باتت حياة بومدين (26 عاما) المطلوب رقم واحد للسلطات الفرنسية بعد مقتل الشبان الثلاثة الذين نفذوا هجمات أودت بحياة 17 شخصا في باريس على مدى الأيام القليلة الماضية.
لكن الشرطة المحلية تؤكد أنه بات من المستبعد إلقاء القبض في القريب العاجل على حياة بومدين زوجة أحمدي كوليبالي الذي لقي حتفه على يد قوات الأمن يوم الجمعة الماضي بعد مداهمة مركز تجاري يهودي كان يُحتجز فيه عدد من الأشخاص، كما أن السلطات المحلية تحمله مسؤولية قتل شرطية الخميس الماضي في مدينة مونروج المحاذية للعاصمة الفرنسية.
ورغم أن وسائل إعلام محلية زعمت أن بومدين كانت مع زوجها لحظة إطلاقه النار على الشرطية الفرنسية، وأنها ساعدته في عملية احتجاز الرهائن، فإن المصادر الأمنية أجمعت لاحقا على أن الفتاة لم تكن موجودة في فرنسا أثناء الهجمات التي لم تشهد البلاد أكثر منها فتكا بالأرواح منذ نصف قرن.
من مدريد لسوريا
وأوضحت تلك المصادر أن زوجة كوليبالي سجلتها كاميرات المراقبة في مطار مدريد الإسباني في الثاني من يناير/كانون الثاني الجاري،وهي تستعد للركوب في طائرة متوجهة إلى مدينة إسطنبول التركية.
وأكدت السلطات التركية أن بومدين -التي كانت بحوزتها تذكرة للعودة إلى العاصمة الإسبانية يوم 9 يناير/كانون الثاني من الشهر ذاته - شوهدت وهي تعبر الحدود التركية باتجاه سوريا في الثامن من الشهر ذاته، أي في اليوم الذي استهدف فيه زوجها الشرطية الفرنسية بعد قيام الأخوين شريف وسعيد كواشي بهجوم على صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية أفضى إلى مصرع 12 شخصا، بينهم ثمانية من أعضاء هيئة تحرير الأسبوعية الساخرة.
وتعتبر السلطات أن العمليات التي شهدتها باريس كانت ثمرة تنسيق محكم بين الأخوين كواشي وكوليبالي، ولا تستبعد أن تكون زوجة الأخير -الذي أعلن انتماءه لـتنظيم الدولة الاسلاميةـ قد ساهمت في الإعداد لتلك الهجمات قبل سفرها نحو سوريا التي يُسيطر التنظيم على مناطق واسعة منها.
وقد نشرت الصحف الفرنسية صورا لبومدين وهي تتمرن على الرماية بقاذفة تقليدية في إحدى غابات مقاطعة الكانتال بوسط البلاد عام 2010، وقد دأبت الفتاة وزوجها على زيارة إسلامي متشدد يدعى جمال بغال ويخضع الآن للإقامة الجبرية في تلك المنطقة، وهو بمثابة مرشد روحي لكوليبالي وشريف كواشي بعدما تعرف عليهما بالسجن في العقد الماضي.
علاقات ثابتة
وأضافت المصادر الأمنية أنها أحصت 500 اتصال هاتفي أجرتها حياة بومدين العام الماضي، وإيزانه حميد زوجة شريف كواشي المعتقلة منذ يوم الأربعاء الماضي، ونوه الادعاء العام الفرنسي إلى أن هذا العدد من المكالمات يدل على وجود "علاقات ثابتة ومتواصلة" بين العائلتين.
وتزوجت بومدين عام 2009 بأحمدي كوليبالي، مكرسة بذلك تحولا في حياتها، إذ تزامن الأمر مع ارتدائها النقاب وتخليها عن عملها أمينة صندوق في أحد المراكز التجارية، وهجرت منذ ذلك الوقت كل نزوات الشباب، وفي احدى الصور التي وزعتها الشرطة تبدو "المطلوبة رقم واحد" غير محجبة، أما نظراتها الحزينة فتعكس الألم الذي طبع حياة هذه الفتاة الهشة.
تنحدر بومدين من أبوين فقيرين أنهكتهما إعالة أطفالهما السبعة، توفيت أمها عام 1994، فلم يستطع الأب ملء الفراغ، وعجز عن التوفيق بين عمله ناقل مشتريات وتربية أطفاله، وكانت النتيجة أن غادر الكبار البيت العائلي، أما الصغار فعُهد بهم إلى مؤسسة الرعاية الاجتماعية الحكومية، وكانت حياة ذات الثماني سنوات من بين هؤلاء، وفقا لما أوردته صحيفة لوفيغارو الفرنسية.
عكرت هذه الأحداث صفو علاقات حياة مع والدها، غير أنها حرصت على أن يكون وكيلها في الزواج، وأبت إلا أن تحظى برضاه قبل أن تسافر مع زوجها العام الماضي لأداء مناسك الحج.