حققت موريتانيا نجاحا كبيرا على صعيد دعم الاستثمار الخصوصي في عام 2015–2016 بتقدمها 8 درجات في الترتيب العالمي لجودة مناخ ممارسة الأعمال، وذلك بفضل الإصلاحات الكبيرة التي تم اتخاذها في العام الماضي.
وأوضح يحى ولد حدمين الوزير الأول الموريتاني في خطابه الأخير حول السياسة العامة للحكومة أن هذه الإصلاحات أهلت البلد لاحتلال المرتبة الخامسة ضمن المراتب العشر الأولى للدول الأكثر حيوية ونشاطا في مجال إصلاحات مناخ الأعمال.
وأضاف أن الحكومة ستواصل تفعيل الاستراتيجيات التي بدأ تنفيذها في العام الماضي كالإستراتيجية الوطنية لمحاربة الرشوة وإستراتيجية ترقية القطاع الخاص وإستراتيجية تعبئة التمويلات لصالح المشاريع التنموية.
ولقد عززت السلطات الموريتانية سياسة الصرامة وتنويع الاقتصاد الوطني وعملت على توطيد المكاسب المحققة وفتحِ ورشاتٍ جديدة للمحافظة على التوازنات الاقتصادية الكبرى وزيادة الاستثمارات ومواصلة جهود ترشيد نفقات الدولة.
وفي هذا الصدد، وانطلاقا من التقييم النهائي لخطط العمل الخماسية الثلاث للإطار الاستراتيجي لمحاربة الفقر للفترة 2001-2015، واعتمادا على نتائج الإحصاء العام الرابع للسكان والمساكن والمسح الدائم لظروف معيشة الأسر 2014، تم وضع خارطة طريق لإعداد استراتيجية النمو السريع والازدهار المتقاسم للفترة 2016- 2030.
وانتهجت الحكومة الموريتانية سياسات صارمة لتحقيق نسب نمو مرتفعة تمكن من تقليص الفقر ومحاربة البطالة بفعالية، ما مكن من تخفيف آثار الصدمة الخارجية المتمثلة في تدهور أسعار المواد المعدنية.
ويقدر معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في عام 2015 بنسبة 3,1 في المائة، أي حوالي 4,2 في المائة خارج الصناعات الاستخراجية، ويُتوقع خلال عام 2016 أن يصل معدل النمو الاقتصادي بالقيم الحقيقية 5,2 في المائة نتيجة أساسا لانتعاش قطاع البناء والأشغال العامة وفرع استخراج الخامات المعدنية بعد دخول مشروع "القلب 2" مرحلة الاستغلال، والتي سترفع إنتاج الشركة الوطنية للصناعة والمعادن (سنـيم) من الحديد إلى 16 مليون طن بدلا من 13 مليون طن خلال سنة 2015.
وتم التحكم في معدل التضخم السنوي الذي بلغ خلال 12 شهرا الأخيرة 1,1 في المائة مقارنة مع معدل 3,5 في المائة خلال عام 2014، وذلك بفضل السياسات الاقتصادية والنقدية المتبعة وارتفاع مستوى الإنتاج المحلي من الحبوب، وجرى التركيز على تنمية البني التحتية المهيكلة، لاسيما النقل والطاقة وتقنيات الإعلام والاتصال من جهة، وعلى الاستغلال الأمثل لمصادر النمو التي تمثلها القطاعات الإنتاجية وقطاعات الخدمات من جهة أخرى.
وعلى صعيد تعبئة الموارد الضرورية، وقعت موريتانيا ما يربو على 20 اتفاقية تمويل مع شركاء التنمية بقيمة إجمالية تتجاوز 109 مليارات أوقية خصصت لقطاعات حيوية كالتنمية الحيوانية والصيد والزراعة والأمن الغذائي والطاقة والحماية الاجتماعية والحكامة والبيئة، وتم وضع برنامج للاستثمار العمومي وإطارِ للنفقات متوسط المدى (2016-2018)، وذلك تعزيزا لأدوات برمجة ومتابعة الاستثمارات طبقا للأهداف التنموية والاستراتيجيات القطاعية.
وفي مجال المعادن، تم إعطاء أهمية خاصة لترقية المقدِّرات الجيولوجية والمعدنية الوطنية من خلال إطلاق مشروع توسعة "القلب2" العملاق بكلفة تقدر بحوالي 924 مليون دولار أمريكي، والذي من شأنه أن يزيد إنتاج شركة "سنيم" من خامات الحديد الجيدة بنحو 30 في المائة ويخلق نحو 946 فرصة عمل جديدة، كما منحت مناطق تنقيب ترويجية جديدة في بعض الولايات للكشف عن المؤشرات المنجمية وبعث اهتمام الفاعلين المنجمين بها، وأصدر المزيد من رخص التنقيب عن المعادن وجددت رخص سابقة.
ويبلغ عدد الفاعلين المنجمين الموجودين في موريتانيا قرابة ال 100 بينما يناهز عدد رخص التنقيب 139 رخصة ممنوحة ونحو 200 قيد الدراسة. وستتواصل وتتعزز جهود ترقية المقدرات الجيولوجية والمنجمية للبلاد من خلال تنظيم الدورة الرابعة لمؤتمر الموريتانيد في الشهر القادم، إضافة إلى المشاركة في المؤتمرات المنجمية الإقليمية والدولية وتنظيم المعارض والأيام التحسيسية.
وعلى صعيد آخر، عكفت الحكومة الموريتانية على تشجيع تنمية منسجمة لقطاع الصيد البحري من شأنها ضمان حماية الثروة وزيادة عائداتها ودمجها الكامل في الاقتصاد الوطني، وحظيت المحافظة على الموارد البحرية وتنويعها بعناية خاصة عن طريق ترقية البحوث المحيطية والاستصلاح المستدام للمصائد وتطوير تربية الأسماك والصيد القاري، ومكنت الجهود المبذولة من تحقيق نتائج معتبرة في مختلف المجالات، إذ بلغت إيرادات هذا القطاع في النصف الأول من 2015، وبصرف النظر عن الإيرادات الجمركية 11,92 مليار أوقية، ما يمثل زيادة بنسبة 35 في المائة مقارنة مع نفس الفترة من 2014.
وبلغت صادرات المنتجات الخاضعة للتفريغ والمسوَّقة من قبل الشركة الموريتانية لتسويق الأسماك 39,6 ألف طن بقيمة 125,46 مليون دولار أمريكي خلال النصف الأول من العام الجاري مقابل 34,06 ألف طن و112,57 مليون دولار أمريكي لنفس الفترة من العام الماضي، ما يمثل زيادة بنسبة 16,30 في المائة من حيث الكمية و 11,45 في المائة من حيث القيمة.
وعلى الصعيد المؤسسي، صادقت الحكومة في 26 فبراير 2015 على استراتيجية جديدة للصيد تهدف إلى تأمين حماية أفضل للموارد البحرية للبلد وتحقيق اندماج أكبر للقطاع في الاقتصاد الوطني، كما صادقت على مدونة جديدة للصيد ،وأصدرت النصوص التطبيقية الضابطة لأنظمة الاستغلال سعيا إلى تحسين آليات الولوج إلى الموارد وإصلاح حقوق النفاذ والجباية، فضلا عن تنظيم فروع الصيد وتجديد الأساطيل الوطنية.
وتعززت الجهود الرامية إلى رفع مساهمة القطاع في سياسة الأمن الغذائي، حيث تم تنظيم عملية توزيع الأسماك لتشمل 14 ولاية في البلاد، وبلغت الكميات الموزعة مجانا أو بسعر رمزي (لا يتجاوز50 أوقية للكيلوغرام) 3625 طنا، على أن تعمم هذه العملية على كافة البلاد.
وفي مجال التشغيل، يوفر قطاع الصيد حاليا 43000 فرصة عمل مباشرة في مختلف الشعب، إضافة إلى 12000 فرصة عمل أخرى غير مباشرة، في حين تم إنتاج عشر بواخر سلمت لعاطلين عن العمل في إطار مشروع بناء 100 باخرة.
وقامت موريتانيا بتخفيف الضغط على مصائد الأخطبوط عن طريق توجيه جزء من مجهود الاصطياد إلى مصائد أخرى كجراد البحر والصيد السطحي.
وتواصلت أشغال إعادة تأهيل سوق السمك بنواكشوط لتلبية طلب التفريغ المتزايد، فيما استكملت دراسات إنشاء مرسى اندغم" للصيد التقليدي والشاطئي الذي سيمكن من تنمية نشاط الصيد في المنطقة الجنوبية.
وفي الوقت ذاته قامت الحكومة الموريتانية بمساع حثيثة لإطلاق مشروع بناء ميناء للصيد والتجارة في المياه العميقة على مستوى "انجاكو" واكتملت أشغال توسعة ميناء الصيد التقليدي بنواذيبو بتكلفة 11 مليون يورو، كما عزز خفر السواحل الاضطلاع بمهام الرقابة على امتداد المنطقة البحرية" الموريتانية.
وبفضل سياسة تشجيع واستقطاب الاستثمارات، بدأ اهتمام المستثمرين يتجه للفرص المتاحة في المنطقتين الجنوبية والوسطى وعلى مستوى كل من "تانيت" ونواكشوط والقطب التنموي عند الكيلومتر 28 جنوب نواكشوط.
ومن جهة أخرى، تم التوقيع في نواكشوط في يوليو 2015 على بروتوكول اتفاق جديد مع الاتحاد الأوروبي، تمكنت موريتانيا بموجبه من الحصول على مكاسب معتبرة، خاصة فيما يتعلق بالمحافظة على مناطق الصيد السطحي وتخصيص مناطق للصيد التقليدي وإلزامية التفريغ بالنسبة لجميع سفن صيد الأعماق وتأمين مراقبة أفضل للكميات والأنواع المصطادة، وضمان إيرادات إجمالية للخزينة تبلغ 100 مليون يورو، فضلا عن مبلغ آخر لدعم القطاع وتخصيص نسبة 60 في المائة من الطواقم على متن الأساطيل الأوروبية للبحارة الموريتانيين.
وفي المجال الزراعي، تمت إعادة تأهيل 223 هكتارا في "بير البركة" و250 هكتارا في "وامبو" و60 في المائة من مزارع "امبوريه" و"بكمون" و"داخلة تيكان" و70 في المائة من أصل 800 هكتار في فم لقليته بولاية كوركول، والبدء في إجراءات إعادة تأهيل مزرعة مقامة 3 (776 هكتارا)، بالإضافة إلى توسيع مزارع "كوراي"و"جاكيلي"و"مويسمو" بولاية كيديماغه، وإنجاز 40 في المائة من الاستصلاح المائي الزراعي على مساحة 3262 هكتارا.
وستعمل الحكومة الموريتانية على استكمال الدراسات المتعلقة باستصلاح 9000 هكتار جديدة من الأراضي الزراعية وبتنمية المناطق الرطبة والقيام بالأشغال اللازمة لتقوية الحواجز المائية في العديد من الولايات وتنظيف أحواض سدود عديدة من الحشائش، وشق قناة بطول 55 كيلومترا لري 16000 هكتار في منطقة آفطوط الساحلي بمقاطعة "كرمسين"، وإنجاز خمس شبكات ري تجريبية في كل من "يغرف"، "بوتلميت"، "لودي"، "العوجه"و"انبيكة الأحواش" ومواصلة أشغال صيانة المحاور المائية وفك العزلة عن مناطق الإنتاج.
ويجري وضع اللمسات الأخيرة على الدراسات المتعلقة بإنجاز 12 سدا جديدا منها 5 سدود كبيرة وإعادة تأهيل السدود القائمة التي تحتاج لذلك، إضافة إلى إنشاء 20 عتبة مبطنة لتدفق المياه، لضمان إعادة شحن الخزانات الجوفية، وذلك في ولايات الحوضين، العصابة، البراكنة، تكانت، كيديماغهوآدرار.
وعلى صعيد آخر، تمت حماية 9380 هكتارا بتسييج أكثر من 180 كيلومترا من المزارع إضافة إلى تسييج أكثر من 18 كيلومترا من المزارع خلف السدود وتوفير السياج للمزارعين في الولايات الزراعية الرعوية. وتعززت جهود تنمية زراعة القمح والأرز ودعم زراعة الخضراوات، إذ رفعت المساحة الإجمالية المزروعة من القمح إلى3656 هكتارا 1900 هكتار منها في المناطق المطرية، بينما وصل الإنتاج إلى 8930 طنا بمعدل إنتاجية أعلى قدره 4,6 طن للهكتار.
وستتواصل هذه الجهود باستثمار 5000 هكتار 3000 منها في القطاع المروي و2000 في القطاع الفيضي، مع توفير الأسمدة والبذور المحسنة.
أما بالنسبة للأرز فقد بلغت المساحة الإجمالية المزروعة منه 57104 هكتارات خلال الحملة الزراعية 2014-2015، 34791 هكتارا منها في الحملة الخريفية و22313 هكتارا في الحملة الصيفية، في حين وصل إجمالي الإنتاج خلال الحملتين 293219 طنا من الأرز الخام، أي بمعدل مردودية قدره 5,13 طن للهكتار.
ويغطي هذا الإنتاج ما يناهز 80 في المائة من حاجات البلد من هذه المادة.
وأكد الوزير الأول الموريتاني أن الزراعة على مستوى الواحات ستحظى بعناية خاصة من خلال حفر الآبار وبناء السدود وغرس بساتين النخيل وتثمين إنتاج التمور.
وعلى صعيد التنمية الحيوانية، عملت الحكومة الموريتانية على تصور وتنفيذ سياسة متبصرة ترتكز على استراتيجية قوامها تنمية الشُّعَب و تحسين أداء منظومة الصحة الحيوانية وبناء الحظائر وتحسين إجراءات تموين السوق بالأدوية البيطرية وتعزيز قدرات الفاعلين بشكل عام، وتم التركيز على تنويع وتحويل المنتجات الفرعية بإنشاء مصنع للألبان بمدينة النعمة، وتوقيع اتفاقية إنشاء مصنع آخر للألبان بمدينة بوكي وإنشاء ثلاثة مسالخ جهوية بمدن روصو وألاك وكيفه و34 حظيرة تطعيم في الولايات الزراعية الرعوية.
ومن جهة أخرى، تم توفير 30000 طن من الأعلاف داخل البلاد تباع بسعر مدعوم بنسبة 50 في المائة من سعر التكلفة، ومن أجل تحسين الإنتاجية، تم إنشاء ست مزارع أبقار تعمل على تلقيح الأبقار صناعيا.