تتسابق لجان التحضير في موريتانيا مع الزمن عبر العشرات من الورش ومئات خلايا النشاط، لاستضافة القمة العربية السابعة والعشرين المقررة في نواكشوط أواخر تموز/ يوليو المقبل.
ويواصل وزير الخارجية الموريتاني إسلكو ولد أحمد إزيد بيه جولاته في العواصم العربية لتوزيع الدعوات على القادة العرب.
وينتظر أن يتسلم المغاربة قريباً الدعوة الموجهة للملك محمد السادس لحضور القمة، والتي كانت صحيفة «نواكشوط» المستقلة قد أكدت أن الديوان الملكي المغربي تلكأ في استلامها من الوزير لأسباب من بينها، حسب الصحيفة، «تدهور العلاقات الدبلوماسية بين البلدين والتحسن الأخير في علاقات موريتانيا والجزائر وكذا موقف المغرب المبدئي من القمة العربية التي رفض استضافتها بحجة أنها لن تكون مجدية».
وتواصل فرق مختصة من جميع القطاعات الحكومية الموريتانية تبليط شوارع العاصمة وطلاء واجهات المباني وتهيئة المطار الجديد وإعداد فنادق ومرافق الاستقبال.
وتحدثت مصادر صحافية موريتانية نقلاً عن لجنة التحضير الكبرى أن «الحكومة الموريتانية تعد لتنظيم استقبال شعبي ضخم للقادة العرب يشارك فيه الخيالة بمئات الخيول العربية وكذا الجمالون بأكثر من ألف جمل مجهز برواحل تقليدية من طراز خلاب».
وشكلت الحكومة الموريتانية لجنة أمنية خاصة مكلفة بالسهر على تأمين المشاركين في هذه القمة التي تعتبر تحدياً كبيراً بالنسبة لموريتانيا ولرئيسها الذي أكد «أن بلده لا بد أن يستضيف القمة ولو تحت الخيام».
ويوجه عدد من الكتاب الموريتانيين مقالاتهم هذه الأيام لقضية القمة، حيث أكد الديبوماسي البارز والصحافي الشهير أحمد ولد المصطفى «أن قمة نواكشوط العربية نجحت قبل أن تنعقد لأن جميع مسارات التحضيرات المؤدية لعقد قمة ناجحة باتت سالكة داخلياً وخارجياً، فالأوراش الداخلية تتناغم والعقول تتزاحم والإرادات تتشابك بوتائر تبشر بأن موريتانيا باتت في الموعد على المستويات كافة لاحتضان قمة عربية ناجحة».
وأكد الكاتب «أن مؤشرات نجاح القمة لا تخطئها البصيرة على أكثر من صعيد ، فالقرار الشجاع الذي اتخذه الرئيس محمد ولد عبد العزيز باحتضان قمة كانت دورية انعقادها العادية حسب الترتيب الأبجدي تمنح موريتانيا فرصة للتحضير لغاية منتصف 2017 في الحالة العادية هو قرار شجاع أنقذ دورية القمم العربية من الارتباك في ظرف عربي حساس ودقيق للغاية، من منطلق أن الأهم هو أن يلتقي الأشقاء العرب على أعلى مستوى وكل ما كان هنالك لقاء تزاحمت العقول وتشابكت الإرادات وخرج الصواب».
«لقد ارتكز القرار الموريتاني، يضيف الكاتب، على نظرة ثاقبة للجانب المليان من كوب العمل العربي المشترك ومثل جنوحاً مبرراً للتأسيس عليه لتدبر الموجود واستشراف الموعود؛ فما فائدة القمم إذا لم تعقد في أوقات الأزمات؟ وما جدوائيتها إذا تحولت إلى كرنفال لوجستيكي لا يلامس جوهر المعاناة العربية التي وصلت المستوى الحدي للتقبل؟».وعن مؤشرات النجاح المبكر لقمة نواكشوط، أكد الكاتب أن منها إقرار وزراء الخارجية العرب خلال اجتماعهم الأخير في القاهرة لجدول أعمالها مسبقاً بإجماع سريع عكس جنوحاً عربياً حقيقياً لولوج مرحلة جديدة يتطلع إليها أبناء الأمة من المحيط إلي الخليج، لحقن الدماء ولم الشمل وتفعيل العمل العربي المشترك في جوانبه المتعلقة بإخماد الصراعات ومواجهة التطرف والغلو وتصدير الطائفية وتجفيف منابع الفكر المأزوم والقضاء على البؤر الإرهابية ».
وتوقع الكاتب أحمد مصطفى «أن تكون قمة نواكشوط مناسبة لتعزيز الأمن القومي تأسيساً على المستجدات والمتغيرات التي يشهدها العالم العربي في إدارته للصراعات التي تستهدف الأمن القومي، فالقرارات الشجاعة التي اتخذتها دول عربية كالسعودية لصيانة الأمن القومي في محيطها الإقليمي بوسائل ذاتية وقومية مجمع عليها مثلت نقلة نوعية في حماية الأمن القومي العربي يمكن تعزيزها والقياس عليها لمواجهة بؤر تظهر هنا وهناك»، كما توقع الكاتب «أن تقيم قمة نواكشوط وتحين مبادرات السلام العربية والدولية ومستجدات الصراع العربي الاسرائيلي وتخرج بآليات جديدة تضمن الحق العربي وتصون كرامة الشعب الفلسطيني المكافح وتكرس حقه في دولته وفي مقدساته التي لا تنازل عنها».
وتوقع «أن تسفر قمة نواكشوط عن اعتماد استراتيجية إعلامية عربية لمواجهة الارهاب والغلو والتطرف وكل مظاهر الفكر المأزوم داخلياً وخارجياً، ولا يستبعد أن تؤسس قمة نواكشوط لفتح مسارات تكامل أمني مع القارة السمراء التي تواجه دولها المخاطر نفسها وتسعى لرفع التحديات نفسها، فالعرب يعتبرون موريتانيا أقصر طريق إلى افريقيا والأفارقة يعتبرونها بوابة العالم العربي وموريتانيا كانت دائما رائدة في توطيد اللحمة العربية الافريقية في الأوقات الصعبة ودورها كان فاعلاً عام 1973 في تحفيز وتأطير مقاطعة الدول الافريقية لإسرائيل تضامناً مع القضية العربية وهي مؤهلة اليوم لأن تشكل رأس قاطرة التعاون والتكامل العربي الافريقي في مواجهة الارهاب والغلو والتطرف وكل مظاهر الاجرام العابر للحدود».«على الرغم من أن القمم العربية منذ 1946 إلى اليوم عقدت بمن حضر، يقول أحمد مصطفى، فإن المتوقع أن تشهد قمة نواكشوط حضوراً مكثفاً للقادة العرب من الصف الأول والثاني ولصناع القرارولقادة الرأي ولمسؤولي المنظمات والهيئات الدولية والاقليمية ولمجموعات مؤثرة من المراقبين والمتابعين، وتشير كل التوقعات إلى أن أزيد من 4 آلاف شخص من مختلف المستويات سيحضرون وقائع قمة نواكشوط قمة الأمل التي نجحت داخلياً وخارجياً قبل أن تعقد والتي يؤمل أن تمثل مخرجاتها نقلة نوعية للعمل العربي المشترك على كل الصعد وسيمثل الارتقاء بهذا العمل خلال رئاسة موريتانيا التي تمتد سنة نجاحاً آخر يراهن الموريتانيون والعرب على تحقيقه».
وكانت ندوة فكرية وسياسية عقدت مؤخراً تحت عنوان «القمة العربية المقبلة: الفرص والتحديات»، قد دعت النخب السياسية الموريتانية لوضع الخلافات والتجاذبات جانباً والتفرغ للتحضير الجيد لاستضافة موريتانيا للقمة العربية المقررة في نواكشوط أواخر تموز/يوليو المقبل».
وانتقد المشاركون في الندوة وهم سفراء ووزراء متقاعدون وإعلاميون «انشغال الرأي العام الموريتاني بالتجاذبات السياسية بدل الانشغال بالحدث الذي ينتظر البلد وهو عقد القمة العربية السابعة والعشرين».
وأوصى المشاركون الحكومة الموريتانية «باقتراح الدعوة لقمة عربية إفريقية بعد انتهاء القمة وتحديد آجالها، من أجل أن تظل موريتانيا مصدر توحيد لكل الأطراف، ولكي تظل الطرف الفاعل بدل ترك الأطراف الأخرى تتولي الدور الحيوي لموريتانيا في التقارب العربي الإفريقي».
وأكد وزير الخارجية الموريتاني الأسبق محمد فال ولد بلال، في مداخلة أمام الندوة «أن تأخر استضافة القمة بنواكشوط ليس عن ضعف أو عدم ولاء للعرب حيث أنه قبل سنة 2000 لم يكن هناك نص يحدد كيفية استضافة القمة، بل كانت الاستضافة تتم حسب الطلب، قبل أن تتم المصادقة سنة 2000 على ملحق ينظم ويرتب تنظيم القمم العربية حسب الحروف الأبجدية».
وأبدى ولد بلال وهو قيادي في المعارضة «تأييده الاستضافة نواكشوط للقمة العربية «حتى يدرك المحيط الفرانكفوني الضاغط من هي موريتانيا؟»، حسب تعبيره.