في إطار الاتفاق الموقع بين الحكومة الموريتانية والاتحاد الأوروبي قدم برنامج الاتحاد الأوروبي للمجتمع المدني والثقافة PESCC دعما لجمعيتنا من أجل إنجاز المشروع المسمى مشروع التحسيس الوطني للتنمية المستدامة وحماية البيئة.
التهذيب حول البعد الكامل للإنسانالمسؤول بيئيا
لقد قيل مرارا وتكرارا ولن نملمن ترديدهبدون كلل: ليس الإنسان إنساناإلا بقدر مسؤوليته. وهناك موقف ديناميكي لكل مسلم(ة) مؤمن(ة) مقتنع (ه) بأن الله قد جعلأبانا جميعا، آدم (عليه السلام)، خليفتهفي الأرض، وبفعل النسب، كذلك كل واحد(ة) منا. فنحن جميعا وفرديامسؤولونعن هذا الالتزام. وأكثر من أي وقت مضى، تتضافر هذه المسؤولية اليوم في الاهتمام اليومي القويبكل ما يحدث من حولنا. وفي ظرفية البيئية المتعرضة للهجوم من جميع الجهات، يكتسي كل ما نقوم به أهمية.
ويطرح السؤال بشكل مختلف قليلا حسب عيشنا في المدينة أو في الريف. ففي الحالة الأولى، لم تعد بيئتنا طبيعية تقريبا. ومع ذلك، فإن ما نفعله أو نتركه فيهاينعكسعلى النظام الطبيعي للأشياء التي وضعها الله أمانة بين أيدينا. يبدأ ذلك مع كيس الحلوى الذيأرميه في الشارع إهمالا مني، ويتواصل في السيجارة التي ألوث بها هواء عائلتي، والميل الكسول إلى ركوب السيارة، بانتظام، بينما أستطيع، في معظم الأحيان، السير على القدمين اللتينمن الله علي بهما، واللامبالاة من طرفي أمام سوء المعاملة الذي تتعرضله أمام عيني الحمير والكلاب، بل القطط حتى في بعض الأحيان. هذا يؤدي بصورة تدريجية إلى عدم مسؤوليتي، في مهمتي كخليفة. إنني إنسان بالاسم لكنني أصبحت غير إنساني، في الواقع.
نجد نفس الإشكالية في الريف، ولكنها أكثر حياة، حيث يتعين علي في كثير من الأحيان العيش من الطبيعة المحيطة بي.لا بد لي من الجمع، وباستمرار، بين واجباتي تجاهها - الحيوانات الموجودة تحت تصرفي، والأرض التي أستغلها - ومتطلبات بقائي على قيد الحياة. وإذا تدهورت ظروف هذه الأخيرة، فإنني أميل إلى نسيان تلك الواجبات، والعكسبالعكس. ولكن هناك حكم لهذه الجدلية الدائريةبشكلمأساوي: إن ضميري بدفع من إيماني، يحتاج،لكييتطور، إلىمحفز عملي: الدراسة اليومية لكل ما أنا مسؤول عنه.
فكر عالميا واعمل محليا
هكذا يرى المرء أسس أي عمل بيئي مستدام. إنالإيمان، بطبيعة الحال، بكلما من الله به علينا، وكل ما نحتاج إليه للعيش الكريم في الوقت الراهن، حيث نقيم، ثماستنتاج لا مفر منه، الاهتمام الدائببكل ما يحيط بنا. وفي هذا النطاق فإن العمل هو الذي يجعلنا فاعلين، كما أن مفتاح الفعالية التربوية في تكوين المواطنين بيئيا، يعتمد على صيغة بسيطة ومدهشة: تصميم كافة أشكال التعليمانطلاقا من واتجاهافي المقام الأول إلى محيطالتلاميذ المباشر.
وبعبارة أخرى، فإن المدرسة والإعداديةوالثانوية والجامعة لا ينبغي تسييرهاكأماكن تعليم فحسب، ولكن أولا وقبل كل شيء، كتعليم للمكان. بالتأكيد، تميل فكرة المكان هذه إلى التوسع كلما تسلقنا سلم المعرفة ولكن ينبغي دائما الحفاظ على البعد المكاني الأكثر تحديدا ـ والتطبيق، كذلك - لكل ما تعلمناه. هذا هو شرط صنع واحدة من أكثر مفاتيح التنمية المستدامة رسوخا: فكر عالميا واعمل محليا. ويقتضي مثل هذا الموقف التكوين المستمر لموظفي التعليم حولطرق التدريس الحية-من نوع طرقفريني، \كرولي مونتيسوري أو غيرها - واستثمارات كبيرة في الدعائم التعليمية والبحث المتاح للتلاميذ.
لا تتوفر الدولة الموريتانية على وسائل ذلك بشكل واضح، وبالتاليلا بد له من البحث عن طرق جديدة، تجمع بين الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص، من أبسط مدرسة في الريف، التي تعتبر وتدار من الآن فصاعداكمركز ثقافي للجميع (1)، إلى أعلى مؤسسات السلك الثالث، التي تحولت بحزم نحو البحث التطبيقي في مشاريع حيوية تركز على التبنيوالمعرفة المتزايدة لإمكانيات أراضينا المحلية. ولا يتعلق بالوسائل، على الرغم من أهميتها، بلبالاتصال والاتساق - وفي النهايةـبالتماسك.
إيان منصور دي گرانج
ملاحظة
(1) انظر على وجه الخصوص سلسلة مقالاتي التي نشرت في جريدة"Horizons" (2007) و"Le Calame" (2012): مناصرة من أجل تعليم نفعي "موريتانيا: أيتعليم لأطفالنا؟ "متوفر عند الطلب إلى بريدي الإلكتروني:[email protected]