يحكى أن أبا جعفر المنصور قال ذات يوم لأشعب الطماع: قل لي حاجة عمرك حتى أقضيها لك هذه الساعة، و لكن بشرط ألاّ تسألني حاجة بعدها أبداً. فأجابه أشعب: نعم، أعطني كلبا! فاندهش أمير المؤمنين، و قال: ماذا؟ عجبا، يا هذا، ما حاجتك؟ فأجابه "أشعب": كلبٌ، أيها الأمير! فقال أبو جعفر المنصور لفتيانه: أعطوه كلبا! خرج "أشعب" بكلبه فرِحا مسرورا. و في الشهر الموالي، تقدم "أشعب" لمقابلة الأمير، قال له الحرّاس: ألم تنل حاجتك الشهر الماضي و تعهدت بالكفّ عن الطمع؟ قال بلى! أنا شخصيا لا حاجة لي، و لكن الكلب هو صاحب الحاجة. دخل "أشعب" على الأمير، و قال: أنا على العهد الذي أعطيتك، و الله لا أسألك حاجة، و لكن الكلب بحاجة إلى قطيع غنم ينبح دونه حتى يكون كغيره من الكلاب. قال الأمير: أعطوه قطيعا من الغنم!
ثم عاد "أشعب الطماع" ليقول إنه لا حاجة له، و لكن القطيع بحاجة إلى بئر يشرب منها...ثم عاد مجدّدا في الشهر التالي و قال إنه بلا حاجة شخصية، و لكن البئر بحاجة إلى دلوٍ ...ثم الدلوُ بحاجة إلى أواني...ثم جاء دور البئر و الدلوُ و القطيع و حاجة الجميع في ساقٍ ...ثم حاجة الساقي إلى عريش أو كوخ يسكنه...
و هكذا استطاع "أشعب"، رمز الطمع و الجشع عند العرب، أن يبني قرية كاملة...
و في العام ٢..٣، تقدم الرئيس السينغالي عبد الله واد بطلب استضافة القمة الاسلامية المزمع انعقادها ٢..٧، مؤكّدا للحضور استعداد السينغال و جهوزيته لتنظيم القمة في أحسن الظروف. و كان له ما يريد. و ما إن عاد من ماليزيا إلى دكار حتى امتطى طائرته و بدأ سلسلة من الاتصالات في كل الاتجاهات تحت عنوان: تحضير القمة. باغت الملوك و الرؤساء العرب و المسلمين و غير المسلمين بخطاب لا ينتهي طويل و عريض مفادُه أنّ السينغال لا حاجة لها في شيء، و لكن القمة بحاجة إلى ترميم قاعات قصر المؤتمرات في مجمّع الملك فهد...ثم إن القاعات بحاجة إلى معدات مكتبية...ثم إن السينغال لا حاجة له في شيء، و لكن القمة بحاجة إلى توسعة فندق هنا و تجديد أو استئجار فِلٓلٍ هناك... و الفنادق و الفِلٓل بحاجة إلى أثاث و أفرشة تليق بأصحاب الجلالة و السمو و الفخامة...ثم إن السينغال لا حاجة لها مطلقا، و لكن القمة و ضيوفها بحاجة إلى سيارات مؤمنة... ثم إن السيارات بحاجة إلى طرقات راقية...و هكذا، تنادت الدول لإنقاذ القمة...و تضافرت الجهود...على الموسع قدره، و على المقتر قدره...و انعقدت بالسينغال قمةٌ عُرفت داخليا بِ"القمة المستوردة"، و خارجيا بِ "قمة الهبات و التبرعات" تحت رئاسة عبد الله واد...على طريقة أشعب الطماع!