ما قامت به “شارلي أبدو” ليس حرية الرأي.. و إنما هو مجرد شتائم واستفزازات للمسلمين.
حرية الرأي و التعبير و المعتقد سلوك حضاري، هدفه تمكين الإنسان من المساهمة في الحركة الكونية للقيم والمثل، وللرفاه المادي أيضا. حقه في الرأي الذي يتناول أي ضرر أو نفع متعدٍ.. حقه في أن يعبر عن كل ما يتناول موضوعا إنسانيا، ماديا أو عقائديا، بما يمحصه أو يجلي عنه أدران القداسة الوهمية أو المحظور.
حق الرأي مبدأ يهدف لأن يكون من حق أي أنسان أن يدلي بدلوه في مسيرة الإنسانية نحو التطور و النمو المادي و المعنوي.. و لكنه حق مطلق فيما يخدم الإنسانية وليس فيما يستفزها.
الإنتقاد لغة هو أن يفحص الصيرفي النقود الزائفة ليكشف غشها وتزويرها، وهكذا أيضا يمكنك أن تنتقد الفكر و العقيدة والواقع و التاريخ، لتكشف حقائق، لا تحجبها.
و لكن ليس من حرية الفكر و التعبير كل ما ذهبت إليه شارلي أبدو في كاريكاتوراتها اللعينة.. ليست الشتيمة و الاستفزاز و إهانة مشاعر المسلمين، بما لا يعتبر حقيقة مطلقة، و بما لا يتوخى منها خدمة الإنسان في رفاهه المادي و المعنوي، إلا ظلما و انتهاكا لحق الآخر.
حين أقول لسارق أو مرتش أو مختلس للمال العام أو مزور لحقاىق تاريخية أنه كذلك فأعتقد أنه من واجبي أن أفعل، لأنه يمارس ضررا متعديا، تنجر تبعاته علي وعليك.. ولكنني حين أقول مثلا لدميم الخلقة إنه كذلك فإنني لم أزد على أن أهنته، فيما لا يصيبني ضرره ولا يتعدى إليّ نفعه.
و ما قامت به شارلي أبدو ليس ممارسة لحق تعبير أو رأي.. فهو كما قالت “فانشال تايمز” غباء واستفزاز..
شارلي أبدو التي كان قد أسسها فرانسوا كافانا في 1969 و كانت تدعى “هارا كيري” تم توقيفها في 1970 بحجة الإساءة للذوق العام بعد نشرها رسوما اعتبرت مسيئة للجنرال ديغول، لينشئ فريقها صحيفة جديدة باسم “شارلي ابدو” .
الإساءة لجنرال ديغول مساس بالذوق العام.. أما الاساءة لنبي الرحمة عليه الصلاة والسلام، مع ما له أيضا من تبعات تبث الكراهية و تثير روح الانتقام، فتعتبر حرية رأي؟!..
أية مهزلة..!
كما أنه يسهل أن تغتال رصاصة صامتة، في عتمة ليل بهيم، الرسام الفلسطيني ناجي العلي فتضرج دماءه معصمي “حنظلة” فلايهم.. ما دام المقتول عربيا مسلما، والقاتل إسرائيل.
نحن لسنا شارلي أبدو..!