تعقد - في العاصمة نواكشوط بعد أقل من أسبوعين لأول مرة في موريتانيا - تعقد منتديات لإصلاح الصحافة، و يهدف القائمون عليها من أهل مهنة المتاعب لإصلاح و"تنقية" قطاع الإعلام والصحافة في البلد، وهي فرصة ينشدها كل ممتهن لصاحبة الجلالة منذ فترة ليست بالقصيرة من أجل إنقاذ قطاع أصبح ملاذا لكل من هب ودب، ويأتي تنظيم هذه المنتديات بعد أن رمت حكومة الوزير الأول يحي ولد حدمين الكرة في مرمي الروابط و الهيئات والتجمعات والاتحادات الصحفية من أجل رسم ملامح إصلاح قطاع الصحافة المنشود...
كما تأتي منتديات إصلاح قطاع الصحافة بعد أن قدمت الحكومة الدعم المعنوي و المادي لعقد هذه المنتديات المزمع تنظيمها في 11 من الشهر المقبل...
وتشكل موريتانيا حالة استثناء على الأقل عربيا وإفريقيا إذا أردنا أن نكون منصفين، فموريتانيا هي البلد الوحيد الذي يتم فيه التعرض لشخص رئيس الجمهورية بالقذف والسب والشتم وتناول عرضه وتجاوز كل الخطوط الحمراء والصفراء والخضراء، دون الخوف أو الشعور بالقلق من مغبة هذا التصرف.
لقد مثل التوجه الرسمي بإعطاء حرية الصحافة والتعبير وإلغاء عقوبة الحبس في قضايا النشر والصحافة، فلسفة وليس مجرد قرار للاستهلاك المحلي والدولي.
و كان هذا التوجه المنطلق والأرضية لفتح الباب واسعا أمام ممتهني الصحافة ومحبي (هواة) مهنة المتاعب وجنود صاحبة الجلالة، من أجل صحافة وطنية ومهنية واعية بدورها كسلطة رابعة ومهمتها في توصيل الخبر والمعلومة الصحيحة لصناع القرار وإعطائه الصورة كاملة وبدون زيادة أو نقصان في تجسيد حقيقي لمهمة ورسالة نبيلة وتحمل للمسؤولية اتجاه الوطن والمواطن الذي يتوق لأن تكون الوسيلة الإعلامية صوته ومنبره.
غير أنه، و بعد انعقاد مجلس الوزراء المؤرخ بيوم 22يوليو من عام 2011- تحت رئاسة فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز - القاضي بإعطاء الصحافة كامل حرياتها والسماح للصحافة بمزاولة مهامها على الشكل الذي يرضيها، الشيء الذي من شأنه أن يسهم في الرفع من المستوى الثقافي المهني عند بعض الصحفيين.
ويمكن القول بإن المستوى المهني ما زال ضعيفا جدا عند بعض الصحفيين حيث نجد منهم من يضع القذف والسب والشتم والبهتان في إطار حرية الصحافة وهو ما نجده اليوم منتشرا في أوساط معظم الصحفيين حيث أصبح القذف والنيل من أعراض الناس ديدنا ونهجا واضحا لأقلام مأجورة أو مستأجرة تبحث لنفسها عن موطئ قدم في قلة من المهنية والمصداقية.
إن المتتبع لحال الصحافة الموريتانية يدرك تمام الإدراك ما أصبحت تتمتع به الصحافة من حرية بعد أن كانت مكبوتة ومضيقا عليها.
وخير دليل على حرية الصحافة ما تضمنته التقارير الدولية المقيمة لوضعية الصحافة وحريتها في موريتانيا(تقرير منظمة "مراسلون بلا حدود" ليس ببعيد)، والتي وضعت موريتانيا في أعلى القائمة العربية، كل هذا يرجع إلى الحرص الذي يوليه فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز لحرية الصحافة كونها دعامة ومكسبا من مكاسب الديمقراطية، فقد شهدت البلاد في السنوات الأخيرة طفرة تنموية وتحولا كبيرا في مجال حرية الصحافة والإعلام ، وهو ما يحتم على الجميع استغلال جو الحرية بشكل صحيح وسليم وإيجابي.
وهنا علينا أن نفخر أن الدولة ممثلة في شخص رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز حريصة كل الحرص على تجسيد وحماية حرية التعبير والصحافة، رغم المشككين والمرجفين فإن حرية التعبير في موريتانيا تأخذ شرعيتها من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بيد أنه يجب أن يكون الصحفي مسؤولا، فلا معنى لأي حرية بلا مسؤولية مع ضرورة التحلي بالضوابط المهنية وأخلاقيات المهنة...
إن عقد منتديات عامة للصحافة من شأنه أن يسهم في وضع حلول ومقترحات مناسبة للعاملين في المؤسسات الإعلامية، و الاتجاه نحو الطريق إلي المأسسة الصحفية، ومن هذا المقام فإنني أبارك تنظيم هذه المنتديات .
وفي ذات السياق أقترح للقائمين علي منتديات الصحافة المقترحات العابرة التالية:
- تحديد الصحفي، ومالك الصحيفة، و المؤسسة الصحفية.
- وضع ميثاق شرف جامع مانع للصحافة(يمنع المس من عرض رئيس الجمهورية وخصوصية أعراض الأشخاص).
- ضرورة فرض اتفاقيات الشغل الجماعي للعاملين في مؤسسات الإعلام الحر(عقود عمل).
- الاعتناء بالصحفيين الشباب في المؤسسات الإعلامية الحرة وفرض حقوقهم وواجباتهم.
- وضع معايير شفافة للحصول على البطاقة الصحفية وإسنادها للجنة مشتركة "عادلة و منصفة" من ممتهني الصحافة والوزارة الوصية .
- زيادة الدعم العمومي الحكومي للصحافة الحرة.
- تفعيل دور السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية "الهابا" وزيادة ممثلي الصحافة في سلطة التنظيم هذه.
- المطالبة بفتح كلية أو معهد للصحافة والاتصال في موريتانيا، وزيادة الاعتناء بالتكوين لأن التكوين أساس النجاح والتوفيق في العمل الصحفي.
- الدعوة إلي اهتمام الدولة بمسؤولي الإعلام في القطاعات الحكومية، والاعتناء بالكتاب الصحفيين والصحفيين في هذا الإطار.
كانت تلكم بعض من المقترحات التي أردت المساهمة بها في منتديات الصحافة المقبلة.
وفي الأخير اتمني أن تكلل أعمال المنتديات العامة لإصلاح قطاع الصحافة بالنجاح والتوفيق..
ولله الموفق
بقلم: عبد الرزاق سيدي محمد