لم يكن اعتذار المغرب عن عدم استضافة القمة العربية الـ27 السبب فى صدمة الجامعة العربية والقادة العرب بل العرب أنفسهم، فذلك حق للمغرب وأى دولة عربية أخرى فقد سبق على سبيل المثال لا الحصر- اعتذار البحرين عن عدم استضافة قمة عام 2003 فاستضافتها مصر بمدينة شرم الشيخ، ومن قبل سبق للمغرب أن أرجأ الملك الراحل الحسن الثانى قمة فاس عام 1981 التى كان مقررا لها أن تناقش مبادرة ولى العهد السعودى حينذاك الأمير فهد بن عبد العزيز لتسوية الصراع العربى الإسرائيلي، حيث جاء الإرجاء فى بداية الجلسة الافتتاحية للقمة وذلك بسبب عدم حضور الرئيسين العراقى صدام حسين والسورى حافظ الأسد، ثم التأمت القمة فى العام التالى وصالحت بين الرئيسين السورى والعراق، لكن الصدمة التى فوجئ بها الجميع كانت من المرة الأولى التى يصارح فيها النظام العربى نفسه بهذه الكيفية المعلنة بوضوح وعلى الملأ بذكر الحيثيات التى اشتمل عليها بيان الاعتذار المغربي، وإذا كان السؤال قبل أن تصبح القمة دورية: هل ستعقد القمة أم لا؟ فإن السؤال قد أصبح بعد دورية القمة : ما هى جدوى انعقاد تلك القمة؟ فمن يتابع قرارات ونتائج القمم العربية الـ 26 سوف يجد أنها فشلت فى تنفيذ 90% من قراراتها الاقتصادية خاصة ما يتعلق منها بالتعاون الاقتصادى وإيجاد كيان اقتصادى عربى قوى فى زمن لا مكان فيه إلا للتكتلات، أما على الجانب السياسى فلم تكد تمر شهور على أول قمة عقدت بمدينة زهراء أنشاص بمصر بدعوة من الملك فاروق 1946 وجاء فى بيانها الختامى أن فلسطين هى قضية العرب الأولي، حتى وقعت نكبة فلسطين لتصبح التحدى الأكبر لهم حتى الآن، ولم تمر بضعة أشهر على قمة فاس بالمغرب عام 1981 التى أقرت مبادرة فاس لتسوية النزاع العربى الإسرائيلى حتى أعلنت إسرائيل القدس عاصمة موحدة لها، والشيء نفسه حدث لقمة بيروت عام 2002 التى اعتمدت المبادرة العربية للسلام مع اسرائيل حيث صارع شارون بعد أيام من انعقادها بالرد على المبادرة باقتحام مقر الرئيس الفلسطينى ياسر عرفات برام الله ومحاصرته حتى خرج منه إلى باريس حيث مات هناك ولم يعرف حتى الآن من قتله؟ أما قمة شرم الشيخ عام 2003 التى رفض فيها القادة العرب الحشود الأمريكية والبريطانية على العراق فلم يمر عليها 19 يوماً حتى وقعت الحرب بالفعل على العراق الذى لا يزال وشعبه والعرب يعانون نتائجها، ناهيك عن قمة الأسف فى تونس عام 2004 التى تم تأجيلها بقرار تونسى منفرد ومفاجئ للجميع ثم انعقدت بطريقة متعثرة لمجرد إبراء الذمة، ثم قمة سرت بليبيا 2010 التى شعر فيها المواطن العربى بأنها مدعاه للسخرية عندما سخر فيها معمر القذافى على الهواء مباشرة فى أثناء كلمته الافتتاحية، من الوزن الزائد لأمير قطر السابق قائلاً له: أنت يا شيخ (...) أقدر منى على ملء الفراغ ثم استظرف القذافى بعد ذلك بدعوته الرئيس اللبنانى أمين الجميل إلى الإسلام وقراءته على شاشة الجزيرة البيان الختامى للقمة قبل افتتاحها!.
والمطلوب من قمة نواكشوط التى أعلنت الجامعة العربية وموريتانيا انعقادها فى أوائل يوليو المقبل أن لا تكون كسابقتها من القمم التى كانت تعقد لإبراء الذمة وغلبت عليها المظاهرة الإعلامية والصور التذكارية والعنترية العنترية والمزايدات والمبالغة فى كرم الضيافة حتى أن رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريرى عندما حدثت الأزمة بين لبنان وليبيا التى طلبت نقل قمة 2002 إلى القاهرة قال بالحرف الواحد: «إن انعقاد القمة فى بيروت انتصار للعرب ولبنان حتى لو اكتفى القادة العرب بتناول «التبولة اللبنانية»!؟».
كما أن القمة الـ 27 مطالبة بألا تسمح لبعض القادة بخطف القمة لتحقيق مكاسب شخصية مؤقتة، والقادة العرب مطالبون جميعاً بأن يشاركوا فى القمة ويتبنوا مواقف تعكس نبض شعوبهم تجاه ما يحدث فى فلسطين والعراق وسوريا واليمن وليبيا والصومال وأن يضعوا مصلحة العرب فوق كل اعتبار.