بقلب مؤمن بقضاء الله وقدره تابعت أولا بأول الحادث الأليم .. الذي فقدنا فيه المرحوم أحمدو ولد عبد العزيز .. كانت الصدمة شديد .. وكان الألم يتراكم لحظة بلحظة .. عند صلاة المغرب ذهب إلي مكان الصلاة جامع ابن عباس كان كل الموريتانيين قد توافدوا للصلاة عليه .. علماء وفقهاء ساسة ومحكومون .. كان من بين الحاضرين العلامة محمد ولد سيدي يحي حفظه الله.
عند انتهاء الصلاة غادرت وأنا أفكر وأقول لنفسي لا عليك .. فــ " كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَام " صدق الله العظيم.
كنت أكرر أن الموت حق، وكلنا سائرون في هذا الدرب.
كنت أدرك أن خير البشر منا من تبقى ذكراه الحسنة خالدة بأفعاله وأعماله الصالحة الخيرة؛ قال تعالى: ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي ) صدق الله العظيم.
فسبحان الله الذي جعل الموت علينا حتماً محتوماً.
سبحان الذي جعل الحياة أيام قلائل مهما عشنا وتمتعنا بها ومهما طالت السنون فإنما هي كحلم أو لمح بصر تنقضي. إنه الموت الذي يفر المرء منه إليه، يفر الولد من أبيه، ومن حضن أمه، ومن بين إخوانه وأخواته في لمحة بصر، والزوج من زوجته.
نصحو على أمر عظيم .. وأعظم من المصيبة الفقد.
نصحو على واقع نرضى به .. نجد أنه لا مناص من الصبر والاحتساب .. والصبر في حد ذاته مر.
وأنتم بأجر الصبر أحرى وإنه *** ﻷعظم في الميزان وزنا وأثقل
ساعات الحزن تدوم بشكل طويل.. والحزن يبقى على الشفاه مرتسماً.. والحزن يصبح حليفنا في كل ساعة ودقيقة وثانية.. أمور كثيرة تجعلنا نبكي لفترة طويلة.. هذه هي الدنيا.. موت وحياة، وضحك وبكاء، فرح وسرور وحزن وبكاء.. كثير منا فقدوا أشخاصاً يستحيل أن ننساهم مهما طالت الأزمان أو بعدت المسافات.. هم أشخاص رحلوا وتركوا بصمة في قلوب كل من قابلهم، أشخاص عانوا الكثير، فقط ليسعدوا حياة الآخرين..
لقد شهد للمرحوم أحمدو ولد عبد العزيز البعيدون قبل القريبين بالمواقف الإنسانية النبيلة التي خلفها وراءه..
كان حسب من خبروه فاضلاً عزيزاً عطوفاً شفوقاً بشوشاً باراً لا يعوض.
كان إنساناً قل أن يجود الزمان بمثله..
إنني مهما قلت وكتبت عن عنه فلن أوفيه جزءاً يسيراً من حقه، إنه رمز للوفاء والشهامة وحبيب مقرب من الناس باختصار شاب متواضع مهيب في نبل رفيع بشوش.
كان يتألم لما يؤلم الناس ويفرح لهم بما يفرحهم محل ثقة وتقدير من الجميع ومن يعرفونه كان ينصح بنصح المحب ومحبة الناصح.
كان وفياً حنوناً كريماً لمن يأتي إليه كان إنساناً شهماً متواضعاً لطيفاً.
عاش حياته بتواضع حدثني أحدهم أن أجانب عرب كانوا يعرفونه في فرنسا وبريطانيا لم يكونوا يدركون أنه ابن الرئيس لتواضعه.
أود أن أسطر هنا بعض كلمات الوفاء والعرفان بحقه ولا أظنها ستفي فهي ليست إلا جهد المقل العاجز، إنه باختصار ذلك الذي أجزم أن كل من عرفه - حتى ولو لبعض الوقت - يتفق معي أنه قد تملك فيه جانباً من مودة خالصة وإعجاباً عميقاً، بالطبع كثير هم أولئك الرجال الذين نلتقيهم في مراحل حياتنا ونعايشهم ولكن قليل هم أولئك الذين يتركون في أنفسنا أثر الوفاء والحب العميق بحيث يبقى وجودهم فينا راسخاً نتعايش معهم في تجاربهم وحكمتهم ورؤيتهم الثاقبة.. ونعزي فيه أنفسنا واخص بالعزاء الأسرة الكريمة وعموم الشعب الموريتاني وكل محبيه واصدقائه وجيرانه.
سائلاً الله أن يلهم الجميع الصبر والسلوان، وأن يرحمه رحمة واسعة ويرفع درجاته يوم يلقى ربه. تغمده الله بواسع رحمته ومغفرته ورضوانه، ويسكنه فسيح جناته، إنا لله وإنا إليه راجعون.
إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا على فراقك يا ابا بدر لمحزونون..
عبد الله محمدو للتواصل: https://www.facebook.com/dedehmed