
في بداية المأمورية الأولى كان الرئيس عزيز ينتقد بشدة رجل الأعمال " محمد ولد نويكظ" ويتهمه بسرقة المليارات، وفي تلك الفترة وشح الرئيس عزيز رجل الأعمال " محمد ولد بوعماتو"، ومن المعروف بأن هناك خصومة ومنافسة شديدة بين "ولد بوعماتو" و "ولد نويكظ".
أما في المأمورية الثانية فقد تم توشيح "المفسد القديم" أي "ولد نويكظ"، وتحول الصديق القديم إلى "مفسد جديد"، وإلى مفبرك للملفات، وهو ما أشار إليه الرئيس عند حديثه عن التقرير المتعلق بفساد "تازيازت".
لقد كان "ولد نويكظ" مفسدا في المأمورية الأولى، وتم توشيحه في المأمورية الثانية، ولقد أصبح "ولد بوعماتو" مفسدا في المأمورية الثانية، وذلك رغم أنه كان قد تم توشيحه في المأمورية الأولى.
أيضا هناك توشيح آخر قد يثير الاستغراب، وهو توشيح "محيي الدين" الذي تولى تشييد المطار، فلم يحدث أن تعرضت شركة للانتقاد وللاتهام بالفساد مثلما تعرضت شركة "النجاح" التي تولت تشييد المطار.
فقد كان في منح الصفقة لهذه الشركة ما يدعو للريبة، وكانت الصفقة من حيث طبيعتها مريبة، وكان قرض "اسنيم" الذي منحته لهذه الشركة مريبا، وكان في التأخر لعامين عن تسليم المطار مع عدم معاقبة الشركة ما يثير الريبة، ورغم كل ذلك فقد تم توشيح مالك هذه الشركة، ولم يكتف الرئيس بتوشيحه فقط، بل شكره في خطاب الاستقلال، وربما تكون هذه أول مرة تشكر فيها شركة خاصة في خطاب الاستقلال.
اللافت في الأمر أن عمال شركة "اسنيم" تم تغييبهم من التوشيحات في هذا الحفل الذي تم تنظيمه في مديينة "نواذيبو"، وعلى ذكر عمال "اسنيم"، ولأن الشيء بالشيء يذكر، فأين هو الراتب الذي كان قد تعهد به الرئيس لهؤلاء العمال في الاتفاق الذي تم بموجبه إنهاء الإضراب؟
شركة "اسنيم" التي أقامت للرئيس مأدبة عشاء فاخر في أيام الشدة التي تمر بها حُرم عمالها من التوشيح، وكانت الشركة الوحيدة التي وشح لها عاملان هي الشركة التي يجمع الموريتانيون على فسادها، وعلى تردي خدماتها..لا شك أنكم عرفتموها، إنها الشركة التي توزع الظلام على الموريتانيين، إنها الشركة الوطنية للكهرباء.
من الملاحظ أيضا أنه بعد عام من "الاهتمام" بالتعليم، وبعد "سنة التعليم" التي استنفر فيها هذا القطاع، فإنه لم يوشح معلم أو أستاذ أو أي موظف في إحدى وزارات التعليم، وهو ما يعني بأن العاملين في قطاع التعليم من أساتذة ومن معلمين ومن موظفين لم يبذلوا في "سنة التعليم" أي جهد يؤهل أي واحد منهم لأن ينال توشيحا في ذكرى الاستقلال.
القطاع الذي نال نصيب الأسد هو قطاع المال والأعمال فقد تم توشيح ثلاثة من رجال الأعمال، هذا بالإضافة إلى توشيح وزير المالية.
أيضا هناك طائفة أخرى كانت محظوظة، وهي طائفة كبار الضباط المتقاعدين فقد تم توشيح أربعة من هؤلاء الضباط المتقاعدين، ولا يقتصر حظ كبار الضباط المتقاعدين على التوشيح، بل امتد حظ هؤلاء الضباط المتقاعدين ليصل إلى رئاسة الاتحادات والروابط: رئاسة اتحادية كرة السلة؛ رئاسة اتحادية المنمين؛ رئاسة رابطة العمد الموريتانيين؛ والترشح لرئاسة اتحادية المزارعين..إلخ
تبقى المفارقة اللافتة هي أن الرئيس وشح معنويا "العجائز"، وذلك عندما أعلن عن تكفل الدولة بعلاج من تجاوز منهم الخمسة والسبعين عاما ( في العادة، وفي بلد كموريتانيا ما يزال فيه متوسط العمر منخفضا، فإن أغلب هؤلاء العجائز سيكون بحاجة إلى الدعاء، وإلى أن يزار في قبره أكثر من حاجته إلى توفير الدواء).
لقد وشح الرئيس العجائز معنويا، عندما وعد بالتكفل بعلاجهم، وذلك بعد أن كان قد أساء إلى هؤلاء العجائز في وقت سابق، ومن المدينة ذاتها.
لقد وصف الرئيس عزيز الرئيسين أحمد ومسعود بالعجزة في خطاب له بمدينة نواذيبو، وها هو اليوم يعدهما ومن المدينة نفسها بأن الدولة ستوفر لهما العلاج مجانا ابتداءُ من العام 2017 بالنسبة للأول والعام 2018 بالنسبة للثاني..
بقلم: محمد الامين الفاظل