اجتمعت الصحافة الموريتانية في 11 من شهر يوليو المنصرم علي مائدة واحدة من أجل نقاش وتدارس سبل إصلاح و"تنقية" قطاع الصحافة في البلد، وهي فرصة كان ينشدها كل ممتهن لصاحبة الجلالة منذ فترة ليست بالقصيرة من أجل إنقاذ قطاع أصبح ملاذا لكل من هب ودب...
واجتمع القائمون والمشاركون على منتديات الصحافة بعد أن رمت الحكومة الكرة في مرمى الروابط و الهيئات والتجمعات والاتحادات الصحفية من أجل رسم ملامح إصلاح قطاع الصحافة المنشود...
ولنا أن نقول إن منتديات الصحافة أو الأيام التشاورية شكلت فرصة ثمينة بنسبة لنا كممتهني صاحبة الجلالة،و بعثت في أنفاسنا التفاؤل والارتياح في إيجاد حلول لمشاكل حقل ظل يرزح تحت وطأتها خلال السنوات الماضية، وأن تسهم مخرجات المنتديات في السير نحو المأسسة الصحفية و تطبيقها ، و فرض اتفاقيات الشغل الجماعي للعاملين في مؤسسات الإعلام الحر(عقود عمل)، و وضع ميثاق شرف جامع مانع للصحافة(يمنع المس من عرض رئيس الجمهورية ،انتهاك خصوصية أعراض الأشخاص)، و الاعتناء بالصحفيين الشباب في المؤسسات الإعلامية الحرة وفرض حقوقهم وواجباتهم، و وضع معايير شفافة للحصول على البطاقة الصحفية، وفتح كلية أو معهد للاتصال والصحافة في بلادنا العزيز، و- إيضا – المطالبة بتوفير 2 مليار أوقية كدعم عمومي للصحافة، وبتحويل الصحافة المكتوبة "الورقية والالكترونية" إلى مجلس أعلى للصحافة وبإشراك الصحفيين الشباب فيه،وإلغاء الوصاية علي الصحافة من لدن الوزارة، وكذا إلي زيادة الاعتناء بالتكوين لأن التكوين أساس النجاح والتوفيق في العمل الصحفي،وبتفعيل وتوسيع دور "الهابا" ، والتقييد بأدبيات وأخلاقيات المهنة الصحفية..
ونأمل أن تطبق الحكومة الموريتانية مخرجات منتديات الصحافة بعد أن أصبحت الكرة الآن في مرمها إثر إجماع الروابط والنقابات والهيئات والتجمعات والاتحادات الصحفية على السير بالقطاع نحو الإصلاح من خلال عقد منتديات عامة شارك فيها أكثر من 1000 صحفي، وكذلك نأمل بالخروج بقطاعنا من حالته الفوضوية وما يطبعها من تجاوزات مخلة بالمهنية ومواثيق الشرف من أجل ضمان حرية الصحافة والدفاع عنها.
وهنا نتذكر أن التوجه الرسمي بإعطاء حرية الصحافة والتعبير وإلغاء عقوبة الحبس في قضايا النشر والصحافة، مثل فلسفة وليس مجرد قرار للاستهلاك المحلي والدولي.
وقد كان هذا التوجه المنطلق والأرضية لفتح الباب واسعا أمام ممتهني الصحافة ومحبي (هواة) مهنة المتاعب وجنود صاحبة الجلالة، من أجل صحافة وطنية ومهنية واعية بدورها كسلطة رابعة ومهمتها في توصيل الخبر والمعلومة الصحيحة لصناع القرار وإعطائه الصورة كاملة وبدون زيادة أو نقصان في تجسيد حقيقي لمهمة ورسالة نبيلة وتحمل للمسؤولية اتجاه الوطن والمواطن الذي يتوق لأن تكون الوسيلة الإعلامية صوته ومنبره.
بيد أنه بانعقاد مجلس الوزراء المؤرخ بيوم 22يوليو من عام 2011- تحت رئاسة فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز - القاضي بإعطاء الصحافة كامل حرياتها والسماح للصحافة بمزاولة مهامها على الشكل الذي يرضيها، الشيء الذي من شأنه أن يسهم في الرفع من المستوى الثقافي المهني عند بعض الصحفيين.
و ما زال المستوى المهني- حسب أهل الاختصاص- ضعيفا جدا عند بعض الصحفيين حيث نجد منهم من يضع القذف والسب والشتم والبهتان في إطار حرية الصحافة، وهو ما نجده اليوم منتشرا في أوساط معظم الصحفيين حيث أصبح القذف والنيل من أعراض الناس ديدنا ونهجا واضحا لأقلام مأجورة أو مستأجرة تبحث لنفسها عن موطئ قدم في قلة من المهنية والمصداقية.
إن المشاهد لحال الصحافة الموريتانية يدرك تمام الإدراك ما أصبحت تتمتع به الصحافة من حرية، بعد أن كانت مكبوتة ومضيقا عليها، وخير دليل على حرية الصحافة ما تضمنته التقارير الدولية المقيمة لوضعية الصحافة وحريتها في موريتانيا(تقرير منظمة "مراسلون بلا حدود" ليس ببعيد)، والتي وضعت موريتانيا في أعلى القائمة العربية، كل هذا يرجع إلى الحرص الذي توليه السلطات العليا برئاسة فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز لحرية الصحافة كونها دعامة ومكسبا من مكاسب الديمقراطية، فقد شهدت البلاد في السنوات الأخيرة طفرة تنموية وتحولا كبيرا في مجال حرية الصحافة والإعلام ، وهو ما يحتم على الجميع استغلال جو الحرية بشكل صحيح وسليم وإيجابي، و يحتم علي الجميع الفخر بأن الدولة ممثلة في شخص رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز حريص كل الحرص على تجسيد وحماية حرية التعبير والصحافة، بيد أنه يجب أن يكون الصحفي مسؤولا، فلا معنى لأي حرية بلا مسؤولية مع ضرورة التحلي بالضوابط المهنية وأخلاقيات المهنة الصحفية..
خلاصة الكلام أن مشاركة أكثر من 1000 مشارك في المنتديات شكلت فرصة للنقاش و التشاور وتدارس سبل إصلاح و"تنقية" قطاع الصحافة المنشود في البلاد،بعد سنوات من تحرير الفضاء السمعي البصري، ويمكن القول بإن منتديات الصحافة وضعت الكرة في مرمى الحكومة ،فهل تكون علي قدر المسؤولية؟وأين مخرجات وتوصيات منتديات الصحافة من التطبيق؟
بقلم: عبد الرزاق سيدي محمد