بعد الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب وما رافقه من تهليل من قبل النخب العربية المحسوبة على المشروع الإيراني، نشطت في موريتانيا عدة حسابات في مواقع التواصل الاجتماعي يدعو أصحابها الحكومة الموريتانية إلى مد الجسور مع إيران وتحسين العلاقات معها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، زاعمين بأن إيران الدولة الوحيدة بالشرق الأوسط القادرة على مساعدة موريتانيا بمشاريع اقتصادية كبيرة تنهض باقتصاد البلد المنهار.
ورغم انعدام الروابط التاريخية والبعد الجغرافي بين البلدين، إلا أن القائمين على هذه الحسابات لم يعجزهم خلق قواسم مشتركة بين البلدين والشعبين وتباروا في ذلك، فيما تبدو أنها محاولة لتمرير خطاب يهدف لتحسين صورة إيران لدى الموريتانيين، ولم يغب عن أذهان هؤلاء اللعب على الوتر الديني حيث كتب أحدهم أن “المذهب المالكي السائد في موريتانيا أقرب المذاهب السنية للشيعة، بل إن الطرق الصوفية في موريتانيا لا تختلف كثيرا في ممارساتها للشعائر عن المذهب الاثني عشر السائد في إيران”.
وحسب محللين فإن هناك جملة من المداخل مثَّلت منافذ استطاعت الجمهورية الإسلامية في إيران أن تتغلغل من خلالها داخل القارة بما في ذلك بعض بلدان شمال وغرب إفريقيا؛ حيث تمكنت من توطيد علاقاتها الدبلوماسية بأكثر من حكومة، ووضعت أسساً لبناء شراكة اقتصادية وتعاون في مجال التنمية على أكثر من صعيد، والأهم من ذلك أنها نجحت في نسج شبكة علاقات داخل عدد من الأوساط الاجتماعية ومدَّت جسورًا للتواصل مع بعض الدوائر التي يمكن أن تشكِّل حصان طروادة لنشر المذهب الشيعي في بلدان ظلت خالصة للمذاهب السنية لاسيما المذهب المالكي منها، ولعل أبرز تلك المنافذ هي: اللعب على المحاور الدبلوماسية والسعي إلى تطبيع العلاقات الرسمية وتعزيز التبادل الاقتصادي وتنشيط الدبلوماسية الثقافية والشعبية.
ويبدي علماء دين ووجهاء اجتماعيون في موريتانيا تخوفهم من التوغل الإيراني داخل المجتمع ونشر المذهب الشيعي في البلد الذي لم يعرف غير المذهب السني، في ظل فتح إيران لمعاهد ومراكز دراسات يشرف عليها موريتانيون مقربون رجال دين شيعة.