في الوقت الذي يشهد فيه العالم اهتماما خاصا بالواحات و المحافظة عليها من تأثيرات الجفاف الناجم عن تغيرات المناخ وما صاحبها من تراجع في الأمطار ، فان مدينة تجكجة، التي تأسست على النخيل ويشكل جني تموره وغيره من منافع العلية المورد الوحيد الذي ترتكز عليه حياة ساكنتها، قد باتت اليوم مهددة بالانقراض بعد أن أصاب واحتها جفاف ماحق منذ سنين.
ويعود ذلك، إضافة إلى تراجع منسوب المياه المطرية التي تغذي بحيرة الواحة الجوفية، إلى مجموعة من التصرفات الفردية والجماعية، المقصودة أو غير المقصودة، التي تم القيام بها مؤخرا في ضربة قاسية لساكنة المدينة عبر المس من اقتصادهم في الصميم، مما يهدد بقاء الواحة بأسرها.
إن ما تم تنفيذه أخطر بكثير مما عمد إليه المستعمر عند دخوله المدينة ، حيث أحتوى على المنطقة الواحاتية الاكثر أهمية ونتيجة وصادرها ليقوض قدرة الساكنة على التصدي له ؛ و قد فعل نفس الشيء في شنقيط.
فمنذ ثمانينات القرن الماضي، تم حفر العديد من الآبار الارتوازية في البحيرة السطحية الواقعة في المجال الواحاتي مباشرة، وذلك قصد تزويد المدينة بالماء الشروب. فلم تتكلف الشركة الوطنية للمياه عناء البحث عن الماء في اماكن نائية عن مجال الواحات الحيوي بل عمدت إلى استغلال البحيرة نفسها التي يتغذى عليها النخيل البالغ ويتم منها سقي الفسائل المغروسة حديثا. و هكذا، وخلال أقل من عقدين من الزمن، تم استنزاف البحيرة السطحية بوتيرة أسرع بكثير من قدرتها على التجدد مما بدى تأثيره السلبي على المناطق التي تم بها الحفر (واحة اتناقل- ارش الموج لمبيديع- و اخيرا لبحيرة)، فتحولت هذه المناطق من واحات غناء إلى أعجاز نخل خاوية و فقد ملاكها مصدر أرزاقهم في شربة ماء.
وأمام هذه الوضعية المأساوية قام البعض، في خطوة يائسة بل وانتحارية، بالتنافس في تعميق الآبار التقليدية و استنزاف فضلات البحيرة السطحية بشكل عشوائي و هو ما ينبئ بالانقراض النهائي للواحة وتفشي البطالة و الفقر ثم وهجرة الساكنة عن المكان.
إن الجهود التي بذلتها الدولة في تعزيز قدرات وتنمية المجتمعات بالواحاتية بما فيها اصدار القانون المنظم والمسير للواحات فضلا عن بعض التمويلات الصغيرة التي تم ضخها في المناطق المعنية تظل بلا جدوى على النخيل ما لم تتمكن الرابطات الواحاتية المحلية من القيام بدورها والاضطلاع بصلاحياتها كاملة في ضمان توفير الماء للواحات، بداية بحماية مجال زراعة النخيل من تبديد ثرواته المائية و استغلالها في غير غايتها الأولى و الأساسية.
و يتجسد ذلك في أول ما يتجسد في السهر على احترام مقتضيات مدونة المياه من طرف الجهات المختصة ؛ أي بصريح الكلام إجبار الشركة الوطنية للمياه برفع اليد عن المجال الحيوي للنخيل والكف الفوري عن استغلال الآبار القريبة من الواحات و التنقيب عن بحيرات نائية لتزويد مدينة تجكجة بالماء الشروب، تفاديا لهلاك ما تبقى من نخيل الواحة.
و لتلافي حدوث كارثة أوشكت ان تحل بوادي تجكجة والمناطق المجاورة له، فإننا نطلق هذه الصرخة من اعماق ما تبقى من الواحة إلى كافة من يهمهم الأمر سواء من الجهات الرسمية للدولة أو مواطنين نتوسل إليهم أن يعجلوا بالبحث عن حلول لحماية واحة تجكجة من الانقراض من خلال أخذ الموضوع مأخذ الجد وتدارسه بعناية و مسئولية والمساهمة، كل من موقعه، في إغاثة مدينتنا من الزوال.
كلنا من أجل إغاثة واحة تجكجة
شبكة رابطات التسيير التشاركي لواحات تجكجة