تحل اليوم الذكرى الرابعة والعشرون لما أطلق عليه أول انتخابات رئاسية تعددية شهدتها موريتانيا في 24 يناير 1992 تنافس فيها بضراوة المرشح أحمد ولد داداه ورئيس اللجنة العسكرية المنتهية ولايته العقيد معاوية ولد الطايع ، وأثارت تلك الانتخابات جدلا واسعا لم يحسم بعد.
فالنسبة لمناصري أحمد ولد داداه ولطيف سياسي واسع فاز هذا الأخير فوزا كاسحا في جميع مناطق البلاد وكان يمكن أن تمثل تلك الانتخابات ارساء لقواعد التناوب وتداول السلطة بطرق مدنية ديمقراطية ، ولكنها كانت الإخفاق الأول ولعلها كانت باكورة موضة الانقلابات العسكرية الانتخابية ، وبالنسبة للمحبطين كان ما حصل انقلابا إداريا عسكريا بدأ مع ساعات الفجر الأولى من كوبني التي كانت الأداة والضحية فبدل الانقلاب العسكري الذي شرع فيه عند منتصف الليل قاد معاوية والمرحوم أحمد ولد منيه وآخرون انقلاب صناديق اقتراع أخرج نتائج على قدر فوز معاوية الذي أعلن فوزه بصورة قيصرية وكادت الأوضاع أن تنفلت وتخرج عن السيطرة لولا هدوء ولد داداه الذي رفض الدعوة للعصيان حفاظا على سلامة الوطن مضحيا تضحية كبيرة بمصالحه الشخصية أغضبت مناصريه في عموم البلاد.
بادر معاوية في حينها إلي انتداب وفد من مقربيه واتصل بولد داداه عارضا الوزارة الأولى مع صلاحيات مضاعفة لكن أحمد ولد داداه رفض ذلك معتبرا أنما أسس على باطل سيبقى باطلا.
واليوم تحل الذكرى 24 ومعاوية في منفاه بالدوحة وبعض خلص أصدقائه قدموا إلي ما قدموا وولد داداه صامد صمود "سيزيف" يحاول دحرجة صخرة الديمقراطية والتناوب إلي قمة هرم الحكامة في بلاد السيبة ، لكنه ما فتئ يواجه بمتتالية انقلابات يختلف منفذوها رغم وحدة الجوهر.
ويحق للموريتانيين أن يطلقوا العنان لخيالهم الجامح لاستشراف مآلات الأمور لو قدر لولد داداه أن يقود البلاد بعد تلك الانتخابات الصاخبة.
كما يحق للمؤرخين أن يعيدوا قراءة الوقائع التاريخية بعد أن تبتلع الحفر كل الحفر مياهها الآسنة.
بقلم: أحمدو ولد المحجوب