التخبط والعشوائية فى القرارات، عدم القدرة على التعامل مع الأزمات، عدم التمكن من وضع خطة عمل والسهر على تنفيذها علي ارض الواقع ببرنامج وطنى يحولها لواقع ملموس، ضيق أفق الرؤية، العجز عن الإمساك بدواليب الحوار مع الأخر، عدم الانفتاح و التعاطي مع هموم الطبقات الهشة ، جميعها سمات من بين أخرى اتسمت بها أغلب الحكومات الموريتانية المتعاقبة رغم اختلاف الأنظمة السياسية، بما في ذلك الحكومة الحالية والتي مازال شبح الأزمات يطاردها ويهدد برحيلها فى قادم الأيام ، حيث إن الإبقاء علي الحكومات المتعثرة فى عملها ولو ليوم واحد أمر فى غاية الخطورة ويهدد بكوارث جمة ، في وقت تتصاعد فيه وتيرة التحديات محليا – بالموازاة مع العالمية - وعلي مختلف الأصعدة : السياسية ( الحوار المتعثر مع المعارضة ، الإضرابات والاعتصامات ...) الاقتصادية ( الأسعار المتذبذبة عالميا لصادراتنا الوطنية، غلاء الأسعار..) ، الأمنية ( الجماعات الإرهابية ، المخدرات...) الصحية ( تهديد الأوبئة الدخيلة ..)....الخ
أمور من بين أخرى تطرح تساؤلاً مهماً فى ظل تواتر أنباء عن تعديل حكومي مرتقب ، عن المعايير التى يتم بها اختيار الوزير الأول ؟.. وهل هناك أسس محددة يتم اختياره بناء عليها... ؟
إننا و على بعد خطوات متقدمة من عمر المأمورية الثانية لرئيس الجمهورية ، بات لزاماً علينا أن نصارح أنفسنا ونتوقف عن المجاملات ، لا لنقدم كشف حساب للحكومة الحالية المتعثرة ، بل لنضع أيدينا علي ماهية الكفاءة التى تحتاجها البلاد في شخص الوزير الأول والقادرة على العبور بموريتانيا بقيادة الرئيس محمد ولد عبد العزيز إلى بر الأمان، لأن طموحات وآمال الرئيس وحدها لن تتحقق إذا لم تقف وراءها حكومة ذات خبرة ودراية بالظروف الراهنة وإرادة الشعب الذي راهن علي مشروع التغيير البناء.. .
إن الظروف الحالية التى يمر بها البلد تتطلب اختيار وزير أول على أسس ومعايير واضحة للجميع، للتخلص من العشوائية والتخبط فى القرارات التى طالما عانينا منها على مدار السنوات الطويلة الماضية مع ضرورة أن يتم الاختيار وفق المعايير التالية :
طهارة اليدين من آثام الفساد و أكل المال العام ، فالحاجة جد ماسة إلى شخصية نزيهة وشريفة مشهود لها بحسن التسيير ، ذات تجربة إدارية مكتسبة بفعل تقلدها مناصب إدارية مضطردة في حجم المسؤوليات مشفوعة بأخرى سياسية تبرهن على قدرتها التعامل مع حيثيات الملفات السياسية الشائكة ، ذات قدرات قيادية عالية ، معرفة وتطبيق أسس الإدارة الحديثة ، القدرة على التخطيط ومتابعة التنفيذ ، وضع الأهداف ورسم آليات تحقيقها، قدرة فائقة لقراءة أبعاد ومعالجة الملفات الأمنية للدولة ، أن تكون لها علاقات متشعبة بالنسيج الاجتماعي للمجتمع بصفة عامة وقدرة كبيرة في التواصل و الإقناع و رؤية ثاقبة للتوفيق بين موريتانيا المحافظة علي ثقافتها وتاريخها، وموريتانيا المنفتحة على العالم الأخر في زمن تحكمه ضوابط العولمة.
وعلى أعضاء الحكومة الجدد أن يدركوا أنهم في مهمة عصيبة وأن منصب الوزير لم يعد واجهة اجتماعية بقدر ما هو مسئولية جسيمة، عليه ألا يقبل بها سوى من يرى فى نفسه القدرة على التعامل مع الأزمات التي تنشا من حين لأخر، وتلك التي تطفوا على السطح أحايين أخرى.
بقلم: اجيه ولد سيدى هيبه