يقبع المصرفي أحمد ولد مكي في سجن انواكشوط على ذمة التحقيق في قضية موريس بنك المثيرة للجدل، وبعيدا عن مجريات القضاء نستحضر أن أحمد ولد مكي هو رجل أعمال موريتاني جرب حظه في جل القطاعات واتسمت استثماراته بالكثير من المجازفة والشخصنة وقد دفع ثمنا باهظا لذلك حين صودرت ممتلكاته ومنها شقته المشهورة "فيلا مكي" لتسديد ديون مصرفية.
لم يتوقف الرجل استمر في العمل واستمر في الاستثمار واستمر في خلق فرص عمل وفي تحقيق قيمة مضافة واستمر كوجيه اجتماعي متسم باللباقة والأريحية والاستعداد لمساعدة الآخرين... استمر كإحدي أثافي برجوازية وطنية تتلمس طريقها في واقع معقد يطبعه الفقر والجزافية وتدخل الدولة في الصغائر والكبائر.
وحين انسحب من مصرف "باسيم" استقر به المطاف في موريس بنك التي أرادها مصرفا إسلاميا شعبيا يفتح آفاق الاستثمار لكل الناس... كان واضحا أن الرجل بخبرته وتجربته يصر على أن يظل رقما فاعلا في المشهد الاقتصادي... حاول وعمل ما وسعه ذلك... وفق في أشياء وأخفق في أشياء أخرى... لكن من الإنصاف أن نقول بأنه اليوم يحاسب على أخطاء ارتكبها آخرون وأنه عاني من الكيل بمكيالين.
كلكم تدركون أن الدولة في الماضي غير البعيد ممثلة في البنك المركزي وأحد محافظيه السابقين قامت بتحويلات جزافية تجاوزت 10 مليارات أوقية لفائدة رجال أعمال ومديري أبناك دون مقابل، وحين تم تدارك ذلك في زمن الجمهورية الجديدة وتم التحقيق معهم توقفت الأمور عند حد معين وأطلق سراحهم كي لا يتوقف الاقتصاد وينهار النظام المصرفي.
من نفس المنطلق وقياسا على نفس الاجتهاد على الدولة اليوم أن تتدارك أخطاء إدارتها وتأطيرها الفاشل لإطلاق موريس بنك فالموضوع مصرفي إداري مالي وإحالته للقضاء خطأ يجب التراجع عنه حماية لمصالح المودعين ومصالح النظام المصرفي ومصالح موريتانيا.
المطلوب هو حل مالي تسييري تشاركي متشاور عليه يفضي إلي إطلاق سراح أحمد ولد مكي لكي يواصل تعبئة وتحرير رأس مال بنكه ويفعل أساليب تحصيل مديونيته ويصون حقوق مودعيه، ودور الدولة هو الإسهام الفاعل في هذا الحل وضمان نجاحه مع ضرورة استخلاص العبر وتطوير آليات وقائية علاجية لتفعيل النظام المصرفي الذي هو شريان الاقتصاد الوطني، فوراء الأكمة المالية ما وراءها وقضية موريس بنك يجب أن لا تكون الشجرة التي تخفي الغابة.
أحمد ولد المحجوب