كان ينتظر من التعديل الأخير الذي يبدو أنه لن يكون آخر تعديلات السداسي الأول من 2016 أن يعالج اختلالا عمقه التعديل الذي سبقه حين ألغي "الاتصال" كمصطلح جامع لوصايات الاعلام واختصره في النطق باسم الحكومة الذي أحاله التعديل الجديد إلي الثقافة والصناعة التقليدية .. ولأن حذف ما "يعلم" جائز فقد أول بعضهم تجاهل الاتصال بأنه ترك له بوزارة العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني "أل هناك هنيه" .. ومنهم من توقع وصاية جديدة تستحدث لاحقا على مستوى الرئاسة أو الوزارة الأولى أو توكل لمكتب "خبرة" واصل .. لكن الموضوع حساس وتنجم عنه ارتباكات عديدة فكل المنظومة القانونية الضابطة للحريات الاعلامية ولسير مؤسسات الاعلام الخصوصية والعمومية وهيئات الضبط والاشراف تشير إلي وصاية الوزير المكلف بالاتصال الذي لم يعد موجودا ، فهو أي الوزير المغيب المضمر من يوقع رخص تجديد مؤسسات الاعلام الخصوصي السمعي البصري ومن تخضع مؤسسات الاعلام العمومي لوصايته وغيابه يمثل خلالا كبيرا وإرباكا لسير مؤسسات الدولة نظرا لما يشهده قطاع الاتصال من تطورات متسارعة لن تكون الرقمنة الكاملة آخرها.
وهنالك كلام يروج في الصالونات يردده البعض بشأن الاستغناء عن وزارة الاتصال ، ومن حيث المبدأ يمكن الاستغناء عن كل الوزارات وعن كل المؤسسات لأنها ليست هدفا بحد ذاتها لكن الاستغناء عن وصاية الدولة عن الاتصال لم ولن يكون هدفا لأية حكومة ، فالإصلاح الذي كان يؤمل أن يفضي إلي تعميق التفكير في إيجاد بدائل تعددية أكثر تشاركية لم يتقدم خطوة واحدة ولم توقع بعد دفاتر تحملات مؤسسات الاعلام العمومي ولم توقع عقود إلتزاماتها مع الدولة ، وما تزال مؤسسات الاعلام الخصوصي خاضعة إجرائيا لوصاية الاتصال التي لم تعد موجودة ، فالإصلاح لم ينفذ ووضعية المؤسسات الاعلامية العمومية والخصوصية الادارية والمالية والمهنية حرجة للغاية.
لقد بات واضحا أن غياب الوصاية الاعلامية لم يخدم الحرية وأخل بالتعددية كما أن الفوضى الناجمة عنه لم ولن تكون خلاقة ، وقد أتاحت ملاذات عبثية تنشط فيها لوبيات وخلايا ومجموعات ضغط طفيلية متصارعة يحاول كل منها أن يملأ الفراغ ويتصدر المشهد بالترهات والإشاعات والتسميم وعبر مسارات التفافية زبونية نفعية مقيتة تهدم ولا تبني.
فلفائدة من تعوم وصاية الاتصال؟ ولصالح من تقرع أجراس التسيب؟ وما فائدة الانتقال الجزافي من وصاية الدولة على علاتها إلي وصايات جزافية هلامية أهلكت دولا قبلنا؟ وما ذا تنتظر الدولة لتعيد الأمور لنصابها؟ ما ذا تنتظر لحسم موضوع الوصاية وتحديد من؟ يقوم بما ذا؟ لفائدة من؟ ولتحقيق أية غايات؟ متى يصدر المرسوم المحدد لوصاية المؤسسات الاعلامية؟
بقلم: أحميدوت ولد أعمر