أظهرت مشاورات أجراها أقطاب منتدى المعارضة الموريتانية أمس وجود خلافات لم تكن في الحسبان بين اتجاهين أحدهما رافض للحوار ويقوده حزب تكتل القوى الديموقراطية بزعامة أحمد ولد داداه الرئيس الدوري للمنتدى، والثاني يدفع باتجاه حوار بضمانات ويقوده محمد ولد مولود رئيس حزب اتحاد قوى التقدم.
وحسب مصادر مقربة من هذا الملف فإن صف الحمائم يضم على الخصوص إسلاميي التجمع الوطني للإصلاح، فيما يضم الصف الرافض أحزابا وهيئات نقابية.
وذكرت صحيفة «السراج» المستقلة أمس «أن عبدالرحمن ولد أمين نائب رئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية هدد بانسحاب التكتل من منتدى الديمقراطية والوحدة، ما لم يوقف المنتدى مشاوراته حول الحوار إلى حين عودة رئيس التكتل أحمد ولد داداه الذي يوجد في ساحل العاج وسيطا بين أطراف حزب الجبهة الشعبية الإيفواري».
وكان المنتدى قد أوفد اثنين من قادته للحوار مع قياديي تكتل القوى الديمقراطية حول الحوار مع النظام، وهي المهمة التي باءت بالفشل، حسبما أكدته الصحيفة.
وتنبأ موقع زهرة شنقيط المحسوب على الإسلاميين أمس «أن يستقيل رئيس تكتل القوى الديمقراطية المعارض أحمد ولد داداه من قيادة المنتدي، نهاية الأسبوع الجاري، اذا فشلت المساعي القائمة حاليا من أجل اقناعه بالعدول عن موقفه الرافض للحوار».
وأكدت زهرة شنقيط نقلا عن مصادرها «أن المنتدى يعيش أزمة سياسية حادة بفعل مواقف حزب التكتل الرافضة للحوار، رغم نفيه العلني لعرقلة الجهود المبذولة من كل الأطراف، لكن الأيام الأخيرة كانت كافية لوضع حد للتعايش الحذر بين مكونات المنتدى، بعد تدهور العلاقة بين حزبين من أحزابه البارزة.»
وأشارت مصادر زهرة شنقيط، إلى «أن علاقة الرئيس أحمد ولد داداه رئيس حزب التكتل والرئيس محمد ولد مولود رئيس حزب قوى التقدم تشهد حاليا أسوأ مراحلها حيث يدفع كل واحد منهما باتجاه مسار مغاير لما يريده الآخر».
ورجحت مصادر شنقيط «أن يكون يوم الخميس المقبل يوم حسم للعلاقة بين قادة المنتدى ورئيسه أحمد ولد داداه، وان كانت أغلبية التقديرات تشير إلى قرب استقالته من المنتدى لترك الساحة لمن هو مقتنع بالمسار الحالي».
ويعارض ولد داداه، حسب زهرة شنقيط، إجراء حوار جديد مع السلطة، معتبرا أن التجارب الماضية غير مشجعة، وأنه لن يخدع مرة ثانية من طرف الرئيس محمد ولد عبدالعزيز.
وفي هذه الأثناء أكد سليمان ولد محمد فال المسؤول الإعلامي في حزب تكتل القوى الديمقراطية في تصريح لوكالة الطوارئ الموريتانية المستقلة «أن حزبه طالب في اجتماع للأقطاب السياسية المشكلة للمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، المنعقد أول أمس، بضرورة توقيف الاتصالات كافة مع السلطة بمختلف مستوياتها، حتى عودة أحمد ولد داداه رئيس حزب التكتل والرئيس الدوري للمنتدى الذي يوجد الآن في ساحل العاج».
وأوضح سليمان «أن أقطاب المنتدى وافقوا بالإجماع على طلب حزب التكتل دون أي تحفظ، نافيا بشدة «أن يكون التكتل قد هدد بالانسحاب من المنتدى إذا لم يستجب لطلبه».
وقال سليمان «إن حزب التكتل يحرص كل الحرص على وحدة منتدى المعارضة وتماسكه سواء شارك في الحوار أو قاطعه، وهو الحرص الذي لمسه حزبه لدى الأقطاب كافة المشكلة للمنتدى».
وفيما تتفاعل هذه العناصر تؤكد مصادر مقربة من الملف «أن المشاورات السرية متواصلة بين الحكومة وأطراف معتدلة في المعارضة للاتفاق على صيغة لإجراء الحوار وعلى الحد الأدنى للنتائج التي ترضي الطرفين قبل فتح الحوار بصيغته المعلنة».
وأكد مصدر مقرب من المنتدى أن «أقطاب المعارضة متفقون على عريضة المطالب والشروط التي قدمت للحكومة، لكنهم مختلفون حول الضمانات التي ستؤمن تنفيذ ما سيتمخض عنه الحوار المرتقب».
وبينما يرى حمائم المنتدى المعارض أن رقابة الرأي العام الوطني كافية كضمان لتنفيذ مخرجات الحوار، يشترط صقور المنتدى رقابة دولية على مجريات الحوار لسببين أولهما أن رقابة الرأي العام المحلي غير كافية والثانية أن الحوار الوحيد الذي نجح بين نظام ولد عبدالعزيز ومعارضيه كان الحوار الذي جرى تحت مظلة دولية وتمخض عن اتفاق داكار في يونيو/ حزيران 2009.
ويقترح الصقور، كضمان للحوار، مشاركة ممثلين من حجم مهم لهيئات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاشتراكية الدولية ومنظمة الفرانكفونية الدولية والاتحاد الأفريقي والتعاون الإسلامي.
وترفض الحكومة رقابة الهيئات الدولية وتعتبر أن رقابتها للحوار دليل على أزمة كبيرة لا وجود لها على أرض الواقع.
ويرى مراقبون لهذا الشأن «أن هدف الرئيس محمد ولد عبدالعزيز من الحوار ليس الحوار ذاته وإنما تفكيك منتدى المعارضة، حيث أن الرئيس ومستشاريه مقتنعون بأن منتدى المعارضة لا يمكن أن يتفق على الحوار ولا على شروطه ومخرجاته».
ويجزم هؤلاء المراقبون بأن منتدى المعارضة قد يقرر فتح الباب أمام أقطابه ليتخذ كل طرف قراره؛ وسيؤدي ذلك لانقسام المنتدى بين محاورين ومقاطعين وهو ما سبق أن شهدته الساحة الموريتانية مرات عدة.
نقلا عن القدس العربي -