تعاني موريتانيا من عدة أزمات أصبحت تهدد بقاءها و تعايش مكوناتها الاجتماعية، حولتها إلى مجتمع مريض، يطحنه الفقر و الجهل و التخلف و تتجاذبه تيارات العنف الفئوي و السياسي و الاجتماعي: انفلات الأمن، تفشي جرائم العنف بكل أنواعها، التصادم الفئوي المتصاعد و تراجع كامل بكل ملامح الانهزام لأي دور إيجابي للسلطة .
ـ إن السلطة التي تسجن بيرام في حالة ظلم كاملة العناصر هي التي صنعته و أكملت ملف ترشحه للرئاسيات و حولته إلى سياسي مزعج و حقوقي شرس..
ـ السلطة التي أطلقت الحوار برسالة مكتوبة إلى المنتدى تم الرد عليها بأخرى مكتوبة من الأخير هي من تعرقل الحوار اليوم برفضها إرسال رد مكتوب إلى المنتدى..
ـ السلطة التي ملأت الدنيا و شغلت الناس بمحاربة الفساد هي من ندخل الآن عامنا السابع و نحن نصحو كل يوم على موبقة من موبقاتها لم نسمع قط بمثلها في تاريخ الجمهورية : رعاية المخدرات، بيع السنوسي، تزوير العملات، تبييض الأموال ، صناديق كومبا با، إطلاق نيران “صديقة”، رشاوى تازيازت، تشييد الأبراج في دبي، شراء العقارات في المغرب، البيع الصوري للمدارس و بلوكات و استاد و مدرسة الشرطة لأقرب المقربين…
ـ كل من تسجنهم السلطة اليوم في قضايا مالية في إطار مسرحية محاربة الفساد ، يتجاوزهم من احتال على نصف مليار من ميزانية الجيش ليتم إطلاق سراحه بعد أسابيع فقط من إدانته لأنه ابن عم رئيس العصابة ..
و لربما كان من ينكرون وجود أزمة في موريتانيا على حق، لأن ما نعيشه اليوم كارثة حقيقية بكل المعايير أو بمعنى آخر سلسلة من الأزمات المعقدة أحكمت قبضتها على البلد و أسندت كل منها ظهرها إلى الأخرى لتضع حالته في قبضة المستحيل.
و الأزمة ليست هنة مادية ذات شكل هندسي معروف تتجسد للرائي بألوانها المعروفة؛ الأزمة تدرك بالعقل و الفهم و التحليل و من الطبيعي أن لا يرها من يفتقد هذه الملكات. و على من يقولون لا نرى أزمة في موريتانيا أن ينتظروا حتى تخترق جسم أحدهم رصاصة غائرة أو خنجر طائش ليروا ما في جبة الأزمة : كل من يعيش في موريتانيا اليوم يعي أنه يسافر في شاحنة متهالكة بلا فرامل، تقودها عصابة لصوص مذعورة، بلا وجهة محددة ، قد تنزل الجميع في أي محطة و قد تنزل البعض و قد تحتجز الجميع حتى خط النهاية و قد تحمل أسلحتها و ما خف من زاد و تغادرها في أي لحظة بعد إطلاق النار على عجلاتها..
و إنكار الأزمات و ممارسة التعتيم عليها و إظهار صلابة الموقف و أن البلد في أحسن حال، طريقة معروفة لدى الدارسين عند الأنظمة المتغطرسة الرافضة دوما للاعتراف بوجود أي خلل في كيانها. و كان نكران العصابة الموريتانية لتفشي الحميات الأخيرة التي ألمت بالبلد، دليلا على انتهاجها أسلوب نكران الأزمات رغم أن اعترافها بها كان يحولها إلى حالة عادية يواجهها بلد محدود الوسائل بما لديه من إمكانيات، ليس إلا..
و يعتقد الموريتانيون أن باستطاعتهم إلغاء التجربة الإنسانية و تعريف الأشياء كما يحلو لهم و هذا يجعل أكبر أزمة يعانونها هي أزمة الجهل و هي الأخطر لأنها تتمثل في جهل الحقائق و طرق علاجها و نقص المعلومات و سوء التقديرات و التقليل من شأن الأزمة و من مخاطر نتائجها و إحراق كل مراحل علاجها حتى الوصول إلى مرحلة الانفجار و الصدام التي أصبحنا على مشارفها ، شاء من شاء و أبى من أبى.
فما هي الأزمة و متى نقول بأن بلدا ما يعيش أزمة؟؟
الأزمة لغة : أزَم على الشيء : عضّ بالفم كله عضاً شديداً عليه. يقال أزم الفرس على اللجام. و أزمت عليهم السنة أي اشتد قحطها. والأزمة تعني الشدة والقحط . ويطلق على كل طريق ضيق بين جبلين مأزم.
و الأزمة اصطلاحا ( Crisis) مشتقة أصلاً من الكلمة اليونانية (KIPVEW ) أي بمعنى لتقرر (To decide). أما في اللغة الصينية فتنطق كلمة أزمة ( Ji-Wet) وهي عبارة عن كلمتين: الأولى تدل على ( الخطر ) والأخرى تدل على (الفرصة) التي يمكن استثمارها وتكمن البراعة هنا في تصور إمكانية تحويل الأزمة وما تحمله من مخاطر إلى فرصة لإطلاق القدرات الإبداعية التي تستثمر الأزمة كفرصة لإعادة صياغة الظروف وإيجاد الحلول السديدة.
ويعرف قاموس “رندام” الأزمة بأنها ظرف انتقالي يتسم بعدم التوازن ويمثل نقطة تحول تحدد في ضوئها أحداث المستقبل التي تؤدي إلى تغيير كبير.
و يعرف معجم “ويبستر” الأزمة بأنها نقطة تحول إلى الأفضل أو الأسوأ. وهي لحظة حاسمة أو وقت عصيب، أي وضع وصل إلى مرحلة حرجة.
و يرى (scher mehorn) أن الأزمة مشكلة غير متوقعة قد تؤدي إلى كارثة إن لم يتم حلها بصورة سريعة.
و يعتبر وزير خارجية الولايات المتحدة الأسبق هنري كيسنجر أن الأزمة عرض (Symptom) لوصول مشكلة ما إلى المرحلة السابقة مباشرة للانفجار، مما يقتضي ضرورة المبادرة بحلها قبل تفاقم عواقبها . و يرى أن الحل الجيد في أي صراع هو الحل الذي لا يرضي أي طرف و لا يستطيع أي طرف رفضه.
و يعرف آلاستير بوخان (Alastair Buchan) الأزمة بأنها تحد ظاهر أو رد فعل بين طرفين أو عدة أطراف، يحاول كل منهم تحويل مجرى الأحداث لصالحه.
و الأزمة حدث اجتماعي أو شخصي يتميز باحتدام الآلام، والتناقضات أو الشكوك، يمكن أن تنتج عنه انفجارات عنيفة أو تمرد. و الأزمة بتعبير أدق هي فقدان التوازن. فمن يقول إنه لا يرى أزمة في موريتانيا اليوم إما أن يكون يجهل معنى الأزمة و إما أن يكون يتجاهل كل علاماتها ..
و الأزمة السياسية (أو أزمة النظام) تظهر حين يصبح النظام السياسي في بلد ما عاجزا عن مراضاة الشعب أو عاجزا عن الاستجابة لتطلعاته و حاجياته . و الأزمة مرحلة خطيرة في تطور الحالة السياسية لبلد ما، يمكن أن تقود إلى إضرابات، مظاهرات، تحركات اجتماعية، قلاقل أو ما هو أخطر من ذلك؛ انتفاضة أو ثورة أو حرب أهلية.
و هناك الأزمة الدستورية التي تؤدي أحيانا إلى نمط حكم سياسي جديد (تغيير الدستور) و هناك أزمة الحكم التي تفضي أحيانا إلى إنشاء حكومات توافقية..
و الصورة الأكثر اضطرابا للأزمة السياسية هي الثورة : و تهدف الثورة إلى إلغاء المحظور الأساسي الذي يقوم عليه النظام السياسي أي إسقاط رأس النظام.
و تعتبر الأزمة السياسية لحظة هامة و خطيرة و أحيانا حاسمة في تاريخ بلد ما و تعكس عدم تطابق جلي بين تنظيم مؤسسة سياسية و الحقيقية..
ألا يعتقد من يقرأ هذا التعريف لأول مرة، أنه مستنبط من الحالة الموريتانية اليوم؟ ـ و الأزمة الاقتصادية هي التراجع المفاجئ للحالة الاقتصادية لبلد ما نتيجة خلل عدم تطابق بين الإنتاج والاستهلاك و تتترجم على أرض الواقع بزيادة في البطالة و انخفاض الناتج المحلي الخام (PIB) و تزايد في عدد حالات الإفلاس و انخفاض في القوة الشرائية . و يعتبر الركود (récession) شكلا خفيفا من الأزمة الاقتصادية، في حين يعتبر الكساد (dépression) شكلها الأعمق.
هل يستطيع عاقل يحترم نفسه، أن يدعي إنكار استحكام كل علامات الأزمة الاقتصادية في هذا البلد؟
ـ اما الازمة الاجتماعية فتعرف علي انها خلل وعدم توازن في عناصر النظام الاجتماعي في ظل حالات من التوتر والقلق والشعور بالعجز لدى الافراد وعدم القدرة علي اقامة علاقات اجتماعية وانسانية وظهور قيم ومعايير اخلاقية مغايرة للثقافة السائدة.
ويرى أحمد مجدى حجازي أن الأزمة هي نوع من التحدي نظراً لما تفرضه من ضغوط حياتية اجتماعية ونفسية على الفرد. وهى في أبسط معانيها تشير إلى حدوث نوع من الخلل وعدم التوازن بين عناصر النظام الاجتماعي وما يحتويه من علاقات إنسانية وتوجهات عامة وقيم ومعايير أخلاقية راسخة ومتأصلة..
والأزمة بهذا المعنى تمثل مشكلاً يتشكل عبر الزمن من مصادر كامنة في البناء الاجتماعي ومتأثرة بمجموعة من العوامل والأبعاد المتداخلة تعوق التواصل بين الأجيال وتلغى العلاقات الطبيعية بين البشر (العلاقات الرأسية والأفقية)، وتهدم أسس الاستقرار الاجتماعي وتعبر عن تقلبات اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية أو كل ذلك في آن واحد، وتظهر عادة خلال نقلات حضارية وحراك اجتماعي صعوداً أو هبوطاً تؤثر بدورها في هذه الكيانات أو النظم مما يجعلها تشكل حالات من التوتر والقلق والشعور بالعجز وعدم التواصل والفشل في تحقيق التوازن بين الغايات والوسائل. فمن ذا يستطيع اليوم نكران الأزمة الاجتماعية التي تعيشها موريتانيا؟
ـ الأزمة الأخلاقية : الأخلاق: هي منظومة العادات والأعراف وتطلق على السلوك و قد تستخدم بمعنى مجموعة القوانين السلوكية العامة والمقبولة داخل المجتمع أو الجماعات الفرعية منه.
و الأخلاق اصطلاحا، هي مجموعة القواعد السلوكية التي تحدد السلوك الإنساني وتنظمه و ينبغي أن يحتذيها الإنسان فكراً و سلوكاً في علاقاته الاجتماعية ومواجهة المشكلات المختلفة و التي تمكنه من الاختيار الخلقي في المواقف الأخلاقية، و التي تبرر المغزى الاجتماعي لسلوكه بما يتفق وطبيعة الآداب والقيم الاجتماعية السائدة في مجتمعه..
و الأزمة الأخلاقيّة، نقص حاد في القيم والأخلاق، على مستوى الدولة والمجتمع والأفراد، مما يؤدى إلى نتائج مدمرة تهدد القيم العليا والأهداف السامية في المجتمع. و تظهر الأزمة الأخلاقية من خلال تفشي الكذب و الغش و النصب و الاحتيال و نهب الما العام و التهرب من المسؤوليات و انتشار النفاق و ضياع الأمانة بين الناس ..
و من أهم أسباب الأزمة الأخلاقية، تراجع التدين، غياب الغدوة الصالحة، طغيان المفاهيم المادية، غياب العقوبات الرادعة، غياب العدالة بين الناس ..
و يظهر من خلال هذا التعريف أن من ينكر الأزمة الأخلاقية في موريتانيا يجسد إحدى أهم حالات أسبابها..
كل هذه الأزمات تشبعت بكل ما تحتاج لتتحول إلى قنابل موقوتة في زمن هذه العصابة التي عاثت فسادا في البلد فأفسدت الأخلاق و نهبت خيرات الشعب و أشاعت الظلم و زرعت الأحقاد بين فئات الشعب و همشت النخب فعم الظلم و الجور و فسد القضاء و انحرف الشباب و تحكمت الفوضى في كل شيء.
إن من يدعون المعارضة اليوم لمحاورة هذه العصابة يتجاوزون أشياء كثيرة : لقد تجاوز ولد عبد العزيز المعارضة في انتخاباته النيابية و البلدية و الرئاسية و بانفراده بالحكم ، أدخل البلد في مأزق سياسي و اقتصادي و اجتماعي و أخلاقي و أفسد علاقاتها مع كل دول الجوار و طرد المستثمرين و مرغ سمعة البلد في وحل المخدرات و التهريب و التزوير ..
و اليوم يدعو ولد عبد العزيز المعارضة للحوار من دون أن يقول لها لماذا.. من دون أن يعترف بأن البلد في أزمة .. من دون أن يعترف أنه هو نفسه في أزمة .. و من دون أن يعتذر للمعارضة عن سبع سنين من حرمانها من أي حق في بلدها : رجل أعمال معارض يحرم من كل شيء و يتم تركيعه بالضرائب حتى يهرب.. إطار معارض يتم عزله في مكتبه لفترة ثم يطرد ، حتى جريدة أو موقع معارض يتم حرمانه من أي دعاية و حين تظهر عليه من قبل أي جهة غير حكومية يتم التعامل معها بأقسى العقوبات و الضغوط.
أن تنتزع منا عصابة بلدنا و تشردنا و تحرمنا من أبسط حق العيش فيه ، هذا أمر يحدث ؛ نرفضه و نقاومه بما نراه مناسبا : لقد كان باستطاعتنا أن نقتل ولد عبد العزيز بكل سهولة .. كان باستطاعتنا أن نواجهه بمقاومة مسلحة تنهيه في ظرف وجيز .. كان باستطاعتنا أن نواجهه بعمل عصاباتي (إحراق ممتلكاته و خطف ذويه و زعزعة استقراره) .. كان باستطاعتنا أن ننزل للشارع بمائة ألف متظاهر و نحرق كل شيء و يتدخل الجيش و ينهي ولد عبد العزيز حتما. ليس هناك أسهل من مثل هذه الأعمال مضمونة النتائج 100% ، لكن المعارضة الموريتانية مهما قيل عنها تظل معارضة متحضرة و مسؤولة و وصفها بالضعيفة و الجبانة ، تحريض دأبت عليه الأنظمة الحقيرة و غير المسؤولة . و لو دعت المعارضة يوما واحدا إلى مواجهة أجهزة القمع بالعنف لرأيتم النظام يرتعد جبنا و يحمل التقارير إلى السفارات الغربية طلبا للنجدة . إن ضعف المعارضة الموريتانية يتمثل في تحضرها و حرصها على السلم في هذا البلد الذي كان الشعور بالأمن و الاستقرار فيه يعوضنا كل شيء..
لو كانت المعارضة الموريتانية عاجزة عن مواجهة ولد عبد العزيز لما تأخرت لحظة واحدة عن الاستجابة لأي حوار يطرحه عليها بأي شروط، لكنها معارضة مسؤولة و قادرة على الوصول لأهدافها بألف طريقة و قد ارتأت اختيار إنهاك النظام بطول النفس (مع الأسف) و من العار عليها اليوم أن تعتبر ولد عبد العزيز رئيسا محترما ، تستجيب لدعوته للحوار . ولد عبد العزيز ليس نظاما سياسيا ، فأي هؤلاء من رئيس حزبه إلى وزرائه و مستشاريه ، يستطيع أن يعطي رأيا أو يأخذ التزاما أو يرد على سؤال لم يكلفه ولد عبد العزيز بالرد عليه و يحدد له ما يقوله بالضبط : ليس من بين هؤلاء شريك بأي درجة في نظام ولد عبد العزيز و لا صاحب رأي فيه. و لو قرر ولد عبد العزيز غدا أن تصبح تكيبر على القيادة العامة للقوات المسلحة و بدر وزير الخارجية و افيل وزير الداخلية و محسن ولد الحاج مفتي الجمهورية و وزع بقية الوزارات على بقية أفراد الأسرة لرأيتم جميع هؤلاء يتراقصون تأييدا لهذا القرار الشجاع و الرؤية الثاقبة و التوجيهات النيرة. هذا ليس نظاما سياسيا و لا نظاما عسكريا و لا أي شكل معروف لدى البشرية للنظام. و الحقيقة مع الأسف، أن تكيبر أفضل من ولد الغزواني و بدر أفضل من ولد أميمو و لا فرق بين أفيل و وزير الداخلية و محسن أفضل قطعا و أتقى و أجدر بالاحترام من الرئيس الأعلى للمجلس الإسلامي و رئيس رابطة الأئمة و رئيس مجلس الإفتاء و رئيس اتحاد الكتاب الموريتانيين و رئيس مجلس جائزة شنقيط..
هذه ليست دولة بأي مفهوم و تعامل المعارضة معها كعصابة شريرة قادرة على ارتكاب أي حماقة، يجب خنقها من الداخل و الخارج حتى تستسلم بهدوء و بأقل خسائر، عمل وطني مسؤول قد يكون فيه ما ينتقد ، لكن من يدعون إلى غيره هم من يسعون إلى تفجير الأوضاع في البلد من دون أي تصور لإدارة الأزمة و من دون أي قدرة على التحكم فيها.
إن “ممهدات الحوار” التي طرحتها المعارضة على العصابة، هي الضمانات التي يطلبها كل إنسان عادي من أي زبون غير ملتزم : شيك ضمان أو رهن عقار؛ و من الغريب أن لا تكون دولة شبيكو مدركة و متفهمة لأسباب الممهدات !؟ و غدا ستنفجر مشكلة عمال “اسنيم” من جديد و سيطلبون نفس الضمانات من عصابة اتفقت معهم على ثلاث تسويات ، لم تلتزم بأي منها.
و لكي نكون أكثر صراحة، علينا أن نعترف أن المنتدى يدرك جيدا أن ولد عبد العزيز لا يمكن أن يرد بالمكتوب على “ممهدات” المعارضة حتى لو حصلت كل معجزة؛ لا يمكن أن يرد عليها بالقبول و لا يمكن أن يرد عليها بالرفض. و هذا أمر مقصود و تتحمل المعارضة كل مسؤوليته لأن تشخيصها لأسباب ولد عبد العزيز دقيق جدا و واضح جدا؛ لو كان ولد عبد العزيز ينشد حوارا لحل مشكلة موريتانيا لما طرحت عليه المعارضة أي شرط و لسبقت الجميع للجلوس على كراسي الحوار و تنازلت قبل الجميع عن كل ما يمكن أن يعكر صفو أي طرف فيه، لكن قناعة من فرضوا هذه “الممهدات” هي أن ولد عبد العزيز لا يريد من هذا الحوار غير حل مشكلته هو و من الغباء أن ينتظر أي منكم أن تساهم المعارضة في ذلك. و لكي لا يعطون ولد عبد العزيز حجة عليهم بأن المعارضة هي من ترفض الحوار أمام العالم ـ كما حاول أن يسوق في البداية ـ عاقبوه بجريرة أفعاله المشهودة و المقنعة للرأي العام المحلي و الدولي و بمطالب تعجيزية بشرعيتها و تعجيزية بقانونيتها و تعجيزية بقدرتها على كشف سوء نية من يرفضها و ازدرائه بقيم الحكامة و حقوق الآخرين. هل كنتم تنتظرون أن تقبل المعارضة أن يفرض عليها ولد عبد العزيز شروط اللجوء السياسي في بلدها؟
لقد كان وراء هذا الموقف (و أكتب هنا للتاريخ و الذاكرة) الذي أدخل ولد عبد العزيز مربعا لن يخرج منه إلا بخروجه من الحكم، رجل الأعمال العنيد عبد القدوس ولد اعبيدنا و حزبه “إيناد” و حزب التكتل. و يجب هنا أن أنوه بالموقف الشخصي لزعيم المعارضة أحمد ولد داداه الذي وضع خطا أحمرا بينه و بين ولد عبد العزيز، حرم على نفسه تجاوزه إلا بركوعه. لقد أصبح الآن من الضروري أن نتحدث عن هذه الحقائق و هي ليست أسرارا لكن محاولة تشويهها من البعض و الالتفاف عليها من البعض و نكرانها من البعض، تجعل الحديث عنها اليوم عامل ردع لمن حاولوا ـ من الجهتين ـ تصوير ولد داداه كرجل لا يقبل الحوار و لا يقدم بديلا عنه: ولد داداه لم يجد حوارا وطنيا ليذهب إليه أو يرفضه و يرفض أن يكون هذا سببا كافيا لقبول حوار ولد عبد العزيز المفصل على المقاس. يجب أن نجعل الشعب الموريتاني على بينة مما يحدث : ولد عبد العزيز يرفض أن يذهب إلى حوار وطني يحل مشكلة موريتانيا و “المعارضة” ترفض أن تذهب إلى حوار يحل مشكلة ولد عبد العزيز و لا يوجد حوار ثالث على الطاولة ؛ فامسحوا دموع الحوار و اسألوا كل من يتحدث عنه، عن أي الحوارين تتكلم، لتروا أنه لا يملك غير التخبط و النكران. و لست أفهم شخصيا أي معنى للمبادرة التي يقوم بها د/ عبد السلام ولد حرمة و بيجل ولد هميت و لا أقول المعاهدة ، لأن المعاهدة من دون مسعود لا معنى لها و لا وجود لها و لا طعم لها. (و حين يأخذ مسعود ولد بلخير موقفا خطأ يخسر الكثير من وزنه لكنه حين يأخذ موقفا يناسب مكانته السياسية و التاريخية كهذا يصبح يساوي ثلث الساحة السياسية). كيف يعمل هؤلاء ـ كما يقولون ـ على تقريب وجهات النظر؟ هل سيقنعون ولد عبد العزيز بحوار وطني يحل مشاكل موريتانيا أو يقنعون “المنتدى” بحوار مسرحي يحل مشاكل ولد عبد العزيز، أم يحاولون ابتداع دور متقن الحيل (ليس إلا) لرفع الحرج عن الذاهبين، الذاهبين إلى الحوار بشروط و بغير شروط !؟
هناك أطراف من المعارضة لا بد أن يدخلوا هذا الحوار بدلع الأطفال و تملص النواشز و إصرار الكهول و هذا من كامل حقهم، لكن الأسوأ فيهم أنهم يحاولون تبرير هذا الجموح الانتحاري بتشويه أسباب الآخرين، في هجوم دفاعي ما كانوا بحاجة إليه ، فهذا زمن البلطجة السياسية و موضة “التساذج” و انتحار الحياء . و من الإنصاف أحيانا أن نعترف بأنهم على حق في بعض ما يفعلون: حين أعترف بأن ولد عبد العزيز رئيسي و محسن ولد الحاج رئيس مجلس شيوخي، ماذا يمكن أن يخجلني بعد؟ و على من أضحك، حين أتقاسم معهما الكعكة و الأطماع و الأدوار و الأكاذيب و احتقار الشعب و أدعي التشبث بالتقية و حمل لواء النضال و المثالية؟؟
إن الخدمة الوحيدة التي قدمها ولد عبد العزيز لموريتانيا هي أن سذاجته و مباشرته و مزاجيته و محدودية فهمه و عقدة دونيته، لا تترك لمن يسايره فرصة التذاكي لتجميل موقفه أو تلبيس مقعده ؛ فإما أن تعلن أنك معه و عدو لتقدمي و ولد داداه و ولد اعبيدنا و ولد الشافعي ـ في قسم منطوق ـ و إما أن تكون عدوا مثلهم، تؤيد “لموند” و مامير و تبغض آل البيت و تحسد القبيلة على ما أتاها الله من عوائد الذهب و السمك و الحديد و الضرائب و شبيكو و ريع المدارس و “بلوكات” و الأراضي الزراعية و السنوسي و المستور في علم الله و صناديق كومبا با و تسجيلات “غاناغيت”…
إن التذاكي مع وضوح خيارات ولد عبد العزيز ، يحول صاحبه إلى مهرج حقيقي و يحرمه من امتيازات التواطؤ و فضيلة المعارضة. و على من مستهم أزمة السبع العجاف أن يوقعوا لولد عبد العزيز على العبث بالدستور بذريعة فك الحصار عن ترشح ولد داداه و مسعود ولد بلخير و خدمة للمصالح العليا للوطن ؛ فالجميع يعرف أنكم فوق الاتهام و تحت الطاولة و جنب الكعبة ، فماذا تخشون غير “نعاب” (من حاقد حسود)؟
إن عملية تحريك المياه الراكدة التي تتبلور الآن على الساحة الموريتانية داخل كل المجموعات (المنتدى، المعاهدة، الأغلبية…) محاولة نهوض يجهل القائمون عليها إلى أين ستؤدي بهم و لن تؤدي حتما إلى ما يرضي أيا منهم. هذا بحر من المشاكل و الأزمات المتلاطمة، تغطيه طبقات متصدعة من الأكاذيب و الحيل ، يخطئ من يعتقد أنه يستطيع توجيهه أو التحكم في مساره إذا تم تحريكه. على الفاعلين في هذا المسار أن يتوقعوا نتائج معاكسة بل أن يستعدوا لها و عليهم أن لا ينسوا أن ما وصل إليه الشعب الموريتاني اليوم من جوع و رعب و عدم استقرار أصبح يحتاج حسابات لم تكن مأهولة في المشهد السياسي الوطني، سيتعثر بها حتما من يحاول المشي عليها اليوم.
كلما أشرف النظام في موريتانيا على السقوط بسبب تآكل آلياته و تصادم أطماع حاشيته، قيض الله له معارضته لتنقذه، ليصبح من حق الجميع أن يتساءل عن حقيقة هذه المعارضة. لهذا لا يلجأ النظام حين يقع في ورطة، إلى زبانيته و إنما يطلق حوارا مع المعارضة : لقد كنا نلاحظ منذ أطلق ولد عبد العزيز نداء الحوار من شنقيط، جموح البعض إلى دخوله بأي طريقة حتى أصبحنا نتمنى أن يذهبوا معه في هذه المهزلة حتى يرى الجميع كيف سيعودون غدا بعويل النساء بعدما شرعوا له كل ما يريده مقابل خفي حنين. و لا يخفى على أحد اليوم أن ولد عبد العزيز ظل يؤخر حل مشكلة مجلس الشيوخ كلما تأخر الحوار في رسالة واضحة إلى هؤلاء بأن ثمن دخولهم في الحوار سيكون جزء من كعكة هذه الجيفة التي ينهش جثتها محسن ولد الحاج منذ سبع سنين. كما ظل يغريهم بحل البرلمان من دون أن يتذكروا أن نيفا و خمسين في المائة من البرلمان محجوزة سلفا للحزب الحاكم و نيفا و ثلاثين في المائة لمرتزقة حزيبات مجرة الاتحاد من أجل نهب الجمهورية، لتبقى حدود عشرة في المائة توزع بين المشاركين من “المعارضة”.
إن من تسيل لعابهم مثل هذه الفضلات الوسخة ليسوا اكثر من باعة حمالين في السوق السياسي. و تزوير الانتخابات التشريعية المرتقبة سيكون بحجم ما تتطلبه هذه النسب أي أنه سيكون تزويرا كارثيا لأن حل البرلمان الحالي يجعل ولد عبد العزيز مجبرا على تدبير برلمان مضمون الولاء بأغلبية أكثر من مريحة بسبب إشكالية حله القانونية. و لأنهم لا يخجلون من شيء ، سيبررون فتح المجال لترشح ولد عبد العزيز لمأمورية ثالثة و رابعة بإلغاء المادة التي تحدد عمر الترشح لإشراك ولد داداه و مسعود ولد بلخير الذين أعلنا بملء إرادتيهما أنهما لا يريدان أي ترشح مبرر بالعبث بالدستور..
هذه هي الطبخة التي يتم إعدادها و هذه هي أفضل نتائج منتظرة للحوار الوطني الذي يبرر البعض اليوم ضرورة الدخول فيه لحل كل مشاكل موريتانيا.
على الجبهة الأخرى: ستتنفس جبهة الصمود الصعداء بعد غمة خروج هذه الأطراف التي أنهكت المنتدى بالحيل و المراوغات و المناورات . و بعد استراحة المحارب، سيكون هناك الكثير مما يجب عمله بعدما أصبحت الظروف مواتية و الآفاق مفتوحة و استثمار استياء الشارع ممكنا. حينها سيفهم ولد عبد العزيز أنه قدم للمعارضة ما لم تكن تحلم به :
ـ استياء “أغلبيته” من دخول هوامير محترفة على خط ارتزاقهم..
ـ تزوير الانتخابات و ما يحدث من لقط مفتعل على صعيد قمم “الأحزاب” و حقيقي على مستوى القواعد المستغلة و المغرر بها في مشاريع سياسية مكذوبة..
ـ المساهمة في إعادة ثقة الجماهير في جبهة الصمود بعد تخلخلها بسبب ما وضعتها فيه الخوارج السياسية من تناقضات طيلة السنين الماضية..
ـ تحول جبهة الصمود إلى ملاذ أوحد لاستثمار الاستياء السياسي الناتج عن تحريك اللوائح و تضارب المصالح و تزوير الانتخابات..
ـ تحريك الساحة المحتقنة حد الاختناق، في الوقت الخطأ بأكاذيب صادمة..
ـ وضع المؤسسة العسكرية في موقف إرباك، يفرض عليها أكثر من قراءة..
ـ إحراق آخر ورقة بيد النظام قبل منتصف مأموريته ..
ـ و لأن الحوار لن ينجح و لن تطبق توصياته إلا إذا استجاب لمتطلبات ولد عبد العزيز، سيعود أكثر من نصف الخوارج إلى المنتدى بانضباط أكثر و شروط عرائس أقل..
و أعتقد شخصيا أنه يتم في هذه اللعبة توريط ولد عبد العزيز من قبل جماعات محترفة أصبحت تبحث عن نهايته أكثر من المعارضة و إذا صح هذا الاحتمال سيعني أن صراعا عنيفا و حادا و معلنا، سيتفجر قريبا بين محيطه الأسري من جهة و أصحاب المصالح الكبرى من مناصريه من أخرى و جماعات الظل الماكرة من جهة ثالثة و الدخلاء الجدد من جهة رابعة…
و يبدو واضحا أن كل القراءات المحتملة تفضي إلى حتمية وقوع ما لم يعد منه بد (…) !!! كل ما حاول ولد عبد العزيز الرهان عليه منذ إطلاق خدعة الحوار، من داخل المعارضة و من خارجها تم إفشاله بسبب “الممهدات” لأنها كانت ثمرة عمل فكري عميق و تشخيص سياسي دقيق لا يملك ولد عبد العزيز عقولا سياسية تستطيع هضمه أو الالتفاف عليه. و صحيح أن المعارضة شهدت أوقات صعبة و هزات عنيفة لكن “الممهدات” هي التي أنقذتها في كل مرة، حين كانت تذكر الجميع بما ينتظرهم إذا ذهبوا إلى حوار عزيز .. كان لسان حال المنسقية يقول لكل من تزعجهم “الممهدات”، (لا تثريب عليكم اليوم…) يمكنكم أن تذهبوا إلى الحوار و تجربوا بأنفسكم لكن لا تفكروا في العودة إلى المنسقية كأصحاب رأي محترمين و محفوظي المكانة: لقد انتهى زمن اصطياد الفرص و سمسرة المواقف باسم المعارضة. و تأخير بعض الأطراف “المعارضة” عن الانضمام إلى الحوار كل هذه الفترة، كان بسبب محاولة ضم آخرين إليهم و تسويق مبررات لتسهيل عودتهم إلى المنتدى متى شاءوا أو حتى المشاركة في الحوار باسمه..
و ليس سرا أيضا أن البعض ما زال حتى هذه اللحظة، يغازل النظام بجموح مراهق بحثا عن مصالح يصعب إدراكها من الجميع ؛ فمن البديهي أنه لو كانت نهاية الأنظمة الاستبدادية تخدم الجميع لما بقيت ليوم واحد، لكنها معادلة رياضية صعبة ، تجعل معارضتك للنظام أفضل طريقة لبقائه.. و الهجومَ عليه أفضل طريقة للدفاع عنه.. و كلها أمور أصبحت مكشوفة بكامل ميكانيزماتها ، من المؤسف أنه ما زال هناك من يعتقد أنها تنطلي على أحد. و قد كان تشكيل لجنة الحوار التي ما زال البعض يحاول تغييرها بأي وسيلة، عملا نوعيا لا يُفهم من خلال الشخصيات المشكلة لها و إنما من خلال من تم حرمانهم من دخولها : ما زالت قصة وزير خارجية ولد عبد العزيز حمادي ولد أميمو ماثلة في ذاكرة الجميع . إن إجماع المعارضة على من يستطيع بيع وطنه و ثقة نخبة بلد كامل بستين مليون أوقية و وظيفة حقيرة، خطأ فادح في التقديرات و التشخيص، من العار على المعارضة أن يتكرر فيها. و تتم الآن محاولة تحريك ملف لجنة التفاوض من جديد لأنها أكثر ما يزعج ولد عبد العزيز و قد أبدى انزعاجه منها فور إعلانها ، خلال زيارته للحوض الغربي، لأنه فهم من خلال تشكيلتها أن من تعهدوا له بجر المنتدى إلى الحوار لا يتحكمون في أي شيء فيه ، عكس ما أوهموه.
إن التهاون و المجاملات و حلول الوسط و تجاوز أخطاء الماضي و تفادي الحديث عن الحقيقة هو ما أوصلنا إلى هذا الحضيض الذي أصبح يحكمنا فيه ولد عبد العزيز و محسن ولد الحاج و امربيه ربو و ولد غده و ولد المامي و افيل ولد اللهاه و ولد أبوه. و لكي نمحو هذا العار علينا أن نكون أكثر وضوحا و أقل تسامحا مع كل من تخول له نفسه لعب دور قذر على حساب مصلحة شعبنا المنهك . سنفضح أي مؤامرة و سنسمي الأشياء بأسمائها و سيتفاجأ كل من يرتكب “حماقة” معتقدا أن مكانته تجعله فوق الاتهام أو فوق النقد، بأن أشياء كثيرة تغيرت و أن الطريقة الوحيدة لحفظ احترامه هي أن يكون محترما.
على النخب الموريتانية اليوم أن تعترف بأخطائها الفادحة و أن تحاسب أنفسها بقساوة و أن تفهم أنه لم يعد من حقها أن تخطأ أو تجامل أو تتهاون لأننا أصبحنا على مشارف هاوية تفرض علينا تبني منهج سد الذرائع لمواجهة هذا النزيف الاحتيالي المستمر..
و من أفضل نتائج “الممهدات” بعيدا عن الحوار، أنها أعطت للمنتدى نوعا من الاستقرار و شكلت إجماعا حولها ما كان للمنتدى أن يجمع على غيره. و من الصعب على قوى سياسية مختلفة المشارب و الرؤى أن تنسجم في تجربة صعبة من دون إجماع على حد أدنى من المشترك. و هذه النتيجة لم تكن مرسومة لكن الأمور المدروسة تفضي دائما إلى نتائج إيجابية لم تكن محسوبة.
لقد وصل انتشار بقعة زيت “الممهدات” إلى مساحات لم يكن أحد يتصورها و سيرى الجميع مع الوقت، كيف ستقتلع أظافر هذا السرطان المنتشبة في مقاتل البلد.
و صحيح أننا نعيش أزمة ضمائر و أزمة أخلاق و أزمة ثقافة و أزمة أمانة و أزمة ثقة لكن آلامنا أصبحت لأول مرة أكبر بكثير من كل آمالنا و هذا هو أهم مؤشرات انفجار الأزمة:
ـ هل سبق عزيز أي نظام على هذا المستوى من تعري الوقاحة و انتشار الجريمة و تبجح الشذوذ و تدني القيم و فجور المنطق و غطرسة السذج و تعالي الأوباش ..
ـ هل سبق عزيز أي نظام على هذا المستوى من اختلال موازين الاستقرار و تفشي الجريمة و انعدام الأمان؟
ـ هل سبق عزيز أي نظام على هذا المستوى من انتشار الظلم و انحراف القضاء و تواطؤ الأمن و احتقار القانون؟
ـ هل سبق عزيز أي نظام على هذا المستوى من سفالة المسؤولين و شذوذ الطموحات و انحراف الذوق العام ؟
ـ هل سبق عزيز نظام على هذا المستوى من استباحة المال العام و التخندق في عصبية القبيلة و الاستهتار بالمصالح العامة؟
ـ هل سبق عزيز أي نظام على هذا المستوى من التنازل عن كرامته و الاستهتار بسمعته و التبجح بسخافته و الغرور الزائف بقدرة بطشه؟
ـ هل سبق عزيز أي نظام على هذا المستوى من الفضائح المقززة و القدرة على امتصاص صدماتها بأقل قدر من خجل؟
تستطيعون أن تبرروا جميعا ما ترتكبونه من جرائم في حق هذا الوطن البائس لكن عزاءنا نحن في أن الله يمهل و لا يهمل و أن المتستر بالأيام على موعد حتمي مع لحظة عرائه ..
سنقف في وجه هذا النظام حتى آخر قطرة من دمنا . لن تصدنا أي ظروف .. لن تثنينا أي صعوبات .. و لن ، لن ترغمنا أي جبروت على ابتلاع مرارة أمر الواقع . ذلك هو دين وطننا علينا .. ذلك هو فهمنا لرسالة رسولنا الأعظم (ص).. و ذلك هو سبب استعدادنا لخسارة كل حسابات أخرى .
اذهبوا جميعا إلى الحوار .. إلى أي حوار .. وقعوا على أي جريمة تصدر عنه.. زينوا كل أخطائكم بأجمل المبررات.. سنحترمكم في المعارضة لأنها من حقكم الكامل.. سنحترمكم في الموالاة لأنها من حقكم الكامل، لكن تأكدوا أنكم لن تفعلوها هذه المرة برجل في ركاب المعارضة و أخرى في ركاب النظام. تلك هي معركتنا اليوم لأن سكوتنا عن هذه الميوعة أصبح يهدد شرعية نضالنا و يسيء إلى صورة المعارضة و يكلفنا أكثر مما تكلفنا مواجهة النظام.
سنسامحكم جميعا إذا ذهبتم لأنه من أقل حقكم، لكن اعذرونا إذا قلنا لكم وداعا، فلا رجعت أم عمرو و لا رجع الحمار.