دخلت انتفاضة الدهس والطعن للصهاينة شهرها الثالث وأربكت الكيان الأسرائيلي بكل بنيته وأركانه، ورغم المميزات الكثيرة في هذه الانتفاضة، إلا أنها تميزت بميزتين كبيرتين، الأولى أنها تستهدف الجنود الإسرائيليين بالدرجة الأولى والمستوطنين وحراس المستوطنات، وهؤلاء هم كل أو معظم ضحاياها من الصهاينة، الميزة الثانية أن هذه الانتفاضة ستدخل التاريخ الإنساني من باب أنها استحدثت وسيلة جديدة في مقاومة الاحتلال، وهي الدهس بالسيارات والطعن بالسكاكين للجنود، أو المستوطنين أو حراس المستوطنات المدججين بالسلاح، وذلك لعدم وجود أسلحة في أيدي الفلسطينيين، فالفلسطيني يواجه المدفع الإسرائيلي بالسكين، ومقاومته للمحتل الصهيوني مشروعة في كل القوانين، الأرضية والسماوية، ومن ثم فإنه لم يقف عاجزا أمام الآلة الصهيونية العسكرية، بل جعلها هي تقف عاجزة أمام أدوات مقاومته الجديدة، وقد تمثل عجزها في اعتراف قائد لواء المظليين في الجيش الإسرائيلي مكور ريشون قبل أيام بأن الانتفاضة لا يمكن حسمها عسكريا بل بالمفاوضات، وهذا موقف معاكس لموقف الحكومة الأسرائيلية التي تزيد كل يوم من قمعها للفلسطينيين وما ذكره قائد لواء المظليين يعكس موقفا يكاد يكون شاملا داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية التي تقف عاجزة أمام انتفاضة الدهس والسكين التي تتعاظم كل يوم وتزداد، وقد قامت إسرائيل بخطوات كثيرة في محاولة لإيقاف هذه الانتفاضة أو وأدها منها إصدار تشريع قانوني بإباحة دم كل فلسطيني يشتبه في حمله سكينا أو أنه ينوي القيام بطعن أي إسرائيلي ومن ثم إعدام الفلسطينيين في المكان وهذا تشريع لا يوجد في أي مكان في العالم سوى في إسرائيل، الأمر الثاني أن الصهاينة يحتجزون لديهم جثامين 28 شهيدا من شهداء الانتفاضية يرفضون تسليمها لأهاليهم كنوع من الضغط علي أسر الشهداء، ووقف عمليات الدهس والطعن، التي تجري للجنود، كما أنهم أصدروا قرارا بحظر الحركة الإسلامية في فلسطين المحتلة، ويناقشون قانونا في الكنيسيت بإغلاق المساجد في الضفة الغربية، وفوق ذلك أغلقوا أربع محطات إذاعة في الضفة الغربية بتهمة التحريض على الانتفاضة كما أن سلطة محمود عباس الذي يعمل بكل أجهزته الأمنية لصالح حكومة إسرائيل تمنع بث قناة الأقصى في الضفة الغربية لنفس السبب، وعلى الصعيد الخارجي نجحت إسرائيل في تجنيد شبكة «جوجل» لمواجهة ما تم تسميته في الاتفاق «مواجهة التحريض الفلسطيني علي العنف»، كما جندت حلفاءها الغربيين والعرب للتغطية علي جرائمها ودعمها وغض الطرف عن كل ما ترتكبه من جرائم، ومع كل ذلك فإسرائيل عاجزة أمام الفلسطينيين العزل، وتدرك تماما أنها لا تستطيع أن تقاوم شعبا يرى الجنة في أفواه بنادق جنودها.