انواكشوط مدينة تغرق .. فتربتها طينية لزجة رطبة وهشة .. ومياهها الجوفية على عمق اقل من 50 سم في معظم المناطق، وسباخها مفرجات طبيعية لمياه المحيط ومصبات لمياه الأمطار ...
انواكشوط رغم سنواتها الستين بدات تموت وتندثر بفعل إهمال ساكنتها وسوء حكامتها العمرانية، وهي اليوم تواجه خطر آفطوط الساحلي الذي تحول من نعمة منتظرة إلي إلي نقمة متربصة ... اليوم تستقبل المدينة 380 الف متر مكعب من مياه آفطوط الساحلي وحوالي 70 الف متر مكعب من مياه إديني ... هذه المياه تستخدم وتضخ وسخة بصورة فوضوية في اوصال المدينة الخفية لغياب المجاري وغياب الصرف الصحي، وهذا الغياب مثل ويمثل إشكالية مركبة فما يبرمج الآن انجازه هو مجرد صرف مؤقت لمياه الأمطار أما الصرف الصحي فما يزال مشروعا غير محدد المعالم.
والمشكل أن هنالك مجموعة من المنظومات مترابطة كان يفترض ان يبدأ باعمقها واضخمها وهو الصرف الصحي الذي هو بمثابة مدينة تبني تحت المدينة لها ممراتها وخزاناتها وآليات إخلائها واوراش صيانتها .. شبكة الصرف الصحي هي اساس البنيان الأعمق تأتي فوقها شبكة صرف وشفط مياه الأمطار وغيرها من المياه السطحية .. تأتي فوق ذلك منظومة اسلاك الإنارة العمومية الغائرة التي أنجز قسم منها .. لكن المشكل الفني العويص هو أنه حين يبدأ انجاز شبكات الصرف الصحي الحقيقي لا بد ان تحطم شبكات الصرف المطري وتزال اسلاك الانارة العمومية الغائرة وأعمدتها الداعمة وسيمثل ذلك خسارة فنية ومادية كبيرة.
لقد تجاهل أصحاب القرار رأي الفنيين والخبراء القائل بانه في هذا النوع من الشبكات عليك أن تبدأ بالأعمق والأضخم حتي لا تفسد ما فوقه، وأخشي أن يكون هذا التجاهل مؤسسا على نية مبيتة بإنجاز الجانب السطحي المتمثل في صرف وشفط مياه الأمطار وتاجيل الأهم وهو الصرف الصحي حتي إشعار آخر بوصفه شعارا مرحليا، والشعار يطفو عادة لسنوات طويلة تقاس باعمار الأنظمة وقد لا يجسد ولا يمكث في الأعماق ابدا.
أحمد ولد أعمر - كودفوار