هل تساءلت ذات مرة عن ما الذي سوف يحدث إذا ما قمت بمحو الذكريات المؤلمة التي مررت بها يوماً من رأسك؟ وهل سيكون ذلك جيداً إلى هذا الحد أم سيخيب ظنك؟
ربما شاهدت فيلم Eternal Sunshine of the Spotless Mind، من وحي خيال الكاتب “تشارلي كوفمان”. والذي يطرح فكرة إمكانية محو بعض الذكريات المؤلمة من ذاكرتنا؛ وذلك للتخلص من الحزن والضيق الناتج عنها.
فيلم رائع حقاً. ربما تجده مضحكاً نوعاً ما، غريباً، وعميقاً إلى حد كبير. ما أدركه أبطال هذا الفيلم (جيم كاري وكيت وينسلت) ليس فقط أنه يجب عليهم التشبث بذكرياتهم المؤلمة، ولكنهم يميلون – أيضاً – إلى تكرار أخطائهم الماضية، وذلك لنسيانهم الدروس التي تعلموها من تلك المواقف العصيبة التي مرّوا بها وتعلقت بذاكرتهم. يشبه إلى حد كبير فيلم Groundhog Day بلمساتٍ أكثر واقعية.
ولكن احزِر ماذا ؟ قام العلماء باكتشاف عقار جديد بإمكانه أن يمحو تلك الذكريات المؤلمة والمواقف العصيبة التي – وبلا أدنى شك – نتمنى أن تزول من ذاكرتنا يوماً ما. وذلك وفقاً لما كتبه “ريتشارد فريدمان” في صحيفة نيويورك تايمز.
من منا لا يرغب في ترك القلق أو نسيان الخوف ؟ الفوبيا، نوبات الذعر واضطرابات ما بعد الصدمات والتي يعاني منها الكثير من الناس – إن لم يكن جميعهم – في مرحلة أو أكثر من مراحل حياتهم!
حسنا، هناك علاج لذلك. يسمّى “بروبرانولول“. تشير الدراسات إلى أنه إذا كان هناك شخص ما يعاني من فوبيا معينة – العناكب على سبيل المثال -، قام بتناول هذا الدّواء في وقت تعرّضه لذلك الخوف، فإنه يختفي. ويوضح “فريدمان” هذه العملية:
يقوم عقار البروبرانولول بحجب تأثير هرمون “النورإبينفرين” على الدماغ. تلك المادة الكيميائية، مماثلة للأدرينالين، وتعزز عملية التّعلم، لذلك حجب تأثيرها يؤدي إلى تعطيل عملية حفظ وتخزين الذكريات مرة أخري بعد تذكّرها.
وعند الحديث عن فيلم “Eternal Sunshine of the Spotless Mind”، فالأمور تصبح معقدة إلى درجة كبيرة، حيث يخضع البطلان لعلاجات المخ طوال الليل؛ بهدف محو علاقتهم الفاشلة من ذاكرة كليهما. ولكن المشكلة هنا هي أن العلاج يعمل بالفعل. حيث ندم كل منهما على قرار محو الذكريات ذاك، وسعيا لاستعادتها. وعلى الرغم من آلام تلك العلاقة غير الناجحة، فهما لا يريدان التخلي عن ذكرياتهم بحلوها ومرها.
الخوف من العناكب يبدو صغيراً نسبياً عندما يتعلق الأمر بإنكسار القلب عند البشر. ولكن أيضاً ماذا عن ذلك الوباء المنتشر في السنوات الأخيرة المسمّى باضطرابات ما بعد الصدمة ؟، ليس فقط بين الجنود العائدين من الحرب، ولكن أيضاً بين هؤلاء (أغلبهم من النساء) الذين عانوا من الاعتداء الجنسي أو المحلي في فترة ما من فترات حياتهم.
نحن حساسون بشكل مفرط بالنسبة لقصص الصدمات والآثار الناتجة عنها. وغالباً ما نسمع أن الناجين من تلك الحوادث يكونون عرضة للكوابيس المتكررة، ونوبات الذعر الناجمة عن بعض المحفزات النفسية مثل العزلة الاجتماعية والاكتئاب والدوافع الانتحارية.