يخيم شبح حوار عجيب على المشهد السياسي الموريتاني، فرغم أن كل الأطراف الافتراضية المتحاورة لم تعرف بعد ولم تحدد ماهية الحوار ولا أهدافه، ولا قيامه من عدمه، فقد أثمر شبحه تأجيلا، قطعيا لتجديد ثلثي مجلس الشيوخ إلي أجل غير مسمى، وأبطل مفعول مراسيم استدعاء هيئة ناخبي الشيوخ، وأوقف الصراعات التي كانت ملتهبة لاختيار المرشحين، وأوقف حملات استباقية قام بها فاعلون محليون وصلت حد احتجاز مجموعات من المستشارين البلديين في دوائرهم وتنظيم رحلات استجمامية قسرية لآخرين كان يتوقع لها أن تستمر حتي ساعات التصويت، وأدي القرار إلي انهيار بورصة شراء المستشارين البلديين، فبعد أن وصل سعر المستشار البلدي في الدوائر المهمة مليوني أوقية فاتح فبراير هبط مساء الأربعاء 4 فبراير 2015 إلي مائتي ألف أوقية واغلق السماسرة هواتفهم بعد أن انخفض الطلب رغم ارتفاع العرض.
لكن الناس في الموالاة والمعارضة لم يفهموا القرار، ولم يقنع تبرير وزير الداخلية خلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي الذي اقتصر على جملة مقتضبة مفادها أن التأجيل تم تحضيرا للحوار.. كذلك استغرب الناس إقصاء اللجنة المستقلة للإنتخابات من موضوع التأجيل رغم ضلوعها في التحضير.
ويعتقد بعض المراقبين أن الحوار تحول إلي فزاعة يعلق عليها كل شيء وأن منبع تأجيل تجديد الشيوخ هو خروج الرئيس في إجازة وحرصه على أن يبقي الوضع على حاله في انتظار اتضاح الصورة، وعدم اتخاذ قرار بشأن الرئيس القادم لمجلس الشيوخ المرتقب، ومسعى الجهات العليا لإرسال إشارة حسن نية للخارج أولا وللداخل ثانيا بشأن الرغبة الصادقة في الحوار وإطلاق طعم جاذب للمعارضة، فتأجيل الشيوخ لن يمكنها من المشاركة لكنه تلويح بإمكانية إعادة الانتخابات البلدية والتشريعية وبعدها الرئاسية.
مهما تكن مسوغات الحوار والتأجيل وطبيعة علاقتهما الغير بدهية فإن النظام نجح نجاحا استباقيا في تحويل الحوار إلي فزاعة ستعلق عليها استحقاقات كثيرة لكنها ستنوء بالأثقال إذا لم تتشابك الإرادات للإبقاء عليها.
محمد عبد الله محمدو