رسالة من تحت الماء .. إلي المجموعة الحضرية ..!!

اثنين, 06/19/2017 - 16:59
رئيسة المجموعة الحضرية أماتي منت حمادي

سيدتي رئيسة المجموعة الحضرية

تحية مباركة طيبة، وبعد

أهنئك بالعيد الذي عاد ومدينتنا على نفس الحال إن لم يكن أسوأ .. غارقة في قمامتها المتحللة .. وفي مستنقعاتها الوسخة .. تغطيها الحشرات السامة ويتعرض ساكنتها لأوبئة لم تكن معروفة .. هي غارقة في هموم مستفحلة مستعصية متصاعدة لا أفق لحلها .. و من يفك ضففائرها مفقود..

أهنئك على جهودك السيزيفية وعلى الشاحنات التي تعاقدت مع أصحابها بالمليارات والتي هي اصل البلاء ومكمن الداء فهي تنثر الأوساخ وتوزع روائحها النتنة صباح مساء متظاهرة بإزالتها .. أهنئك باندثار الساحات العمومية واندثار الأرصفة وباحتلال لوحات الاشهار الصفراء لجنبات الطرق وواجهات المدارس والمساجد والمستشفيات، كما أهنئك بصراع عربات الحمير الملحمي مع السيارات المتهالكة التي حولت مدينتك الضائعة السائبة إلي مكب لنفايات أوروبا والمغرب العربي والصين وإفريقيا جنوب الصحراء .. اهنئك على المجهود الموصول الذي يقوم به الأهالي لسد الأرصفة بدون رقيب .. أهنئك بحملات التحصيل الناجحة التي تأخذ الضرائب على كل من هب ودب .. وأهنئك لأنك اصبحت وما زلت تطمحين لأن تظلي رئيسة للمجموعة الحضرية متربعة على عرش 3 ولايات عشوائية تختزل كل مشاكل البلاد .. فإذا كانت البلاد "كعكة" وأخالها كذلك فلك الحق في أن تنظري إلي الأمور نظرة غير مبالية فلست بدعا في هذا ومن دخل غابة فليزقزق كما تزقزق عصافيرها الأخرى وتصرصر نسورها .. أهنئك لأنك حجبت نجاحات عمد المقاطعات البسيطة واحتكرت اهم الموارد تعاملت مع المدنية الخشنة بخشونة أكبر .. فكل جهدك انصب عبثا على إزاحة القمامات أما توضيب الساحات وتشذيب الفضاءات وبناء رأي عام حاضن لقيم المدنية فهذه أمور مؤجلة ..

سيدتي الفاضلة  لا أغمز في أصالة منبتك ولا في جموح مطمحك لكنني عاتب عليك لأنك لم توفقي في ترجمة مطامحك في فعل ملموس ينفع المدنية ويمكث في أرضها .. أقدر ما تشعرين به في قرارة نفسك من خيبة أمل فثواب المؤيدين المشرعنين قد يصل حد التوزير، ولو أدركت أن البحر عميق جدا لهذه الدرجة لما ابحرت .. لو أنك تعرفين خاتمتك ما كنت بدأت ..  لكن عليك أن تدركي أننا نغرق .. مدينتنا تغرق .. تموت .. وتلفظ أنفاسها الأخيرة .. فرعيتك تمطرها يوميا بـ 380 ألف متر مكعب الماء الوسخ والأمطار تزيد طينها المبلول أصلا بلة .. ولعاب المحيط المالح يعلك تربتها بشكل مخيف .. وأحياؤها تغرق الواحد تلوي الآخر .. وأمورها تتفاقم كل يوم وكل مساء تقترب لحظة الاندثار .. يحدث كل ذلك في غياب شبكات الصرف وشبكات المجاري وفي غياب أي مشروع وأية رؤية وأي تدبر للحاضر وأي استشراف للمستقبل.

سيدتي الفاضلة لا نحملك كل المسؤولية فالهم هم مشترك والتعامل معه تشاركي أو لا يكون .. لكن المنتظر منك ألا تستكيني في برجك الامتيازي بل أن تفعلي شيئا وفعل الشجعان قد يصل حد الاستقالة والرازق هو الله، فلعل استقالتك أن تكون صرخة إنقاذ ولعلها أن تدغدغ ما ترسب من ركام الضمائر الميتة .. ومن يدري؟ فقد تكون الخطوة الأولي لإطلاق حكامة حضرية راشدة لمدينة أخرى تولد من رحم المدينة الهالكة.

لك التحية والتقدير في جميع الأحوال، فأنا اكتب من تحت الماء فانا غارق من رأسي .. حتي قدمي .. إني اتنفس تحت الماء .. إني أغرق .. أغرق .. أغرق.

 ولله الأمر من قبل ومن بعد.

للتواصل:

محمد عبد الله ولد محمدو         - الإيميل: [email protected]