منذ أواخر الشهر الماضي، نظمت مبادرة انبعاث الحركة الانعتاقية المعروفة اختصارا بـ"ايرا" وقفات احتجاجية في العاصمة الموريتانية نواكشوط تحذر من تدهور الوضع الصحي لرئيسها بيرام ولد اعبيدي، الذي مر عام على اعتقاله ثم حكم عليه بالسجن لمدة سنتين.
واعتقل بيرام في الـ11 من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بينما كان يقود مسيرة للتنديد بـ"العبودية العقارية" في ولاية روصو غرب البلاد.
وخلف الحكم على بيرام ونائبه بالسجن سنتين في كانون الثاني/ يناير الماضي موجة انتقادات للحكومة الموريتانية، واتهمت "ايرا" وأحزاب سياسية ومنظمات حقوقية القضاءَ بإصدار "حكم ظالم" على الناشطيْن.
من جهة أخرى، يؤكد الحزب الحاكم أنه "لا يتدخل في قرارات القضاء".
من هو بيرام؟
ظهر اسم بيرام بقوة كمدافع عن حقوق أبناء العبيد السابقين سنة 2007، وهي نفس السنة التي أصدرت فيها موريتانيا لأول مرة قانونا يجرم العبودية بعد أن أصدرت سنة 1981 قانونا يلغي الرق في البلاد.
وفي سنة 2008 أسس بيرام مباردة انبعاث الحركة الانعتاقية المعروفة اختصار بـ"ايرا" كحركة مدافعة عن أبناء الأرقاء السابقين.
وهدفت هذه الحركة حسب الناطق باسمها إلى "حمل مشعل مناهضة الرق وأشكال الاستعباد كافة. ومن بين أهدافها أيضا مؤازرة ضحايا الاسترقاق ومتابعة المستعبِدين قانونيا وقضائيا".
ورغم مرور سنوات عدة على تأسيسها، لكن حركة "ايرا" لا تتوفر حتى الآن على ترخيص رسمي.
ترشح بيرام للرئاسة صيف العام الماضي كمرشح مستقل، وحصل على المرتبة الثانية بعد الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز، حاصدا نسبة 8.67 في المئة من الأصوات.
ولد رئيس الحركة الحقوقية سنة 1965 في مدينة روصو وتابع تعلميه الابتدائي والثانوي في المدينة ذاتها، قبل أن يحصل على بكالوريوس في الدارسات القانونية من جامعة نواكشوط. ولاحقا التحق بإحدى الجامعات السينغالية حيث يحضر دكتوراه في التاريخ.
يعتبر بيرام مثار جدل كبير بين الموريتانيين، ويتهمه البعض بتبني خطاب "عنصري وحاد"، لكن الجدل المثار حول طريقته في الدفاع عن أبناء الأرقاء السابقين لم يمنع الأمم المتحدة من منحه جائزة لحقوق الإنسان سنة 2013.
بيرام تزوج مرتين وأب لسبعة أطفال.
عام خلف القضبان
لم تفلح مطالبات "ايرا" المتتالية و لا بيانات الأحزاب السياسية ومناشدات الحقوقيين في إقناع السلطات الموريتانية بإطلاق سراح بيرام، أو تخفيف الحكم عنه.
ووصف أحد الأحزاب السياسية الحكم على بيرام بـ"الجائر" وطالب بإطلاق سراحه "دون شروط".
ويقول المتحدث باسم بيرام والناطق الرسمي باسم "ايرا" السعد ولد لوليد إنه "قاد حملة دولية شملت عدة عواصم عالمية بما فيها واشنطن للمطالبة بإطلاق سراح بيرام".
ويشرح ولد لوليد، في حديث مع موقع قناة "الحرة"، أن بيرام ونائبه "قضيا سنة استثنائية في سجن ألاك، وقد كان سجنهما سجنا تعسفيا نتج عن أحكام ظالمة ومحاكم لم تتوفر فيها شروط العدالة".
وينتقد المتحدث وضع بيرام في "سجن الموبوئين وهو سجن مخصص لمن يعانون من أمراض مزمنة".
ويعتقد ولد لوليد أن السبب وراء تدهور الحالة الصحية لبيرام كان وجوده في "بيئة غير صحية"، إذ يعاني هذا الناشط الحقوقي من "آلام حادة في الظهر".
وبعد أسابيع من المطالبات والوقفات الاحتجاجية، قررت السلطات الموريتانية نقل بيرام من سجن ألاك إلى السجن المدني في نواكشوط قبل أربعة أيام حيث خضع لفحوصات، "ويوجد الآن في وضع جيد" حسب المتحدث ذاته.
وعبر الناشط الحقوقي الساموري ولد بي "عن ارتياحه لقرار نقل بيرام وقبول عرضه على الطبيب".
لكن في المقابل ينبه ولد بي، في حديث مع موقع قناة "الحرة"، إلى أن "هذا القرار لن يكون ذا أهمية ما لم يتبع بإطلاق سراح بيرام ونائبه".
الحرية.. متى؟
يؤكد الناطق باسم "ايرا" أنه "متفائل لوجود مؤشرات على قرب إطلاق سراح بيرام".
ويضيف "نحن نقرأ في قرار نقل بيرام ونائبه إلى السجن المدني في نواكشوط أنها خطوة في اتجاه إطلاق سراح الرجلين وإنهاء هذا الملف وإنصاف المسجونين وتجنيب البلاد هزات نحن لا نرجوها".
ويفضل القيادي في الحزب الحاكم محمد الأمين ولد اسويلم الابتعاد عن التدخل في قرارات القضاء، لكنه يؤكد على موقف الحزب والحكومة "في مؤازرة حقوق الإنسان والاهتمام بها".
ويوضح ولد اسويلم، في حديث مع موقع قناة "الحرة"، أن "هذه مساطر قضائية، نتركها للقضاء ولا نتدخل فيها، والقضاء هو المخول ليقول كلمته النهائية".
ويضيف " أعتقد أن البلد يراعي حقوق السجناء، ولذلك تمت الموافقة على نقل بيرام لإجراء فحوصات في نواكشوط".
ويشدد ولد بي على أن "الأهم أن يصدر قرار بإطلاق سراح بيرام وهذا في حال تم سيكون الارتياح مبررا وسنعبر عن ترحيبنا بذلك، لكن إذا لم يطلق سراحه فإن أي شيء لن يتغير".
المصدر: قناة "الحرة"