اختار المسؤولون الموريتانيون المدخل الخطأ لإدارة خلافاتهم مع نظرائهم المغاربة، وهم بذلك يحولون ساحة هذه الخلافات ويغيرون في مضامينها.
نفهم أن المسؤولين في نواكشوط يؤاخذون المسؤولين المغاربة في بعض القضايا التي يعتبرونها تضر بعمق العلاقات المغربية الموريتانية التي كان يجب أن تكون أحسن حالا مما عليه حاليا، ويخصون في هذا الصدد احتضان المغرب لأحد أهم الوجوه البارزة المعارضة للنظام القائم في موريتانيا، وهو رجل أعمال يمارس نشاطه الطبيعي في إحدى أهم المدن المغربية. وتطالب السلطات الموريتانية من نظيرتها المغربية طرد هذا المعارض من التراب المغربي ولم لا تسليمه إليها.
والواضح أن السلطات المغربية لم تدخر جهدا في إقناع المسؤولين في موريتانيا أن الرجل يوجد في وضعية قانونية ولا تتوفر على أي مصوغ لترحيله، وأنه لا يقوم بأي نشاط سياسي علني أو سري. لكن كل ذلك لم يفلح في جبر خاطر المسؤولين في نواكشوط. كما أن هؤلاء المسؤولين لم يسعفهم الجهد في تجاوز مخلفات تجاذبات سابقة بين البلدين، خصوصا حينما تم انتخاب المغرب عضوا غير دائم بمجلس الأمن وحاز الغالبية الساحقة من أصوات الدول الإفريقية رغم أن موريتانيا كانت مرشحة باسم الإتحاد الإفريقي ومدعمة من طرف ثالوث الشر بالنسبة للمغرب وهم الجزائر وجنوب إفريقيا ونيجيريا.
واليوم حينما يختار المسؤولون الموريتانيون استعمال قضية الصحراء المغربية حصان طروادة في هذه الخلافات اعتقادا منهم أنهم يمسكون المسؤولين المغاربة من اليد التي توجعهم، فإنهم يسيئوون التصرف في إدارة هذه الخلافات، وينتقل بذلك الوضع من خلافات بين المسؤولين الموريتانيين ونظرائهم المغاربة إلى خلافات حادة وعاصفة بين المسؤولين الموريتانيين والشعب المغربي قاطبة. وأن هذا الشعب لن يقبل بصفة مطلقة أن تستغل أية جهة - ولو كانت شقيقة أو صديقة - ممارسة الابتزاز بهذه الطريقة البشعة.
ولذلك حينما تنتدب الجهات الموريتانية العليا من يمثلها في فعاليات المؤتمر الإستثنائي لجبهة البوليساريو الإنفصالية الذي نصب المرشح الوحيد والأوحد والذي لم يكن له منافسا ولا شريكا لشغل منصب رئاسة الجبهة، وقبل ذلك حينما حرص الرئيس الموريتاني على توجيه تعزية رسمية لقيادة هذه الجبهة إثر وفاة رئيس الجبهة السابق الذي نجحت الوفاة أخيرا في إزاحته عن منصب الرئاسة الذي خلد فيه طيلة أكثر من أربعين سنة، حينما تقوم السلطات الموريتانية بكل هذا فإنها تضيع الجهد و الوقت على نفسها، لأن المغاربة لا يقبلون الابتزاز، ولا المتاجرة في هذه القضية.
بقلم // عبد الله البقالي مدير النشر بجريدة العلم المغربية