالفعل حدوث انشقاق في القمر كما يدعي المسلمون؟!
فكان الرد من الوكالة واضحًا وبسيطًا: نصيحتنا لك ألا تصدق كل ما تقرؤه على الإنترنت. لا يوجد أي دليل علمي على انشقاق القمر والتحامه ثانية في أي وقت سابق.
استند د. زغلول على بعض الأحاديث النبوية ليثبت من خلالها وقوع حادثة انشقاق القمر في عهد النبي. وقد اختلف البعض حول صحة هذه الأحاديث، لكن هذا ليس محل الاهتمام لأن هذه ليست هي المشكلة.
ليست المسألة هي هل وقعت معجزة انشقاق القمر أم لا في عهد النبي، إنما المسألة هي هل أثبت العلم بالفعل حدوث هذه المعجزة أم لا؟ المشكلة أن د. زغلول النجار اعتبر أن مجرد رواية هذا الشخص الذي يدعى داوود موسى عن لقاء تلفزيوني يدعي أنه شاهده، تعتبر دليلًا علميًّا يمكن الاستشهاد به على الإعجاز العلمي في القرآن. لا أبحاث علمية موثقة…لا نظريات علمية…،لم يدخل حتى على موقع وكالة الفضاء ناسا ويسألهم مباشرة. لا شيء من هذا القبيل. فقط، رواية شخص ما هي الدليل العلمي!
قد يكتشف في المستقبل شيء ما. لكن حتى الآن لا شيء. وعمومًا، إن كانت واقعة انشقاق القمر قد حدثت فعلًا، فإن من شق القمر قادر على أن يعيده كما كان، سليمًا دون أية آثار جانبية.
عماد الدين السيد - مخرج أفلام وثائقية