من يقرأ بتعمق التقرير الذي أصدرته الحكومة البريطانية يوم الخميس الماضي بخصوص الأخوان المسلمين بعد تأخر دام عامين أو أكثر يجده لا يحيد عن الموقف البريطاني التاريخي من المسلمين عموما وإن كان ينصب فى شكله علي فئة قليلة منهم هم الأخوان المسلمون ، فالتقرير جرم مفهوم الخلافة الأسلامية التى ظلت الرابطة الجامعة للمسلمين علي مدي ثلاثة عشر قرنا والتى أسقطها البريطانيون بتآمرهم مع الفرنسيين وقوي الأستعمار الأخري منذ ما يقرب من مائة عام واعتبروا التفكير فيها الآن جريمة يعاقب عليها كل من يفكر فيها ، وهذا تجريم للمسلمين جميعا إذا فكروا مرة أخري فى السعي لأقامة مظلة جامعة تهدم نظرية " فرق تسد " التى نجح البريطانيون إلي حد كبير فى تطبيقها فى بلادنا .
الأمر الثاني الخطير هو أن البريطانيين تحدثوا بخبث متعمد عن عقيدة المسلمين وقيم الأسلام الأصيلة التى يؤمن بها أكثر من مليار مسلم و كأنها عقيدة الأخوان المسلمين الخاصة ، وهذا واضح فى هذا النص الذي يتهمون فيه الأخوان بأن عقيدتهم تتعارض " مع القيم البريطانية كالديمقراطية وحكم القانون والحرية الشخصية والمساواة والأحترام المتبادل والتسامح مع الأديان والمعتقدات المختلفة " هذه هي قيم وعقيدة الأسلام وليست قيم الأخوان وهم بذلك يقومون بعملية تشويه متعمد لقيم الأسلام التى لم يعلها دين ولا تشريع فى العالم علي مدار التاريخ كما أعلاها الأسلام الذي أقام حضارة فى الغرب انتشلته من الجهل والطغيان فى العصور الوسطي ، فهذا الكلام إهانة فى الصميم للأسلام وعقيدة المسلمين وإذا كان هناك أحد قد تجاوز هذه القيم الأنسانية فهم البريطانيون والأوروبيون الذي ارتكبوا المجازر بحق المسلمين والشعوب المستضعفة ويمارسون التمييز والعنصرية ويكفي أن مسلمي البوسنة تعرضوا للمجازر والمذابح قبل عقدين تحت رعاية بريطانيا وفرنسا والدول الغربية بشهادة كثير من الصحفيين الغربيين والبريطانيين خصوصا لأن بريطانيا لا تؤمن بهذه القيم التى جاء بها الأسلام ورسخها فى البشرية والعالم خلال أربعة عشر قرنا وكان ساستها يقولون بوضوح أنهم يريدون تطهير أوروبا من المسلمين .
الأمر الأخير هو الهجوم المبطن والخبيث علي حركة حماس التى هي حركة مقاومة لاحتلال تدعمها كل القوانين والشرائع الدولية ، وهذه جريمة مركبة من بريطانيا التى زرعت الكيان الأسرائيلي فى قلب العالم العربي ودعمت ولا زالت تدعم جرائمه بحق شعب فلسطين ثم تجرم أهل فلسطين لأنهم يقاومونه .
لقد كرس التقرير البريطاني فى خلاصته العنصرية البريطانية البغيضة ولم يكن سوي درس من دروس الحقد والكراهية لعموم المسلمين والفكر الأسلامي الرصين وأكد أن بريطانيا التى كانت تتآمر علي المسلمين في الغرف المغلقة أصبحت تحارب معتقداتهم علنا تحت غطاء الحرب علي الأخوان ، ولهذا فعلي عموم المسلمين أن يفيقوا وأن يقرؤوا التقرير بعناية ليجدوه بحق تجريما للأسلام وليس للأخوان .