لا تخافوا ولا تحزنوا لم يبعث سيد احمد البكاي ولد عوه ولم ينتفض من قبره وكل ما في الأمر أننا خدمة للذاكرة الفنية نعيد نشر مقابلة عفوية سريعة أجريناها مع الفنان الراحل سيد احمد البكاي ولد حم ولد نفر المعروف شعبيا بولد عوه كنا اجريناها في مساء مشهود من صيف عام 1981 ونشرت بجريدة الشعب في حينها... نعيد نشرها لأن الموت اسكت أوتار تدينيت ولد عوه إلي الأبد يوم 26 مارس 2000 برحيل الفنان العظيم .
ســؤال : من انت ؟
ولد عوه: أنت لا تعرفني ! يقول ولد عوه متعجبا – انا سيد أحمد البكاي ولد حم ولد نفرو.
ســؤال : ماهي حكايتك مع الفن ؟
ولد عوه : إسأل الفن عن حكايته معي... لكل منا حكايته... الناس هم الحكم لكنهم مع الاسف بدأوا يديرون ظهورهم "لأزوان" لأنه في هذا الزمن لا يسمن ولا يغني من جوع.
ســؤال : لماذا تقلدون وتجترون ولا تبدعون ؟
ولد عوه : لا أعرف بالضبط ماذا تقصد بهذه الأسئلة الثقيلة التي تشبه موجهها واقول... لأن الناس في هذا الزمان بخلاء والبخل يقتل الفن.
ســؤال : الناس ليسوا بخلاء والكرم موجود والدنيا بخير ؟
ولد عوه : في الماضي كان فتي أولاد أمبارك يمتطي عتاق الخيل ويواجه الموت في كل منحدر وشغله الشاغل ان ينجز بطولة ويمنح مكرمة قبل ان يرحل عزيزا مكرما ولم يكن يهاب الموت أو يخافه كان يخاف ان يوصف بالبخل أو الجبن أو عدم الوفاء لذلك يجود بروحه وبماله ويكرم الفن والفنانين الذين يواكبونه في صراعه الملحمي... صراع الكرامة والشهامة والشجاعة... اما اهل هذا الزمان فهم بخلاء من رأسكم إلي آخر واحد فيكم وتسعون للخلود وتأكلون حبوب الدواء وتنامون خلف ابواب موصدة وتتصاممون عن اصحاب الحجات... هم كانوا اهل فن ومروءة والناس اليوم اصحاب تجارة وبخل، الناس اليوم لا يستحقون الفن... لقد رحل الكرام وما تبقي منهم راحل أما الآخرون فيتكاثرون بسرعة ولكنهم غثاء وخواء.
ســؤال : ماذا يتمني ولد عوه ؟
ولد عوه: اتمني ان يعود الزمن 70 سنة للوراء وتكون الفترة فترة "الليالي بالحوض" ؟
ســؤال : وماهي الليالي ؟
ولد عوه : الليالي إذا كنت لا تعرفها هي أسابيع مشهودة فاصلة بين حر الخريف وبرودة الشتاء فيها تطيب الألبان واللحوم وتنطلق الحركة والتواصل بين الاحياء البدوية وتكون لقاءات الأحبة الذين فرقتهم ليالي الصيف وايام الخريف الحارة.
ســؤال : لو طلب منك ان تقترح اتخاذ قرار فني يعيد الاعتبار للفن ماذا أنت مقترح ؟
ولد عوه : دون تردد سأقترح حرق جميع القتارات والعودة إلي التدنيت فهي الأصل والنبع الفني الذي لا ينضب.
ســؤال : وماذا بعد ذلك ؟
ولد عو : أطالب بوقف هذا الجنون الفني الذي يجتاح الشباب.
ســؤال : اتسميه جنونا ؟
ولد عوه : وماذا تسميه أنت... حين تقدم الفتاة على تلوين شعرها وتحمير فمها ودفن بشرتها وطلائها بألوان غريبة وترتدي مرقعات مزركشة وتصرخ دون سابق انذار... اليس هذا هو الجنون بعينه... حين يفغر احدهم فاه ويحملق بعينه في الفراغ وتعبث أصابعه بآلة الشيطان "الكيتار" ويصرخ ويصيح و تترنح اقدامه وينفلت لسانه اتسمون هذا فنا ؟ ولد عوه لا يسميه فنا بل هو الجنون أو الرياضة "الدازي" الفن شيء آخر... إذا كان هذا هو الفن فأنتم بحاجة إلي حجابة.
ســؤال : وما هو الفن إذن ؟
ولد عوه :هو ان تنسجم مع آلتك الفنية وتبوح لها وتبوح لك وتشنف عصارة ذلك التفاعل والبوح مسامع متلقيك وتدغدغ روحه ووجدانه... أنقل عني الفن تفاعل إبداعي بين الفنان وآلته وجمهوره ولا يكون دون ذلك.
ســؤال : ماذا تتوقع للفن الموريتاني ؟
ولد عوه : إذا استمر هذا الجنون لن يكون هنالك فن سينتهي كل شي... ستدفنون ثقافة أصيلة وحضارة بدوية جميلة وستنبذون وراء ظهوركم فنا جميلا ولا استبعد ان يجد ذلك الفن قوما غيركم.
ســؤال : (قبل ان أسأل يصرخ ولد عوه ) كفاك اسئلة انت من الثقلاء... كثرة الاسئلة تبعد "آزاي" دعنا نصغي إلي التدنيت فهي الداء وهي الدواء وهي الجواب على كل التساؤلات... يحتضن ولد عوة التدينيت بحنان يعزف من طريقة "الجانب الكحل" يسرح بعيدا يتأوه يترنم وتدخلنا ترنماته أنا وزميلي إدوم ولد أعل سالم عمدة فصالة الحالي في اجواء أخري فنسكت عن الكلام المباح... وتنتهي المقابلة بجلسة طرب أخاذة.
رحم الله ولد عوه وأسكنه فسيح جناته "وإنا لله وإنا إليه راجعون".
(إعادة نشر بمناسبة ذكرى رحيل الفنان ولد عوه)