تحتفظ المائدة الموريتانية بخاصيتها في شهر رمضان وتتزين بأطباق مختلفة تناسب خصوصية هذا الشهر الفضيل تمتزج فيها الأصالة بالمعاصرة.
ففي السنين الأخيرة، بدأت ألوان جديدة من الحلويات والوجبات تزين مائدة الإفطار لدى بعض الأسر الموريتانية، مثل الشباكية" و"الحريرة" والقطائف المغربية والعصائر وأطباق السمك المحضرة على طريقة بعض بلدان الجوار الإفريقية.
وتعتبر الحلويات من العناصر التي أصبحت تزين مائدة الفطور لدى بعض الأسر الموريتانية ، ومن بينها أساسا أنواع الحلويات المغربية المطعمة بالسكريات والسوائل، وفي مقدمتها " الشباكية".
فقبل حلول شهر رمضان الأبرك يتم تعليق إعلانات ترويجية على واجهات عدد من المطاعم ومحال بيع الحلويات خاصة المغربية والتونسية واللبنانية وفي بعض الأسواق الممتازة. وفي هذا الصدد يقول، منصف الزروالي، الذي يدير منذ 2008 مطعما مشهورا بحي تفرغ زينة، أحد الأحياء الراقية بنواكشوط، أن الإقبال يكون مكثفا في العشرة أيام الأولى على الحلويات وبعض الأطباق المغربية مثل " الشباكية" و " البسطيلة" لاسيما من قبل الموريتانيين الذين سبق لهم أن زاروا المغرب أو درسوا به وتذوقوا حلوياته وأطباقه الشهية أو المتزوجين بمغربيات، فضلا عن أفراد جاليات عربية وإسلامية، موضحا أن هناك من يطلب اقتناءها بضعة أيام قبل حلول رمضان وهناك من يشتريها في عين المكان.
رمضان 2014 كان استثنائيا من حيث المداخيل
وقال ، في تصريح للصحافة،" إننا نقوم بمجهود استثنائي لتلبية حاجيات زبنائنا. فرغم أن الإقبال على المطعم في رمضان يكون قليلا مقارنة مع باقي شهور السنة الأخرى لكون الموريتانيين يفضلون قضاء لياليه في بيوتهم ومع أسرهم، فإننا نبقيه مفتوحا استجابة لطلباتهم خاصة من الحلويات وبعض الأطباق المفضلة لديهم ".
أما هشام الغالمي، الذي يسير مطعما صغيرا منذ سنة 2002 ، فيرى أن رمضان 2014 كان استثنائيا من حيث المداخيل .
وقال، في تصريح مماثل،إن الإقبال على المأكولات في رمضان يكون ضعيفا ، فيما يكون الإقبال على شراء الحلويات والفطائر المغربية كبيرا سواء من طرف الموريتانيين أو المغاربة أو أفراد جاليات بلدان أخرى.
وذكر أن " الشباكية " تعتبر سيدة مائدة الإفطار لدى بعض الأسر ثم " الحريرة " و" لبريوات " و "البغرير" و " لمسمن ".
من الأطباق التي تحظى بإقبال كبير في رمضان في موريتانيا طبق الكسكس واللحم
وتتضمن موائد الفطور في موريتانيا في الغالب الحساء والتمر وأقداح من لبن الإبل والشاي الذي يحرص الموريتانيون على إعداده وفق الطريقة التقليدية، بينما تحرص بعض النساء على إضافة حلويات وأطباق من المطبخ المغربي وبعض البلدان الإفريقية المجاورة للمائدة الموريتانية.
وبعد الإفطار ينصرف الجميع لأداء صلاة العشاء والتراويح ثم تجتمع العائلة على طبق من لحم المشوي " طاجين " إذا كانت ظروفها المادية تسمح بذلك وإلا فإنها تتناول طبقاً من الأكل المحلي الذي يتم إعداده من الخضر مع قليل من اللحم.
ومن الأطباق التي تحظى بإقبال كبير في رمضان في موريتانيا طبق الكسكس واللحم، والأرز والسمك.
وتتولى جمعيات خيرية وسفارت بعض البلدان الإسلامية وحتى مؤسسات حكومية أو خاصة إقامة موائد الرحمن، وهي خيمة عمومية خاصة بإفطار الصائم من تلاميذ المدارس الدينية ( المحظرة) والمعتكفين في المساجد، كما يتم توزيع "شنطة" رمضان وهي عبارة عن مستلزمات الإفطار على الأسر المعوزة.
رمضان بالنسبة للموريتانيين شهر عبادة وتوبة
ومن جهتها، تنظم وزارة التجارة معرضا للمواد الغذائية الأكثر استهلاكا في رمضان تباع بأسعار منخفضة لتمكين المواطنين ذوي الدخل المحدود من الصيام في ظروف جيدة وتوفير احتياجاتهم بأسعار تراعي قدرتهم الشرائية.
ويظل رمضان بالنسبة للموريتانيين شهر عبادة وتوبة إذ يعيش الموريتانيون هذا الشهر في أجواء روحية مفعمة بالمحبة والتسامح والتكافل.
ويقضي الموريتانيون أيام الشهر الفضيل بين العبادة وصلة الرحم والقيام بالأعمال التضامنية في شهر يتضاعف فيه الأجر والثواب وتزدهر فيه مجالس العلم والشعر حيث تنظم أمسيات ثقافية وفنية تشمل مختلف أشكال الإبداع.
وفي هذا السياق تتولى القنوات الإذاعية والتلفزيونية العمومية والخاصة على حد سواء تنظيم سلسلة من البرامج الدينية للإفتاء والوعظ يشارك فيها علماء وأئمة وفقهاء.
ومساهمة منها في خلق حركية ثقافية وفكرية وترفيهية تتماشى وخصوصيات هذا الشهر الفضيل بادرت النقابة الوطنية للصحافة الموريتانية هذه السنة بتنظيم " ليالي رمضان " كفضاء للحوار والإبداع والتفكير والترفيه من خلال حوارات فكرية وسهرات في الإنشاد الصوفي والموسيقى الروحية فضلا عن قراءات شعرية وعروض مسرحية.