حين صدر المرسوم المعدل للحكومة كان "ص – ن" متمترسا أمام التلفاز ينهر كل من يحاول تبديل القناة .. استغربت زوجته المدمنة على الدراما المصرية وعلى "أغاني أولاد لبلاد" اصراره ذاك المساء على مشاهدة قناة الموريتانية التي لم يكن يشاهد من برامجها إلا "ورطة في ورطة".
لاحظت الزوجة عصبيته الزائدة وزاد استغربها حين طلب منها أن تأخذ من الحانوت المجاور أكياس ماء وتهيئها لضيوف قادمين لم يفصح عن هويتهم .. قبل نشرة الثامنة مساء بساعة جمع مشروع الوزير المتوتر كومة من ملابسه المترهلة وحملها على عجل إلي مغسلة قريبة وعاد قبل النشرة بخمس دقائق .. بدأت النشرة متأخرة بدقيقة وأذيع المرسوم دون الإشارة إليه في المقدمة .. أصبح الرجل المتوتر وزيرا في الحكومة كان ذلك شيئا فوق التصور لأن سقف أحلامه كان أن يصل لمستوى رئيس مصلحة ومنها يستفيد من حقه في التقاعد.
ابتهجت الأسرة لكن الوزير عاد وخرج مرتبكا نحو حلاق مجاور رغم انه كان حليق الرأس والذقن .. بعد ساعة عاد محملا بملابس رجالية تركية وبربطة عنق مزركشة .. ألقي الملابس على عجل في غرفة النوم ونودي عليه ليستقبل المهنئين .. استمرت التهاني حتى الواحدة صباحا .. ما بين الواحدة والرابعة صباحا خصصه الوزير الجديد لقيام ليل من نوع جديد فقد بدأ يقيس الملابس قطعة قطعة ويؤلف بين قديمها وجديدها وكل مرة يقف أمام المرآة ينزعج من هندامه وطلعته المزعجة .. نصحته الزوجة بعدم وضع ربطة العنق المزركشة وبوضع واحدة حمراء لأن الأحمر أكثر رسمية وهو لون البساط الأحمر .. نهرها .. قائلا: يا لك من غبية..!!! ألم تري ربطات عنق الرئيس كلها مزركشة وغامقة..!!!
ألم تري ربطة عنق إبراهيم ولد أمبارك ولد محمد المختار أقعد الوزراء أليست شهباء خالطها اصفرار فاقع..!!!
في اليوم الموالي تواصلت التهاني كان من بين المهنئين وزراء سابقون أسر إليه أحدهم بنصيحة مفادها أنه لا داعي للقلق ولا داعي لصرف الأموال في غير محلها فالرئيس لا ينظر إلي هيئات وزرائه ولا تهمه مؤهلاتهم والوزارة تأتي دون سابق إنذار وتذهب كما أتت وهي أقدار مقدرة ، ونصحه بعدم الكلام في مجلس الوزراء وبالنوم مفتوح العينين كما تنام الأرانب وبطأطأة الرأس وهزه بالإيجاب وبعدم إهمال حواشي أصحاب النفوذ فهم من سيقيم أداءه.
سمع الوزير الجديد كل هذا الكلام وهمس في أذن محدثه متسائلا عن الامتيازات .. حدثه الوزير القديم عن ثلاثة ملايين للأثاث والتكستم وعن بدل محروقات شهري في حدود 60 ألف أوقية وعن صندوق أسود لا يكفى عادة لتسديد فواتير الماء والكهرباء.
تصبب الوزير عرقا واستغرق في تفكير عميق وانتابته نوبة سعال حادة لأنه سيصرف كل هذا وأكثر ليوهم نفسه ويوهم بعض الناس لبعض الوقت بأنه وزير لكنه لن يستطيع أن يوهم كل الناس كل الوقت وسيخرج كما دخل وعليه الصبر والتحضير للحظة مغادرة الحكومة الآتية لا محالة ، فمن وُزر سقط ومن دخل خرج ولله الأمر من قبل ومن بعد والموضوع من أصله وفرعه "ورطة في ورطة".
يتواصل....
نقلا عن صفحة المدون عبد الله محمدو على الفيسبوك https://www.facebook.com/dedehmed