يحكي أن رجلا كانت له زوجة تدعي فاطمة وكانت تنغص عليه عيشه ببذاءتها وسوء سلوكها. صبر على حالها زمنا حتي عيل صبره. فقرر أن يهرب من بلاد هي فيها.
انتظر حتي كان ذات ليلة فاطلق ساقيه للريح، وبينما هو سائر رأي أمامه خيالا يقترب منه، فاشتد فزعه، حين سأله الخيال قائلا:
من أنت يا هذا؟
فأجابه على الفور: إني إنسي وقد سئمت معايشة زوجتي وإيذاءها لي فقررت الهرب.
تدخل الخيال قائلا: وأنا كذلك جني لي زوجة تدعي فاطمة وقد بالغت في إيذائي فقررت الهرب، فلنترافق إذن، ساحملك إلي اقصي مكان، وسنتعاون على العيش فعليك أن تدعي البركة وتكون راقيا خبيرا للجنون، أما أنا فسيكون من يمس الناس إلي ان يصيبهم الجنون.
وصل الرفيقان إلي مدينة، وقدم الإنسي نفسه على أنه طبيب ما هر للأرواح الخبيثة، وفي كل مرة كان صديقه الجني يخالط رجلا أو امرأة، فيطلب الانسي من ذويهما أن يعطوه ديتها وحين تسلم الدية، يكتب الراقي تميمة للشخص المجنون، فيخرج الجني فورا ويعود الشخص إلي صوابه، وهكذا بقيا على هذه الحال حتي حصلت لديهما أموال من أكثر من خمسة عشر شخصا.
وفي احدي الأيام أصيبت ابنة السيطان بالجنون، وجاء تابعها الجني إلي صديقه الإنسي وحذره قائلا: إياك ان تعرض لهذه الأميرة فإني اريدها لنفسي، رضخ الإنسي لتحذير صديقه، وكان السلطان استدعاه وطلب منه أن يداوي ابنته اعتذر الانسي وقال إن هذه الحالة متعذرة ولا أعرف رقيتها.
غضب السلطان من الطبيب وهدده بالقتل إن لم يشف ابنته وحين عرف الرجل أنه مقتول لا محالة، طلب من الملك أن يمهله حتي وقت صلاة المغرب فقبل الملك.
ذهب الانسي بعيدا وجلس يفكر، وقال في نفسه لقد أعطاني الله نعمة العقل فكيف، وأنا العاقل لا أحتال على هذا الجني الناقص العقل حتي اخلص منه المريضة وأتخلص منه؟
بقي سحابة يومه، وحين افتقده الجني ذهب للبحث عنه، حتي وجده، فبادره قائلا:
لما ذا أنت هنا؟
فاجابه الإنسي كنت أبحث عنك لقد وصلت الفاطمتان وأرسلتاني في طلبك ولا يمكن أن ارجع إلا وأنت معي.
فزع الجني وقال له قل لهما إنك لم تعثر علي، وطار بعيدا بعيدا، ورجع الطبيب إلي المدينة وقد شفيت الأميرة وأجزل له أبوها العطاء وعاش متمتعا بثروته الوفيرة.
نقلا عن كتاب الحكايات والأساطير الشعبية الموريتاني ج2