في السابع عشر من شوال سنة 1392هـ الموافق الثالث والعشرين من نوفمبر سنة 1973 م، زار الملك فيصل بن عبد العزيز المنتبذ القصي، وقد زار الملك محظرة الإمام بداه بلكصر وأعطى بعض طلابها منحا إلى الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وسمعت الإمام بداه في شريط يقول:" تمّو ماهم عالمين إلين ذهوّانَ جايْ رافد قصيدتي آن ما گط عدت نمدح الملوك ولا الرؤساء" ويضيف "الملك گاعد إحذَ المختار ولد داداه عاملين ابهاك"، لست أدري هل هو حفل استقبال أقيم على شرف الملك أم أن الإمام بداه زار الملك في مقر إقامته ردا على زيارته له في المحظرة.
قصيدة الإمام بداه للملك فيصل ليست مديحية تقليدية بل هي محاضرة جامعة مانعة، جامعة لأفراد المحدود وهو همّ الأمة الإسلامية مانعة من دخول غيره فيه، مبينا لعقيدة أهل السنة والجماعة وأن لا اختلاف بين الطوائف السنية لدى العلماء المحققين، ويروى أن أحد علماء الطائفة الزيدية الشيعية سمع فى المدينة المنورة بيت الإمام :
ولاعيب فيها غير أن دروسها :: تقدسها غر المذاهب الأربع
فقال ما أحسن لو قال الإمام :
ولاعيب فيها غير أن دروسها :: تقدسها غر المذاهب أجمعُ
فقيل له إن مذاهب السنة المعتمدة أربعة فقط.
عقيدتها بين العقائد درة :: فلا كيف ،لا تعطيل ،لاشِبه يُدفع
تُفوِّض فى كُنه الصفات وتتقى :: أقاويلَ تأويل الصفات وتمنع
و القاعدة فى الأسماء والصفات: أن يُوصف الله بما وَصَف به نفسه أو وصفه به رسوله، بلا كيف ولا تعطيل ولا تشبيه وأن نؤمن بها على مراده تعالى، وهو منهج التفويض فى كنه الصفات فلم ينشأ التأويل إلا بعد القرون المزكاة
وهذا هو النهج القويم لأحمد :: ونهج الإمام الأشعري المتتبع
قدأظهر هذا فى اختلاف إبانة :: كتابيه ، إبداء الإبانة أنفع
وتصنيف ذي العلم القويم مقدم :: على نقل غير بان فيه التضعضع
وهذا هو مذهب و نهج الإمام أحمد بن حنبل وهو نهج الإمام أبي الحسن الأشعري وعبر عنه فى كتابيه:
- مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين
- الإبانة عن أصول الديانة
وما عليه جل المحققين وما يعتمده العلماء الشناقطة هو أن أبا الحسن الأشعري رجع إلى التفويض أخيرا، وتأتي أهمية كتاب الإبانة عن أصول الديانة من جهة كونه آخر ما كتبه الإمام الأشعري وفي الكتاب تصريحه بإتباعه لمذهب السلف، بل صرح أنه على ما يقوله الإمام أبو عبد الله أحمد بن حنبل، مما يدل على بطلان ما انتهجه بعض أصحابه من بعده من التأويل، وهذا هو مذهب أهل شنقيط يقول العلامة محمد فال بن باب العلوي "اباه" :
مافى كتاب الله من مشتبه :: على مراد الله نؤمن به
وما يكون فى كلام الهادي :: على مراد أفضل العباد
ولم يكلف ربنا عباده :: فى مثل ذا أن يعرفوا مراده
وهذا ما يراه الإمام بداه بخصوص الأشعرية ،و يروى أن العلامة محمد الأمين بن محمد المختار الشتقيطي "آب ولد اخطور" قال إنه على العقيدة التى أتى بها من موريتانيا فلم يطرأ عليه شيئ بعد قدومه للسعودية وإقامته بها،مما يعني أن لا خلاف بين العقيدتين لدى المحققين لإتباعهما نفس المنهج وهو منهج السلف فى التفويض.
/
قال الإمام بداه رحمه الله:
لجامعة الإسلام فى القلب موقع :: أليس بها نور المدينة يسطع
وقد رامها أبناء بجدتها على :: قيادة بَنْ باز الرفيع المرفع
وقد أُحكمت أحكامها ودروسها :: وهيئتها الحسنى هنالك تلمع
هُداها هدى الله العزيز وهديها :: دواما كما يهدي الشفيع المشفع
ولاعيب فيها غير أن دروسها :: تقدسها غر المذاهب الأربع
عقيدتها بين العقائد درة :: فلا كيف ،لا تعطيل ،لاشِبه يُدفع
تفوّض فى كنه الصفات وتتقى :: أقاويلَ تاويل الصفات وتمنع
وهذا هو النهج القويم لأحمد :: ونهج الإمام الأشعري المتتبع
قدأظهر هذا فى : " اختلاف" " إبانة " :: كتابيه ، إبداءُ الإبانة أنفع
وتصنيف ذي العلم القويم مقدم :: على نقل غير بان فيه التضعضع
فبورك فى أعضائها ودروسها :: وفى مَلكها لهو الشجاع المقنع
يقيم حدود الله فى أرض ملكه :: على رغم من عادى ومن يتصنع
ودستوره قدما كتاب وسنة :: بأمر كتاب الله لاريب يصدع
ومحكمة القاضي تصدر حكمها :: ويصحبه التنفيذ ساعة يطلع
فهذي يد مقطوعة لإختلاسها :: نصابا وذى أيضا رؤوس تُقطع
وذلك مأسور وهذا معزر :: وذلك مرتاع وهذا مروع
وتشييده صرح الدعائم صرحت :: بإحكامه شرعا حجيج وركع
وهذا قليل من كثير محقق :: به يشهد التاريخ بتا ويقطع
أَيَا ملكًا يُدعى بفيصلَ جده :: سعودٌ ، ومعلومٌ أبوك المشيع
فما الأمن إلا ما حوته دياركم :: وما اليمن إلا من بلادك ينبع
حياتكم الإسلام فيدا لنصره :: وإن تنصر المولى فنصرك أرفع
فصابر ورابط صابرا ومصابرا :: بذلكم المعنى نضر وننفع
ونرجوا جميعا أن نسير بسيركم :: خفافا ثقالاشردوا الكفر واقمعوا
بحكمة أو ضرب عميق وضربة :: ورميٍ وقصف بالقنابل يصرع
وماصغت هذا الشعر شعرا مطالبا :: حطامَ الدنا كلا ولا شيئَ يُصنع
ولكن إشاعات أتتنا فروعها :: فحتم علينا أن يُرد المُـشيع
وإبداء نصر للروابط بيننا :: فجامعة الإسلام أبهى وأروع
ودمتم لدين الهاشمي محمد :: بجامعة فيها التراث مجمع
ورابطة تحيي نماءَ بقية :: من الدين قد كادت بذا الحين تنزع
وهذا خطاب للجميع موجه :: فقد حل بالإسلام ما يتوقع
فيا أيها الإسلام مالك خاشعا :: كأنك لا تعلو ولا تترفع
فأوردها سعد وسعد بشملة :: فماهكذا ياسعد تورد ، يُسمع
وياشجر الخابو مالك مورقا :: كأنك لا تحنو ولا تتوجع
فلا ضعف فى الإسلام ،الإسلام قوة :: وفخر ، حفاظ ، واصطدام مُنوع
وحزم وعزم واحتيال حماسة :: وكد وكيد للعدا يتنوع
فجنبا لجنب ماسكين تماسكا :: ورابطة ،قوموا فما ذَ التخشع ؟!
فلا تهنوا لا تحزنوا أنتم الألى :: علوتم عُلاً إيمانها يتلمع
وحمرا وسودا لا تكونُنَّ عالة :: على بكرة الآباء قوموا فشجعوا
فيا عنزُ هذا ، تَمِّمَنْ شطرَ بيته :: ولو ينفع العيعاءُ فيه المُرجَّع
فلم تُغلب الآلاف جراء قلة :: فكيف بآلاف الألوف تجمعوا
فأنتم لإحدى الحسنيين مصيركم :: وما النصر إلا من عزيز موقع
فسيروا إلى نصر عزير وعزة :: وجنات عدن راحة لا تَقَطَّع
فلسطين أبطالٌ تناضل جهدها :: فلا تغفلوا الأبطال ظلما تُصرع
ومسرى إمام المرسلين محمد :: يُداس بأقدام الصهاين يفجع
ففي بيت شعر قد مضى ذكر أقرع :: إلى ذكر : إن يُصرع أخوك فتصرع
يسومهم سوء العذاب موقع :: بأيديهمُ قد قتلوهم وروعوا
والإغراءُ أوساطَ الأمور لنكتة :: بلاغة شعر لاتُملًّ فتدفع
غثاءً يُماشي السيل لاشك أنتمُ :: فقد حان حان الزحف أجمعُ أكتعُ
فأهلا وسهلا بالمليك ووفده :: ورايته بالذكر والسيف تقطع
صلاة على ختم الرسالة أحمد :: سلام على من فى الخلائق يشفع
كامل الود
نقلا عن صفحة المدون إكس ولد إكس إكرك على الفيسبوك