ما يزال 20 ألف موريتاني حسب آخر التقديرات والأخبار يغربلون تراب تازيازت وما حولها ويلعقون غبار رياح الشمال الحارة .. يلاحقون السراب الموار ويعبثون بأديم الأرض الجرداء .. تخامرهم آمال غامضة وتحدوهم أوهام مجنونة .. تسري في نفوسهم إشاعات مغرضة المصادر تبث وتروج بعناية لإطالة موسم البحث عن الذهب وإطالة معاناة المنقبين بشكل سيزيفي ومشاغلتهم هناك في مشروع لا بداية له ولا نهاية.
فموضوع الذهب تحول إلي كرة ثلج وغبار تتضخم بشكل وبائي لا يعرف له علاج ، والظاهر أن البحث عن المعدن النفيس أطلق بفعل فاعل أو فاعلين ولن يتوقف إلا بعد أن يدفع ثمن اقتصادي وإنساني باهظ.
الخبراء الاقتصاديون المحايدون لا يتوقعون أن يجني المنقبون في المتوسط أزيد من 5% من تكاليف التنقيب ، ويحذرون من تحول بعضهم إلي فاشلين ومفلسين وخارجين على القانون ، والدولة منحت التراخيص واستحصلت الضرائب وتضفي شرعية على الموضوع وتراقبه عن بعد.
وفي تازيازت دخان الذهب له نار إذ يوجد ذهب حقيقي تقدر صادراته بـ 10 أطنان سنويا ويتوقع لها أن ترتفع لـ 50 طنا خلال السنوات القادمة ، لكن ذهب تازيازت بشقه الحقيقي المستغل وشقه الوهمي المبحوث عنه ليس كل شيء بل قد يكون مجرد شماعة لذهب آخر مهرب ومخزن غامض المصادر يجري تداوله وتسويقه في غمرة جنون الذهب.
لقد أدى كل هذا الحراك إلي ميلاد قيصري مؤلم لقطاع جديد غير مصنف هو قطاع تنقيب الأفراد والجماعات الفضولية عن المعادن وتهريبها واستقطب القطاع الجديد في ظرف وجيز آلاف الشباب وأخرجهم من المدن إلي رمضاء تازيازت وأوجد هذا القطاع فاعلين وآليات تسويق ومسارات تهريب وتدوير.
والمؤسف أن الـ 20 ألف موريتاني الباحثين عن الذهب هم ضحايا هذا القطاع وقرابينه ، أما المستفيدون الحقيقيون فهم تجار الذهب والمهربون وآخرون من دونهم استغلوا الفرصة واخرى سبقتها للإفراج عن مكنونات خزائنهم من المعدن النفيس التي جمعوها بطرق أخرى لا يعلمها إلا الله.
فما هي مآلات كل ذلك؟
ومن هو المستفيد؟
ومن هو الرابح الأكبر؟
ومن هم الخاسرون؟
عبد الله محمدو على الفيسبوك: https://www.facebook.com/dedehmed