في موريتانيا بإمكانك أن تنتحل كل الصفات، فالأمي ينتحل صورة العالم وانتحال صورة الفقيه موضة اعلامية ومثله التنابز بألقاب العمادة والشاعرية والنجومية والخطابة والطب.. هنالك من انتحل و"ألف" أو "لفق" كتبا في الأدب والثقافة والفلك والفن ودبج صفحاتها الأخيرة بسير ذاتية مضحكة وأجر أقلاما لتقديمه في لبوسه الجديد.. وهنالك من انتحل مهنا دون أن يمارسها قط..
آخر الصرعات هو انتحال الصفات العلمية والشهادات وعمادات المعاهد والمؤسسات العلمية، ومنهم من ألف في السير وفي كل شيء دون أن يكون ملما بأي شيء.. فالواحدة من نسائنا البارعات في التلون تتحول من بائعة هوى بمستوي أقل من الإبتدائي إلي محجبة بصفات علمية على المقياس.. والواحد من رجالنا "التبتابه" يتحول من مشعوذ إلي ولي أو فقيه أو رجل أعمال.. والممارسات كثيرة في كل الاتجاهات.. كل شيء قابل للإنتحال.. هنالك انتحال الجمال والأناقة.. وانتحال الوجاهة.. وانتحال الشهادات.. وانتحال الرتب.. وانتحال الوظائف.. وانتحال الصفات.. كل الصفات.. وحبل الانتحال موضوع على الغرب لمن هب ودب.. لا معايير ولا محددات.. كله انفلات.. لا مقاييس.. ولا حماية لأية ملكية فكرية مهما كان نوعها.. الإنتحال أشاع الانحراف بين الجميع.. هانت الأمور.. وهزلت القيم.. ولا رادع.
كم شاعر لم يقل شعرا.. وكم جنرال لم يسمع عن ساحات الوغي.. وكم مغنية نجمة لم تطرب نفسها قط.. وكم فقيه لا يجيد فروض عينه.. تحولت الشهادات إلي ديكورات تقتني وتعلق.. ضاعت الملكيات الفكرية وغابت المرجعيات الأكاديمية.. أصبحت موريتانيا فعلا بلاد المليون منتحل ومنتحلة.. والبقية تأتي.
عبد الله محمدو