تتسبّب "فوضى الأسماء" في مشاكل لا حصر لها في موريتانيا. وكثيراً ما يعاني المواطنون بسبب أسمائهم الطويلة والمركبة والغريبة، التي تسبب حرجاً لأصحابها، بالإضافة إلى كلمتي "ولد" و"بنت" للربط بين اسم الشخص وعائلته. وعلى الرغم من تطوّر السجلات المدنية، بالإضافة إلى وضع الحكومة خططاً عدة لضبط تسجيل الأسماء وتحديث نظم ومعايير اختيارها، ومنع أي تجاوز للنص القانوني، إلا أن ضعف الإدارة لم يساعد على فرض القانون وضبط ﺍﻷﺣﻮﺍل المدنية، وخصوصاً ﺳﺠﻼﺕ الميلاد.
وما زالت الأسماء الشخصية مثارَ جدلٍ بسبب غرابتها وطولها، وخصوصاً إذا ما أصر بعض الأهالي على إحياء أسماء قديمة ومركبة، قد تثير السخرية عند البعض بمجرد أن ينطق بها أصحابها للتعريف عن أنفسهم. مواقف كهذه غالباً ما تعد محرجة، حتى أن هؤلاء يتحاشون قول أسمائهم إلا في حال اضطروا إلى ذلك.
أسماء منفّرة
لجأ بعض الموريتانيّين إلى ابتداع أسماء حديثة لا معنى لها، فيما اختار آخرون أسماء لشركات تجارية أو ماركات عالمية، أو أسماء لمدن أو دول، بالإضافة إلى أسماء لمشاهير في عالم السياسة والفن والرياضة، على غرار جمال عبد الناصر وخالد مشعل وصدام حسين وياسر عرفات وغيرهم. وأحياناً، يطلق على الإناث أسماء "روما" أو "كيا" وغيرها. ويوجد أسماء قديمة ما زال البعض متمسكاً بها حتى اليوم، ظناً منهم أنها تحمي المولودة التي طال انتظارها، وهي "بسم الله عليها" و"نبغوها" و"احجبوها" و"سلمبوها".
أما الأسماء الأكثر انتشاراً بين الذكور، فهي "مولاي" و"بابا" و"جدو" و"بونا" و"الشيخ" و"سعدنا". ويطلق الموريتانيون هذه الأسماء غالباً على الابن البكر، علماً أن الأسماء المركبة تحظى باهتمام كبير من قبل الموريتانيين، أشهرها "الشيخ سيدي أحمد".
في المقابل، يبتدع البعض أسماء جديدة وغير مألوفة لإثارة الانتباه ولفت الأنظار. وأحياناً، يكون للأحداث التي مروا بها أثراً على خياراتهم. وقد يتأثر آخرون بنجوم جدد أو منتج تجاري، وأحياناً يخلطون بين اللهجات الإفريقية لابتكار أسماء جديدة مثل "ديدي" و"ديكو" اللذين انتشراً أخيراً.
غياب القانون
في هذا السياق، يقول الباحث الاجتماعي أحمد ولد الشريف إن انتشار الأسماء الغريبة ظاهرة مقلقة في موريتانيا، وخصوصاً في ظل قبول مصالح الحالة المدنية تسجيل أي اسم يتقدم به الأهل، وضمه إلى سجلات الميلاد بالطريقة التي يفضلها الأهل، مضيفاً أن هناك انتشاراً كبيراً لأسماء كتبت بطريقة خاطئة، مثل محمذن، ويقصد بها محمداً، ومحمدو (محمدٌ) وفاطمتو (فاطمةُ)، وعائشتو (عائشةُ)". ويشير إلى أن الأسماء الشخصية عادة لا تخضع لقاعدة، ولم تنجح القوانين في السيطرة على ولع الموريتانيين بالأسماء الغريبة أو المركبة والطويلة، حتى ولو كان الاسم غريباً ومستهجناً، أو يؤدي إلى السخرية من صاحبه.
ويعزو ولد الشريف هذه الفوضى في الأسماء إلى اختلاط الأعراق، بالإضافة إلى ضعف القوانين والرشوة. ويرى أن مكاتب اﻟﺘﺴﺠﻴﻞ في إدارات الحالة المدنية وأقسام الميلاد مسؤولة عن هذه الفوضى لأنها تسمح وتشجع على انتشار أسماء غريبة وأحياناً قبيحة ومثيرة للسخرية. ويشير إلى أنه على الرغم من عدم رضا البعض عن أسمائهم، إلا أنهم لم يعمدوا إلى تغييرها بسبب صعوبة الأمر، وخصوصاً أن السلطات تفتح تحقيقاً طويلاً ومعقداً حول أسباب تغيير الأسماء، للتأكد من أن الشخص الذي يرغب بتغيير اسمه ليس إرهابياً أو من أصحاب السوابق.
ويُطالب الباحث بتغيير القوانين وإلزام المواطنين بحمل ألقاب عائلية ووضع ضوابط لتقييد الأسماء الشخصية ومنع الأسماء الطويلة والمركبة.
إلى ذلك، تكثر الطرائف التي تُواجه الأشخاص بسبب أسمائهم الشخصية والعائلية، مثل أحمد بو معيزة، وهو تاجر، الذي يرفض التخلي عن اسمه الذي اشتهر به على الرغم من غرابته وما يسببه له من إحراج. وكثيراً ما يُحرج المهاجرون والطلاب الذين يدرسون في الخارج بسبب أسمائهم. في هذا السياق، يقول الكبير ولد بابا الشيخ، وهو طالب جامعي، إن الكثير من الشباب المهاجرين يشعرون بالضيق والحرج بسبب أسمائهم، التي تعد غريبة في المجتمعات الأخرى. ويوضح أنه عادة ما تثير الأسماء الموريتانية في الخارج استغراب الآخرين، وخصوصاً أنهم غير مطلعين على خصوصية المجتمع الموريتاني، منها أسماء تحمل أوصافاً قبيحة ومنفرة.