أقل ما يمكن قوله عن وعود الرئيس الأمريكي باراك أوباما، فيما يتعلق بإغلاق معتقل اغوانتنامو، هو أنها مكذوبة ومضلِّلة. فمع أن أداء الرجل اتسم بشكل عام، خلال فترته الرئاسية، بالضعف أمام خصومه الجمهوريين، إلا أنه فيما يتعلق بإغلاق "مسلخ القانون وحقوق الإنسان" هذا بدا مخادعاً وشعاراتياً أكثر من أي شيء آخر.
وحتى أمله الوحيد الآن، في سنته الأخيرة في الحكم، بأن يحول سجناء هذا المعتقل إلى داخل الولايات المتحدة، لا يُغَيِّر هو الآخر لو تحقّق -وذلك ما يبدو بعيد المنال- من أصل المشكل شيئاً، إذا ظلّ القانون منتهكاً في حق هؤلاء السجناء؛ محرومين من محاكمات عادلة.
فالسجين محمدو ولد الصّلاحي، مثلاً، الذي صدر أمر بإطلاق سراحه في 22 مارس 2010، بعد أن قال قاضيه جيمس رابرستون بأن "مشكلة الحكومة [الأمريكية] هو أن أدلتها على تقديم صلاحي دعماً مادياًّ للإرهابيين واهنة" أو "ملوثة جداً بالإكراه وسوء المعاملة".. وأنها لتلك الأسباب "لا يمكن أن تكون أساساً لمحاكمة جنائية ناجحة"، لاتزال الحكومة الأمريكية -لأكثر من خمس سنوات-، بعد استئناف هذا الحكم من قبل وزارة الدفاع، تعرقل وصول الملف مرة أخرى إلى القضاء، بواسطة البيروقراطية والتلاعب ب "أحقية الاختصاص". فما الفائدة إذن من تغيير العنوان البريدي (Zip Code) لسجناء اغوانتنامو، بنقلهم إلى داخل الولايات المتحدة، إذا كانت النية هي تركهم لأجل غير مسمى، لا تُراعى فيهم عدالة ولا قانون ولا إنسانية؟
الجديد في هذا الموضوع، فيما يتعلق بالسّجين الموريتاني محمدو ولد الصّلاحي -لمن لا يعلم- هو أنه للأسف صدّق الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس باراك أوباما في 7 مارس 2011، عن أن جميع سجناء اغوانتنامو سيتلقون محاكمات خلال سنة يتم فيها عرض قضاياهم وتقييمها من قبل مايسمى "لجنة التقييم الدوري" Periodic Review Board، فجعل ذلك أساساً لرفع قضية، خلال الأسابيع الماضية، من أجل المطالبة بحقه في النفاذ إلى القضاء، (فالرجل متأكد من عدالته، هو ودفاعه، ولا يريدون إلا أن يُقدم للمحاكمة). وقد وكَّل في هذه الدعوى فريق محامي "الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية".
ولكنْ، مرة أخرى للأسف، تم رفض هذا الطلب من قبل قاضي المحكمة الجزئية في واشنطن العاصمة رويس لمبرث على أساس "افتقار محكمته للاختصاص بشأن القضية"، بعد يوم من المرافعات والنقاش، اعتبر فيه جوزف افوليو-المحامي من فريق دفاع الحكومة الأمريكية- بأن تحديد الأمر التنفيذي للرئيس أوباما لمدة سنة كان "تقريبياً"، وقال بأنه -كذلك- لا يمكن أن يحدد متى سيصل الدور لولد الصلاحي لأن لجنة التقييم لا تُخضع السجناء لترتيب معين!. مع العلم بأن هذه اللجنة لم تُقيّمْ منذ 2011 (تاريخ الأمر التنفيذي) إلى الآن إلا 19 من أصل 107 سجناء، لا يزالون في معتقل اغوانتنامو.
ما تنتظره الآن قضية محمدو ولد الصّلاحي من جميع الموريتانيين، حكومة وشعباً، ومن جميع المدافعين عن قيم الحرية والعدالة، هو مزيد من الضغط الحكومي على الإدارة الأمريكية ومضاعفة الجهود البرلمانية والحقوقية والشعبية من أجل وضع حد لمعاناة الرّجل مع الحرمان من النفاذ إلى العدالة، وإطلاق سراحه.
عبد الله بيّان
رئيس المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان