ذهب زبد إلغاء الشيوخ جفاء واستمر السادة الشيوخ يصولون ويجولون ، يجوبون مقاطعات الوطن ويستمتعون بخريف منعش وهادئ .. ويمارسون تعددية اجتماعية خاصة ، فهم متواجدون اجتماعيا بقوة القانون والعرف في مناطق شتى من البلاد .. وحيثما حلوا ينتعش "الحلال الاجتماعي" بكل أوجهه وذلك في حد ذاته مثل ويمثل ديمقراطية ومنعا لشيوع الفاحشة .. فجزاهم الله خيرا.
ويبدو أن فكرة حل مجلس الشيوخ لم تصمد ولم تكن مسوغاتها كافية ، فالمجلس ليس أبهظ المؤسسات الدستورية كلفة وإن كان أكثرها تمثيلا لموريتانيا الأعماق ، وأكثرها تجسيدا للتعددية ، وأكثرها تمكينا من توسيع دائرة التمثيل الشعبي التي هي احدى أثافي الديمقراطية.
وعلى أية حال فالعبرة ليست في الهياكل الدستورية بقدر ما هي في ممارسة الحكامة التشاركية المتوازنة بين كل السلط ، فغير بعيد من الشيوخ توجد غرفة الجمعية الوطنية التي لم تقترح قط أي نص تشريعي رغم أن دورها هو التشريع بل هي في الواقع غرفة صخب وتسجيل تكثر أحيانا من الجعجعة ولم تقدم أي طحين .. ففي النهاية ترتفع الأصابع وتشرئب الأعناق موافقة على كل شيء.
التراجع عن قرار استفتاء إلغاء مجلس الشيوخ رجوع إلى الحق ولا عيب فيه فالرجوع إلى الحق أحق لكن إجراء مراجعات مؤلمة ووضع آليات عملية لتجديد المؤسسات ومنحها صلاحياتها الدستورية بعيدا عن تغول السلطة التنفيذية أمور حيوية لا تتحمل التأجيل.
فديناميكية الالغاء يجب أن تحل محلها ديناميكية التجديد والتفعيل تكريسا لجوهر التمثيل الشعبي.
وفي انتظار ذلك هنئيا للسادة الشيوخ بما هم منغمسون فيه من استجمام وأشياء أخرى.
نقلا عن صفحة المدون عبد الله محمدو على الفيسبوك https://www.facebook.com/dedehmed