نواكشوط ـ «القدس العربي» من عبد الله مولود: تخلى الموريتانيون هذه الأيام عن اهتماماتهم السياسية الاعتيادية، لينشغلوا بحلقات برنامج «شاهد على العصر»، التي تبثها قناة «الجزيرة» والتي استضاف فيها معد البرنامج، أحمد منصور، السياسي الموريتاني ورجل الانقلابات، صالح ولد حننه.
وانقسم المدونون الموريتانيون، الذين باتوا يشكلون مرصداً سياسياً نابضاً في الساحة، إزاء حلقة «شاهد على العصر»، في إدراجاتهم لمذاهب عدة بين من هاجم «الجزيرة» ومن هاجم أحمد منصور، وانتقد اختيار القناة لولد حننه، كأول ضيف شاهد على عصر موريتانيا، مؤكداً أن ولد حننه ليس الأنسب لذلك، لوجود آخرين أكبر سناً وأغنى تجربة، وبين من يدافعون عن ولد حننه ويرونه شخصاً مؤهلاً.
وانتقد الكثيرون الآراء التي عرضها ولد حننه في الحلقة الأولى من البرنامج واعتبروها خالية من الفائدة ومغلوطة وباهتة.
وخصصت الصحافية الموريتانية البارزة، منى بنت الدي، تدوينات عدة للهجوم على ولد حننه وأحمد منصور، مؤكدة أن «أحمد منصور كان طوال الحلقة الأولى من «شاهد على العصر»، مع صالح ولد حننه، يحاول أن يلصق كل التهم والصفات السيئة بالرئيس المختار ولد داداه. لم يكن تجاوب صالح مع ذلك يرضي شغف أحمد منصور، وكان الأولى أن يستضيف الزعيم بدر الدين ليروي عطشه».
أما حبيب الله ولد أحمد، أحد أبرز المدونين والكتاب، فقد أكد «أن الحلقة الأولى من شهادة صالح ولد حننه على العصر، لم تكن متوقعة من قائد عسكري وسياسي متنور مثله».
وأضاف: «صحيح أن الشهادة على العصر يعني بها أحمد منصور، غالبا، التغول على الدول العربية الضعيفة وشعوبها، والتهجم الفج على القادة القوميين، وبخاصة المرحوم جمال عبد الناصر وصدام حسين، ولذلك يحفر «حفرة» ويقود إليها ضيوفه تحت غطاء كثيف من الثعالبية الإعلامية والمفخخات اللفظية».
«مع الأسف»، يضيف الكاتب، «سار صالح الى «الحفرة» بسرعة فبدت موريتانيا، بمقاومتها ومختارها العظيم ورجالاتها وعرق أبنائها وكفاح جيل الاستقلال الأغر، مجرد حي بدوي يحلب فيه البقر صباحاً ومساءً».
وتابع ولد أحمد تدوينته قائلاً: «عندما يقال لك إن رجلاً مثل المختار (ولد داداه الرئيس المؤسس)، مجرد مترجم، وهي عبارة تغلف اتهاما ضمنيا للرجل بعمالته لفرنسا، فإنك لن تنتظر شهادة أخرى على عصر موريتاني. فعندما تبدأ الحديث عن وطنك بالغمز فى الرجل الذي بناه وكافح من أجله، وتحمل كل التضحيات الممكنة سلماً وحرباً في سبيله، فمعنى ذلك أنك شاهد على «عصر» من «أعصار أهل الخيام» وليس على عصر سياسي موريتاني سيظل المختار ولد داداه، شئنا أم أبينا، رمزه وأيقونته وفخره وجوهره الذي لا يغيب».
وتدخل المفكر الكبير والكاتب الشهير، أبو العباس ابرهام، في معمعان الجدل لينتقد ولد حننه، مؤكداً احترامه له وأنه «ليس شاهداً على العصر»، قبل أن يضيف: «هذا الرّجل جاء إلى برنامح هدفه تقديم شهادة، أي معلومات، على العصر، لم يُقدِّم غيرَ معلومات شعبيّة مليئة بالصور النمطية والتعميميات العاميّة، وقد أخطأ تقريباً في كلِّ معلوماتٍ تاريخيّة قالها، بحيثُ بدا واضِحاً أنّه التقط معلوماتِه من مواقع الدرجة الثانيّة في الإنترنت وليس من واقع معاش».
وفي صف المدافعين تدخل سيد أحمد ولد الأمير، الباحث في قناة «الجزيرة»، ليؤكد أنه «لا يرى من الإنصاف كيل كل هذه الاتهامات التي انهالت على ولد حننه بكثرة في صفحات فيسبوك منذ أمس».
وأضاف: «صالح كان متزناً في كلامه مسترسلاً في حديثه ولم يكن منحازاً في رؤيته للأمور في عهد تأسيس الدولة الموريتانية لأي توجه ولا أي شخص، بل كان معتدلاً في تقييمه ومتوازناً في أحكامه».
وتابع الباحث: «صالح، وكذلك غيره من المتحدثين ومن ناقلي شهادتهم أو فهمهم لحدث أو لحوادث مرت بها بلادنا، ليس مطالبا بأن يسرد أو يقول ما يحلو لكل واحد منا، وليس عليه أن يقيس كلامه على أمزجتنا، وليس لنا أن نرغم المتحدث على أن يقول ما نريده، فهذا منا تضييق لواسع وتحكم وتعسف».
ثم كان أن تدخل في هذا الجدل الكاتب ووزير الإعلام السابق، محمد ولد أمين، ليقول: «صالح رجل انقلابي وتلك لوحدها صفة طيبة… فالبشر ينقسمون لصنفين فقط: الصنف الانقلابي والصنف التقلبي»، لقد كانت انقلاباته ومطارداته ممتعة جدا ومسلية كفيلم «ويسترن» زاخر بالحركية والإثارة… تصوروا كم مملة هي الحياة بدون ترقب وحركية وإثارة».
وأضاف: «من رأى سخرية البعض من صالح حننه وما في سخريتهم من مبالغة واستخفاف يتوطد لديه اليقين بأن التاريخ يكتبه المنتصر فقط! فالهزيمة أمر مؤسف جدا… فمن ينتصر يصبح رئيساً، ومن يخسر، حتى وإن انتخب نائباً، سيستكثر عليه الناس أي شيء ولو كان «التساليف» في تلفزيون قطر»!