تثير التقارير المتعلقة بمردودية الاستغلال المعدني في موريتانيا، حفيظة خبراء يتهمون بعض شركات التعدين بنهب ثروات البلاد، فيما لا تعكس البيانات التي تنشرها بعض الشركات المحتكرة لاستغلال مناجم الذهب والنحاس، الحجم الحقيقي للثروات المستخرجة.
وبينما تعرض شركات عالمية وخبراء تنقيب لمسوحات تُظهر وجود احتياطات كبيرة من معدني الذهب والنحاس على مساحات واسعة، وفي مناطق قريبة من سطح الأرض في الشمال والوسط بموريتانيا، تقول الشركات التي تحتكر التنقيب في البلاد إنها لا تحقق أرباحا تؤهلها للاستمرار في العمل.
وفي أحدث بياناتها، قالت شركة "تازيازت" المملوكة من طرف شركة "كينروس" الكندية إن تكلفة إنتاج الأونصة من ذهب تازيازت وصلت 1000 دولارا، وإن هذه القيمة لا تشمل جميع التكاليف المرتبطة بالتشغيل كالإدارة، وبالتالي فإن التكاليف النهائية تفوق سعر الذهب الحالي في السوق الدولية.
وعزت الشركة ارتفاع التكاليف إلى أسباب عديدة من بينها البنية الصعبة لكون خامات الذهب السطحية السهلة الاستغلال قد تم استنزافها من طرف المالك السابق، إضافة إلى أن الجزء الأكبر من الخامات الحالية يحتوي على نسبة أقل من الذهب، وهو موجود على عمق أكبر، ما يجعل تكاليف الاستخراج باهظة.
وأوضحت الشركة أن تكاليف الإنتاج المرتفعة إلى جانب انخفاض سعر الذهب الذي فقد ما يقارب 30% من قيمته منذ 2012، يولد مزيدا من الضغط المالي على الشركة ويهدد قدرتها على البقاء في المستقبل.
وتوظف شركة "تازيازت" 2500 موريتاني، وتبلغ مساهمتها في ميزانية الدولة أكثر من 110 ملايين دولار.
غير أن المعلومات المتعلقة بالاستغلال المعدني في مناجم الذهب أثارت غضب خبراء، اتهموا الشركة بالنهب الممنهج لثروة الشعب وتقديم أرقام مغلوطة للجانب الموريتاني عن حجم الذهب المكتشف.
ويقول الخبير الاقتصادي، لمين ولد الختاري، لـ "العربي الجديد": إن الشركة الكندية تتكتم على الحجم الحقيقي لكميات الذهب المستخرجة بمساعدة مسؤولين نافذين في الدولة، وتستفيد من عقود الاستغلال المنجمي التي أبرمت معها في فترات سابقة كان فيها سعر أوقية الذهب لا يتجاوز 400 دولار، وهي عقود لم تراع مصلحة الدولة ما جعل عائدات الذهب الموريتاني أقل بكثير من المتوقع.
وأشار الخبير إلى أن الدولة ليست لديها معلومات عن حجم المخزون الحقيقي من الذهب، كما أن الفساد المالي في ظل عدم الاستقرار السياسي، ساهم في توقيع اتفاقيات مجحفة في حق الدولة.
ودعا ولد الختاري، إلى ضرورة إجراء مفاوضات جديدة وتشديد الرقابة على شركات التعدين.
وأضاف أن هذه الوضعية ليست خاصة بتازيازت فقط، فأغلب شركات التعدين لا تعلن عن إنتاجها الحقيقي، والتقارير الدولية ومنها تقارير البنك الدولي تؤكد أن موريتانيا لم تستفد بشكل كبير من ثرواتها المعدنية، رغم تعدد المعادن المستخرجة من الحديد والذهب والنحاس واليورانيوم وغيرها.
نواكشوط ــ خديجة الطيب