في السودان كانوا إذا أرادوا وصف شخص بالاستقامة قالوا : فلان شنقيطي.
في بقية الدول العربية والافريقية تلازمت الصفة مع العلم و التقوى و الفصاحة وذلك بفضل رواد مثل الحاج محمود با و ابن التلاميد و ابن ميابة و ابن خطور و الآلاف ممن رفعوا ذكر بلادهم في اصقاع المعمورة.
الآن اصبح صفة الموريتاني في العالم العربي مرتبطة بالنصب و الاحتيال و الشعوذة و أكثر من مرة يسألني الأخوة العرب بعد معرفتهم لجنسيتي عن ساحر ماهر أو بعض من الزئبق الأحمر.
المشكلة تجاوزت تلطيخ شعب بأكمله وتحولت الى ازمة داخلية تسببت في نهب اموال المواطنين و خلق القدوة السيئة للشباب مما ادى الى تورط الكثيرين منهم في هذه الممارسات و اقتصار احلامهم على عملية نصب تنتشلهم من الفقر و الاخطر من كل ذلك تشويه التصوف الذي انخرط الكثير من أدعيائه في هذه الممارسات مما جعل الكثير من الناس يختار التوجه الوهابي المتطرف كردة فعل على هذه الانحرافات القميئة او تقود الشباب للنفور من الدين كله.
أنا شخصيا من منبت صوفي و خبرت أشخاصا أتقياء و زاهدين يمثلون التصوف في أبهى تجيالته من انحياز للمستضعفين و الزهد في الدنيا و محبة للناس و تجنب اصحاب المال و السلطة و الكسب من عرق الجبين، و كلي إيمان أن محاربة أدعياء التصوف من النصابين و المحتالين المرتزقين باسم الله و الرسول واجب ديني و أخلاقي ووطني وانه لا يمكن أن يقتصر دور من يلعبون دورا في التوعية عن مواجهة الانحرافات السياسة التي تقل خطرا عن الانحرافات الاجتماعية والدينية.
و من ملاحظة شخصية على مدى أسابيع اكتشفت هشاشة كيانات اللصوصية و شاهدت كيف تنهار أمام مقال خال من الأسماء وتتحول من الشراء المكثف الى الجمود المطلق و البحث عن مغفلين لدفع ديون الضحايا الذين أفاقوا أخيرا، كما تابعت الجولات المكوكية لأفراد العصابة بين اسر المدنونين و محاولة ثنيهم بشتى الوسائل عن الكتابة حول ما يقومون به.
الشيء الايجابي و الجميل في هذه التجربة أكتشاف وجود شباب و شابات في منتهى الوعي و الاستعداد لتحمل كل المصاعب من أجل توعية هذا المجتمع الطيب.
لهم مني كل التحية و الحب وأقول لهم بفضلكم ترسخ إيماني بانه رغم كل ما يحيط بنا من عفن فإن بذرة الخير باقية في هذه الأرض ما بقي الليل و النهار.
نقلا عن صفحة الأستاذ عبد الرحمن ودادي على الفيسبوك