تتالي ذكريات رحيل القانوني والمثقف المبدع المرحوم الأستاذ محمد شين ولد محمادو دون أن يستدركها أهل الثقافة أو اهل القانون أو اهل الفن أو من شنف الراحل مسامعهم بصوته العذب الدافئ رغم أن مسار حياته الحافل بالعطاء خلده على كل هذه المستويات.
***
إذا كان الموت غيب الأستاذ محمد شين في وقت مبكر وفي حادث سير مفجع فإن حياته كانت حافلة بالعطاء، بدأت بنجاح في الدراسة توجه مسار مهني مميز ليصبح واحدا من ألمع المحامين الموريتانيين المعاصرين، فقد كانت مرافعاته قمة في البلاغة القانونية والأدبية.. وقبل كل ذلك وخلاله وبعده كان الراحل فنانا أصيلا لكنه لم يكن تقليديا وربما يكون أول من أخرج الموسيقى الموريتانية من رحاب الاقطاعيين والأمراء إلي آفاق عامة الشعب.. فقد كان فنان الشعب وفنان المناضلين.. فنان الكادحين.. من منا لا يتذكر أغانيه: (مد ليدين للكادحين) و (يشعب أنت أمالك بي متن التليت) وأغاني تأبينه لرفيق دربه سميدع.
كان محمد شين رائد الأغنية السياسية الملتزمة ناضل بصوته وأدائه وحين اعتراه التحفظ المهني كان يغني في صمت وخشوع.. كان ترنمه همسا وبوحا وتصوفا ويروى انه كان ينفرد ليتعبد ويترنم ويبكي لساعات طويلة.. كانت تعتريه رغم جسارته القانونية هشاشة فنية يسكبها في نغمات وألحان دافئة تدخل القلب وتدغدغ المشاعر.. لكنه رحل وبقيت الذكريات والنغمات عصية على النسيان ومن في مقامه يعتبر تجاهل ذكراه ظلما.
فمتى نعيد الاعتبار لمن يستحق الاعتبار؟ متى تصبح معايير التخليد موضوعية وغير اقصائية وغير مشخصنة؟ متى يدرك سدنة الثقافة في المنكب البرزخي أن اروقتها تتسع للجميع؟
نقلا عن صفحة المدون عبد الله محمدو على الفيسبوك https://www.facebook.com/dedehmed